![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]()
الشركة مع روما ونشأة البطريركية الكلدانية
بقلم الأب هاني عيسى 1 - الكنيسة الكلدانية الكنيسة الكلدانية هي بالاساس، كنيسة ما بين النهرين، اطلق عليها اسم "كنيسة المشرق" نسبة الى ما ورد بالانجيل "متى 1:2-2"، وحسب التقليد المتناقل فان المجوس اتوا من بلاد الكلدان حيث اشتهروا بالحكمة وعلم الفلك، فكلمة "الكلدان" تعني الكشف او التجلي. ان تسمية الكلدان اطلقت لأول مرة على المسيحيين المشرقيين عام 1445 من قبل البابا اوجين الرابع عند انضمام كنيسة قبرص النسطورية برئاسة المتروبوليت طيموثاوس الى الكنيسة الكاثوليكية حيث اراد البابا ان يميز ابناء الكنيسة المتكثلكة بلقب يذكرهم بأمجاد الملوك المجوس، منذ ذلك التاريخ، عُرفت الكنيسة المشرقية المتحدة بروما بالكنيسة الكلدانية. دخلت المسيحية بلاد ما بين النهرين منذ فجرها، ورد اسم بين النهرين في سفر اعمال الرسل الفصل الثاني، والاعتقاد السائد ان المسيحية دخلت على يد مار توما الرسول ثم تابع رسالته الى الهند، وترك القديس ادي والقديس ماري ليكملوا الرسالة في بلاد ما بين النهرين وهما اللذان وضعا اسس الليتورجيا لكنيسة المشرق ولا زال القداس المشرقي معروف باسمهما مار ادي ومار ماري، ويُعد من اقدم الانافورات في الكنيسة ولا زال ساري الاستعمال في كنيستنا حتى اليوم. 2 - اسباب ونتائج قضية الشركة مع روما اعتنقت كنيسة المشرق المذهب النسطوري، بالرغم من انه لم تقع اي صدامات مباشرة بينها وبين كنيسة الغرب ورئيسها الحبر الروماني بابا روما، الا ان ظرفا خاصا دفعت بها الى اعتناق المذهب النسطوري، هكذا عرفت هذه الكنيسة منذ القرن السادس بالكنيسة النسطورية او كنيسة فارس. أ - خلفيات الاحداث نلخص اعمق مفاهيم الاحداث التي اسفرت عن انشطار كنيسة المشرق الى "نسطورية" "آشورية" و"كاثوليكية" "كلدانية" لا بد اوةلا من السؤال، لماذا انشطرت كنيسة المشرق؟ هناك اسباب دعت الى هذا الانشطار، ليست هذه الاسباب نتيجة عن رغبة في الوحدة مع روما من قبل كنيسة المشرق كهدف مباشر على الاقل، كما تظهره الوثائق والمعطيات. فمنذ خلافة الجاثليق البطريرك مار طيماثوس الثاني (1318 – 1332)، اصبحت الرئاسة العليا لكنيسة المشرق وراثية، اذا اختير خلفا له مار دنحا الثاني _1332 – 1360) وهو من اقاربه، ثم شمعون الثاني، فالثالث، حتى تبوأ الكرسي البطريركي شمعون الرابع الباصيدي (1437 – 1476) الذي اراد حصر رئاسة البطريركية بعائلتهن بتوريثها لابن الاخ الاكبر. هذه الاجراءات تتنافى مع القوانين العديدة التي شرعتها مجامع كنيسة المشرق، وأكدت عليها مرارا، اي انها تمنع الرؤساء من استغلال مواقعهم لصالح ذويهم او مريديهم. هذا التجاوز ادى الى ان البطاركة (الشمعونيون) حاولوا حصر رئاسات الابرشيات ايضا ضمن افراد عائلاتهم، الى حد اهمال ملئ الكراسي الشارغرة ورسامة مطارين بعمر 12 و15 سنة، هذه الاسباب الداخلية اضعفت الكنيسة المشرقية من الداخل اما الاسباب الخارجية التي سببتها الحروب والنكبات والاضطهادات بسبب التقلبات السياسية التي شهدتها مناطق تواجدهم بين ارجاء الدولة الفارسية والمغول والاتراك العثمانيين الذين احتلوا بغداد في 1534، من خلال هذا دخلت كنيسة المشرق انحسارات كثيرة خارجية وداخلية بعد انتشار وصل الى التبت والصين والهند. ب - الانتفاضة كل هذه الاسباب دفعت الى قيام رد فعل كبير اي "انتفاضة" تزعمها ثلاث اساقفة: اسقف اربيل وسلامس واذربيجان، ايضا كهنة وعلمانيون. عقدوا اجتماعا في الجزيرة في مطلع 1552 ثم اجتماع عام في الموصل حضره وفود من بغداد وكركوك والجزيرة وتبريز ونصيبين وماردين وآمد (ديار بكر) وحصن كيفا، واختاروا رئيس دير الربان هرمز، يوحنا سولاقا، فأرسل الى روما في اذار 1552، يرافقه 70 شخصا من كنسيين وعلمانيين. سئل سولاقا عن هويته وغرض مجيئه، وقد اكتشفت الدوائر الرومانية انه من اتباع النسطورية وبالنسبة لروماهي هرطقة، فكان لا بد لسولاقا ان يشرح معتقده ويصحح ما لا يتماشى مع المعتقد الكاثوليكي الروماني، لكي يقوم بابا روما برسامته ومنحه التثبيت، لذلك تمت رسامته وتثبيته واعلانه بطريركا في مجمع عقده البابا يوليوس الثالث في 28 نيسان 1553 باسم يوحنا وهكذا كانت اول كنيسة شرقية تتحد بروما بصورة رسمية. ج - نشاط شهيد الاتحاد وما بعده لدى عودة البطريرك الجديد مار يوحنا سولاقا الى بلاده جعل مقره مدينة آمد (ديار بكر) وباشر بتنظيم جماعته الكاثوليكية برسامة 5 اساقفة من آمد والجزيرة وماردين وسعرت وحصن كيفا، مثبتا بذلك مركزه، الا ان البطريرك شمعون دنحا حرض الامير التركي ضد البطريرك يوحنا سولاقا في العمادية، حيث القي القبض عليه وقتل عام 1555، فكان اول شهيد للاتحاد، رغم هذا لم يتمكن البطريرك شمعون دنحا من جمع شمل الطائفة كلها تحت سلطانه، ويبقى الفرع الكاثوليكي منفصلا عنه. خلف سولاقا مطران الجزيرة مار عبد يشوع الرابع مارون (1555 – 1567). قصد روما ليجدد صورة ايمانه الكاثوليكي امام البابا بيوس الرابع وشارك هذا البطريرك بأعمال الدورة الاخيرة للمجمع التريدنتيني، ومن بعده البطريرك يولاها الخامس (1578 – 1580). وبعد عدة انتقالات للكرسي البطريركي بين آمد وسعرت الى اورميا واذربيجان، ثم جاء البطاركة اليوسفين وبعدهم استمرت سلسلة البطاركة الكلدان الكاثوليك الى يومنا هذا. 3 - اصلاح ام اتحاد؟ سؤال يطرح نفسه امامنا، ما هو هدف ارسال سولاقا الى روما؟ هل هو اتحاد ام اصلاح؟ ان الدراسات والوثائق بينت ان لجوء الاساقفة الى روما كان من اجل رسامة بطريرك وتبرير عملهم بطريقة وصورة شرعية، لكن الاوساط الرومانية حولت هذا الغرض الى عملية وحدوية لكون كنيسة روما آنذاك تعد النسطورية هرطقة كما اسلفنا، ولم يكن شركة بينهما، لذا جاءت زيارة سولاقا اقرارا لما تعترف به الكنيسة الرومانية، ولم تكن هذه العملية سوى عملية اصلاح داخلية، وكانت استعانتهم بروما بغية الوصول الى موقف ضد الامور المتعثرة داخل الكنيسة المشرقية، فهي عملية انقاذ في صالح كنيسة المشرق التي كانت تحت وطأة مشاكل لا حصر لها. فان ايا من الاساقفة متزعمي الحركة لم يفصل نفسه، انما جميعهم اختاروا شخصا محايدا، لم يكن مجتمعا معهم، هو شخص فاضل، رئيس دير الربان هرمز، فغايتهم لم تهدف الا الى الاصلاح وهمّهم كان الحصول على اب ورئيس صالح لكنيستهم وما لجوئهم الى روما الا لتأخذ الرسامة البطريركية صيغة شرعية، وهذا واضح في رسائلهم الى روما. واذا شئنا التبسيط في عرض هذه الامور التاريخية بصفحات موجزة عن قضية الاتحاد او الشركة مع روما ونشأة البطريركية الكلدانية، لا يبقى الا ان نقول ان كنيسة المشرق ليست طائفية او قومية او سياسية انما هي تحمل صفة الرسولية اي اصلها من رسل المسيح وهي جامعة شاملة لكل الشعوب. المصادر: 1 – بيداويد روفائيل (البطريرك)، "كنيسة الكلدان"، المنارة، العدد 1 و2 ص 177 – 188 2 – أبونا البير (الأب)، تأريخ الكنيسة السريانية الشرقية، الجزء 3، دار المشرق، بيروت ط1، 1993. 3 – حبي يوسف (الأب)، "معنى الشركة والوحدة في عهد مار يوحنا سولاقا"، نجم الشرق، العدد 23، ص 370 – 377. 4 – حبي يوسف (الأب)، "مجامع كنيسة المشرق"، الكسليك، لبنان، 1999. Published: 2006-04-11
|
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|