![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
|||
|
|||
![]()
العشَاءُ السِّرّيُّ قبلَ الصَلْبِ
![]() سؤال: كيف أعطى السيد المسيح للتلاميذ العشاء السري قبل الصلب٬ لأن العشاء هو نفسه ذبيحة الصليب لغفران الخطايا؟ الجواب: في الحقيقة بالنسبة للمسيح كواضع السر لأول مرة٬ وفي نفس الوقت يقول: خُذوا كلوا هذا هو جسدي الذي يُكسَر عنكم٬ هنا الذي يُكسر تعني الذي سيُكسر عنكم لمغفرة الخطايا٬ أو الذي يُكسر دائمًا٬ بلغة الحاضر والمستقبل٬ يُكسر تعني يُكسر باستمرار٬ لم يقُل الذي كُسِر٬ لأنه لم يكن قد كُسِر٬الذي يُكسر باستمرار في الحاضر وفي المستقبل٬ فالمسيح هو المعطي في كل من الحالتين٬ قبل الصلب وقبل القيامة٬ أو بعد الصلب وبعد القيامة٬ فهو واضع السر وهو مؤسس السر٬ وكان لا بُد في هذا اليوم بالذات أن يُقدِّم هذا السر كبديل عن الفصح٬ لأنه كان في مجال تقديم الفصح٬ قدَّم الفصح وختم هذا الفصح القديم٬ وأعطي البديل عن هذا الفصح٬ وهو العشاء الربّاني. ولذلك عمل المسيح في الحقيقة ثلاث عمليات في هذا اليوم٬ أولاً عمل الفصح القديم٬ثم غسل الأرجل٬ ثم العشاء السّرّي... وغسل الأرجل دلالة وإشارة إلي بدء العهد الجديد في المعمودية٬ولذلك قال "الذي قد اغتسَل٬ ليس له حاجة إلا إلى غسل رجليه٬ بل هو طاهر كله. ولهذا السبب٬ أن في طقس اللقان في يوم الخميس العهد٬ تجد تعبيرات الكنيسة عن خميس العهد ليست مجرد النظر إليه كفضيلة غسْل أرجل٬ هذه التعبيرات لو تأملتوها٬ تجدوا أن الكنيسة ترى فيها أكثر من أن تكون فضيلة غسل أرجل٬ إنما تشير إلى المعمودية٬ ولا بُد أن الكنيسة رأت في غسل المسيح لأرجل التلاميذ تعميدًا لهم بيده٬لأن التعبيرات أقوى من أن تكون مجرد فضيلة مثل واحد يغسل للضيف رجليه٬ لدرجة أن هذه التعبيرات تسمّي هذا سرًّا٬ فتعطيها لقبًا أو تعبيرًا طقسيًا أنه سِرٌّ. فغسل الأرجل ليس مجرد غسيل عادي٬ لأن كلام المسيح معناه أن هذا الغسل تم فيه تطهير٬ ليس مجرد غسل رجلين كفضيلة روحية٬ أو كما قال أنا غسلت أرجلكم ينبغي أن يغسل بعضكم أرجل بعض كرمز للتواضع٬ نعم فيها التواضع٬ لكن فيها أقوى من التواضع٬وأقوى من الدلالة الروحية ومن الفضيلة نفسها٬ فيها كلمة التطهير٬ فطبعًا لأن هذا العمل تم بيد المسيح٬ فكون المسيح يلمس أرجل تلاميذه ويغسلها٬ هذا شيء رأت فيه الكنيسة أنه أجمل وأعمق من أن تكون فضيلة غسل أرجل٬ إنما رأت فيها تطهيرًا للتلاميذ٬ ولذلك رأت فيها إرهاصًا (إثباتًا) للمعمودية أو رأت فيها تعميدًا من المسيح لتلاميذه٬ ولذلك طقوس الصلوات فيها كلام عن المعمودية أو فيها إشارة واضحة إلى أن هذا تعميد٬ وأيضا إلى أن هذا سِرّ. وبعد ذلك قدم العشاء الرباني٬ فالمسيح تمّم الفصح القديم أولاً٬ ختم عليه٬ وبعد ذلك قام عن العشاء وغسل الأرجل٬ وائتزر بمئزرة٬ هنا العشاء يُقصد به عشاء الفصح٬ بعد ذلك أخذ كأسًا٬ وأخذ خبزًا إلى آخره٬ وهذا هو العشاء الرباني. فالمسيح كان بصدد تأسيس العهد الجديد٬ ولذلك نسمّيه خميس العهد٬ فهو ليس مجرد خميس٬ ولا مجرد أن المسيح غسل فيه الأرجل٬ بل نسميه خميس العهد٬ لأن به بدأ العهد الجديد٬وكان لابد أن يتممه في ليلة آلامه٬ وبعد أن ختم العهد القديم في الفصح القديم٬ ختم هنا بمعنى أغلق عليه وأنهاه٬ وفتح العهد الجديد بدمه. ولهذا السبب٬ الكنيسة تتطلب من الرجل والمرأة يوم الزواج أن يتناولا٬ وهناك تعبيرات أنهما يتناولان مع الإكليل٬ هذا معنى جميل جدًا٬مربوط بفكرة خميس العهد٬ لأنه كان معروفًا أن الناس تقول "نأكل عيش وملح مع بعض"٬ حتى لا يخونوا بعض٬ فهنا هذا العهد على جسد الرب ودمه٬ فهنا يكون الرباط عظيمًا بين الرجل والمرأة أنهما يعيشان بالأمانة٬ لأنهما على جسد الرب ودمه كان العهد بينهما٬ فكلمة خميس العهد٬ لأن هنا عهدًا جديدًا يبدأ بسِرّ التناول أو بتأسيس سر التناول٬ سيدنا له المجد هو المؤسس للعهد الجديد٬ فأسسه على هذا الوضع بعد أن ختم العهد القديم٬ لكي يبين العلاقة بين الاثنين والرباط الذي بين الاثنين. أما كونه يسلمه قبل الصلب أو بعده؟ هذا لايفرق بالنسبة للسيد المسيح٬ لأنه هو المعطي٬ وهو الذي يقول وهو الذي يأمر٬ عندما يقول خذوا كلوا هذا هو جسدي٬ يكون هذا هو جسده مباشرة٬ المسألة لا تنتظر بالنسبة للسيد المسيح الارتباط بالقيامة أو عدم الارتباط بالقيامة٬ قد يكون هذا بالنسبة لنا نحن٬ لذلك الكهنة في العهد الجديد بدأ عملهم بعد قيامة المسيح٬ لكن المسيح نفسه باعتباره هو المعطي وهو العطية٬ هو واهب الخبز وهو الخبز نفسه٬وهو موجود٬ فسواء أكان قبل القيامة أو بعد القيامة ليس لها بالنسبة للمسيح فرق٬ بل بالعكس كونه أنجزها في الليلة التي أعطى فيها الفصح القديم٬ أو بعد أن ختم الفصح القديم٬ تكون أكثر قوة وأكثر فاعلية. الأمر الثاني كما يبدو لي٬ أن الربط ما بين تسليم المسيح جسده ودمه٬ وما بين الآلام المُقبِل عليها٬ الحقيقة الإنسان عندما يرفع عقله روحيًا يشعر بأن عبارة المسيح عبارة مؤثرة٬ وأنا أحسب أن المسيح وهو يقول هذا الكلام٬ كان يقوله وهو حزين٬ كما قال "نفسي حزينة حتى الموت"٬ ففي ليلة الآلام عندما يقول "خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور من أجلكم"٬ وفي نفس الوقت في ذهنه هذه الآلام٬ وهو داخل فيها ومُقبِل عليها٬ وكما قال الكتاب "خرج يسوع وهو عالم بكل ما يأتي عليه"٬ فأنا أريدكم أن تتأملوا بأفكاركم٬ وتذوقوا معنى الكلمة في الجو الذي قيل فيه٬ - خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور من أجلكم - تأملوها في جوها الحقيقي الطبيعي الذي قيلت فيه٬ إذن هي مربوطة بالجو الحزين المؤلم الذي كان يختم على التلاميذ في العلية في ذلك الوقت٬ عندما يقول "خذوا كلوا هذا هو جسدي المكسور لأجلكم"٬ من غير المعقول أنه كان هناك تهليل٬ إنما كان هناك حزن٬ونفس الكتاب المقدس قال "إنهم كانوا متذمرين وهم يسمعون هذا الكلام". الشيء الثاني عندما يقول "خذوا اشربوا هذا هو دمي الذي يُسفَك من أجلكم" هنا علاقة بين الألم والكأس٬ حتى في قوله لتلميذيه يعقوب ويوحنا "أما كأسي فتشربانها٬ وبالصبغة التي أصطبغ بها أنا تصطبغان". وهنا يقصد كأس الألم٬فهنا توجد علاقة روحية ومناخيّة وسياقية٬ بين الكلمة "خذوا كلوا هذا هو جسدي" وبين الجو الذي كان فيه التلاميذ والمسيح نفسه في هذا الوقت. وأيضًا "خذوا اشربوا هذا هو دمي الذي يسفك عنكم" فطبعًا عندما يسلم هذا الجسد في نفس وقت الآلام٬ أفضل مما لو سلمه بعد القيامة٬ لأنه سيضيع المعنى من الألم المقصود هنا. ولهذا السبب٬ أن هذه العبارة أوردها بولس الرسول في رسالته إلى كورنثوس٬ عندما قال "كلما أكلتم من هذا الخبز٬ وشربتم من كأس الرب٬ تخبرون بموته وبقيامته٬ ونحن نقول "بموتك يارب نبشر إلى آخره..." فهنا الربط ما بين التناول والألم٬ فكون أنه يقدم هذا السر في ليلة الآلام٬ فهذا أكثر منطقية٬ أن يكون مربوطًا بالآلام أكثر مما يكون مربوطًا بعد أن يقوم من بين الأموات. مثلث الرحمات الأنبا غريغوريوس. أسقف الدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي. |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|