Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الثقافي > المنبر الحر ومنبر الأقليات

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-05-2007, 08:44 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,207
افتراضي بَلَغَت الدماءُ الثُنَن": المسيحييون العراقييون يواجهون تحديات صعبة

بَلَغَت الدماءُ الثُنَن": المسيحييون العراقييون يواجهون تحديات صعبة


بقلم الدكتور داود كوركيس - عن عنكاوا


لم يَعِدْ الصمتُ ممكناً، فالشر في العراق يتفاقمُ يوماً بعد يوم وقد طال هذا الشر البشر والحيوان، الأرض والضرع، طال التاريخ والهوية، طال التراث والثقافة، طال الأثنيات والأديان والمذاهب بشكلٍ يندى له الجبين.

مع تفاقم الشر اصبح كلُ شئٍ مستباحُ في عراق اليوم دون إستثناء، ودرجة الأستباحة هذه آخذةُ بالتصاعد لا سيما إذا كان المعني بالأستباحة فردُ او فئة أثنية او دينية، خاصة تلك الّتي تفتقد كلياً الى الحماية. هذا هو حال الأقليات الدينية الغير المسلمة في عراق اليوم من مسيحيين وصابئة مندائيين وإيزيديين، الّذين يعيشون اليوم احلك الفترات ضمن هذا الفلتان الّذي يعصف بالعراق ولا احدُ يعرف كيف سيصير الأمر فيه!

فكل يوم تتناقلُ الأنباء اخياراً مقلقة عنْ وضع الأقليات الدينية والأثنية، فتارة تشتدُّ على المسيحيين في مختلف مناطق العراق الوسطى والجنوبية وتارة اخرى على الصابئة المندائيين وثالثة على الأيزيديين. وها هي الأنباء الأخيرة الواردة من مناظق مختلفة من العاصمة بغداد تتحدّث عنْ صولات وجولات العصابات الأرهابية من كل لون واتجاه تهددُ المسيحيين في وجودهم وعقيدتهم وحياتهم وعليهم انْ يختاروا بين امور عديدة واحدها امرُّ من الأخر: فأمّا انْ يشهروا إسلامهم ليسلموا وإمّا انْ يدفعوا الجزية كذميين أو انْ يتركوا ارض الأباء والأجداد-العراق- لكي ينجوا بحياتهم.

أليس هذا شراً يريد زرعه أفاقوا التاريخ ومجرميه، شرُ يرادُ به ارجاع العراق الى عصور الظلام والتخلّف؟ أليس شراً انْ تجبر الأخر على ترك دينه ومعتقده الّذي وُلِد عليه وترعرع على طقوسه وتقاليده؟ بالمقابل هلْ يَقَبَلْ هؤلاء الأشرار على أنْ يُرْغِموا على ترك دينهم ومعتقدهم، إنْ كان لهم دينُ ومعتقد؟ أم إنّهم قدْ نَصّبوا مِنْ أنْفُسِهِم الجهة الّتي تمتلك "الحق" الشرّاني في تحديد دين المرء ومتقده.

أليس هذا شراً ما بعده شر في أنْ يُعْتَبَرْ المسيحي ذُمّيُّ لذا عليه أنْ يدفع الجزية إلى هؤلاء البرابرة؟ ومفهوم الذمي هو مواطن من الدرجة الثانية او الثالثة وهكذا نزولاً في السلّم الأجتماعي كتحقيراً مقصوداً له الغرض منه النيل من مكانته إذْ هو، والحالة هذه، لا يستطيع انْ يتدرّج في السلّم الأجتماعي والوظيفي. هلْ يعقل المرء إعتبار المسيحييون ذميّون ومواطنون غرباء في بلدهم الّذي بنوا حضارته وكتبوا تاريخه وابدعوا ثقافته وحددوا ملامح هويته الوطنية عبر مراحل التاريخ بدءاً من سومر ومروراً باكد واشور وبابل والعصر العباسي الذي انبروا لبناء مؤسساسته الثقافية والعلمية والفكرية وانتهاءاً بالعراق الحديث حيث كانوا ولا زالوا وسيكونون نسغه الأجتماعي والثقافي والروحي والمدني وليس هناك من يستطيع انْ ينكر ذلك إلاّ الشخص العَدَمي وبدون هذا النسغ سيجف العراق حتماً وهذا ما يريده هؤلاء الأشرار.
مَنْ هو الذمي إذن؟ إنّهم الأشرار الأرهابيون أنفسهم، فهم دخلاء وغرباء على ارض العراق الطيبة وكما يقول المثل الشعبي العراق "همْ نِزلْ وهم يدبّج فوك السطح".

أليس مدعاة للسخرية في أنْ يأتي الأرهاب وفلوله ليضعوا المسيحيين وكل العراقيين الشرفاء امام هذا الأمتحان في ارضهم وتاريخهم وشواهدهم وحضارتهم وثقافتهم من خلال إجبارهم على ترك بلادهم؟ أيّة مفارقة هذه وفي هذا الزمن الردئ، زمن التخلّف، زمن إلغاء الأخر فكراً ووجوداً لمجرّد إنّه مختلف عنه في المعتقد؟!.

إنّه الشر الّذي يعصف بنسيج العراق الأثني والديني، والّذي تشكّل عِبر مراحل تاريخية طويلة قبل وبعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة. وألاّ ماذا يُمْكِنْ أنْ نسمّي هذا التطاول الوقح على وطنية المسيحيين العراقيين والشك في اخلاصهم وتفانيهم لوطنهم الأم قبل انْ يكون وطناً للأخرين وجعل ذلك ذريعة لشن الحرب عليهم بهذه الشراسة وهذه الخسة والجبن. هل هناك أناس اكثر إخلاصاً منهم لتربة وطنهم الّتي سقوها بدمائهم وعرقهم عِبر آلاف السنين لكي يأتي اليوم هؤلاء الغرباء ليطعنوا فيها محاولين ثلمها من خلال إتهامهم بانّ ولاء المسيحييون هو ليس للعراق وانّما للغرب ولأميركا! يا لسخف ويا لوقاحة مثل هكذا إدعاءات لا تصمد امام التاريخ والحقيقة. المسيحييون العراقيون بكل تلاوينهم الأثنية والمذهبية هم عراقيون اولاً وأخيرأً، في عروقهم تجري دماءاً سومرية، اكدية، اشورية وبابلية والّتي قام على اساسها العراق الحديث. المسيحييون العراقيون شعب شرقي في تكوينه الثقافي والروحي، وشرقيتهم، بمعناهاالثقافي والأجتماعي ضاربة في عمق تفكيرهم وتكوينهم الروحي لذا فهم والغرب من جهة وأميركا من الجهة الأخرى على طرفي نقيض. لكن هذا لا يعني انهم غير منفتحون على الفكر والثقافة والعلوم القادمة من الغرب واميركا، على العكس هم مؤمنون انّ كل ذلك ما هو إلاّ انجاز للفكر الأنساني الّذي هم جزءُ منه وهو بالتالي ملك للأنسانية جمعاء بالضبط كما فعلوا هم يوماً حينما بنوا اول حضارة وانتجوا اول ثقافة واخترعوا الكتابة وقدموها للعالم لأنهم كانوا ولا زالوا يؤمنون بأنّ لا احد يحتكر نتاجات الفكر الأنساني ، فهذا الفكر لا حدود جغرافية او قومية او دينية له. اما من الناحية السياسية فليس للمسيحيين العراقيين ذنبُ فيما آلتْ اليه الأمور في العراق وليس هم من جلبوا الجيوش الأميركية او الغربية اليه، لذا فمن العار انْ توجّه اليهم مثل هكذا تهم باطلة غايتها النيل من وطنيتهم واخلاصهم لتكون ذريعة لتصفيتهم.

المحيّر في الأمر، وامام هذا الشر الّذي يهدد النسيج العراقي كلّه، هو انّ الحكومة العراقية والقوى السياسية والدينية وبالأخص منها الأسلامية، شيعية كانتْ ام سنيّة، لم تفعل ما هو مطلوب منها ان تفعله لحد الآن وهي المسؤولة اخلاقياً ووطنياً ودينياً تجاه جزء مهم من شعبهم يتعرض لخطر الزوال. فقد تمّ إخلاء المدن الجنوبية تقريباً من المسيحيين والصابئة المندائيين حيث تركوا ممتلكاتهم ومنازلهم وفروا هاربين اما الى شمال العراق او تركوا ارض الأباء والأجداد ميمنين وجوهم شطر ارض الله الواسعة متحملين المشقات والمصاعب علهم يصلون الى بقعة ارض في بلاد غير بلادهم تأويهم وتقدم لهم المساعدة بعد ان لم يجدوا الحماية في بلدهم. نعم الحكومة لم تحرّك ساكناً ولم نرى من المرجعيات الدينية الشيعية والسنية استنكاراً لهذا العمل البربري. نعم كانت لمبادرة السيد السيستاني في تحمل المرجعية مسؤولية اعادة اعمار الكنائس الّتي دمرها الأرهاب وقعها الطيب، لكننا نعتقد إنّ ذلك لم يكن كافياً، فما الفائدة من كنائس، كأبنية فقط، دون روادها الّذين يستطيعون انْ يعموها للصلاة واقامة الشعائر بكل حرية؟.

ايها العراقيون، عرباً كنتم أم كرداً ام تركمان، لقد عشتم مع المسيحيين العراقيين مئات من السنين متحابين متأخيين ومتألفين، اريد ان اخاطبكم اقول لكم: هل ستغضون الطرف عنْ هذا الشر؟ هلْ ستديرون ظهوركم عنه؟ هل بامكانكم تصور عراق بدون مسيحييه بكل اطيافهم الأثنية والمذهبية؟ هل انتم مدركون بأنّ خلو العراق قسراً منهم سيحوله الى ارض يباب تنعدم فيها الحياة كما هي معدومة في دول اخرى عصف بها شر الأرهاب.

إذا سكتم عما يجري في العراق بحق المسيحيين، ونرجو انْ لا يحدث ذلك، فانّ لا حياة لكم انتم ايضاً لأنني اعرف، وانا ابن هذا البلد وابن ثقافته الكلية الّتي افتخر بالأنتماء اليها والّتي لا اجد مبرراً لوجودي الحضاري والثقافي والأنساني خارجها، بانّ قسماً كبير منكم، إنْ لم القسم الساحق، لا يريدون العيش في ثكنة طالبانية ارهابية تعيدكم الى الماضي قروناً حيث التخلف والجهل وهناك شواهد حية في العديد من مناطق العراق حيث اُقيمت مثل هكذا امارات طالبانية تنعدم فيها الحضارة وحقوق الأنسان فهل هذا ما تصبون اليه؟ اجيبوني إنْ كنتم صادقون مع انفسكم وقناعاتكم وإذا كان جوابكم برفض هذا الشر فعليكم عدم السكوت وإذا حاولتم التبرير سأكون مضطراً للقول بأن مثل هكذا تبرير هو سكوت عن هذا الشرإنْ لم يَكُنْ موافقة ضمنية عليه.

الشر يحيط بنا وهو يحاول ان يلتف حول اعناقنا رويداً رويداً ليخنقنا وليس امامنا سوى الوقوف بوجهه. فامّا انْ نكون شعباً عراقياً واحداً بكل فسيفسائه الأثني العربي والكردي والتركماني والأشوري والصابئي والأيزيدي وبتركيبته الروحية- الدينية الأسلامية والمسيحية والمندائية والأيزيدية واليهودية، إنّه صراع التحضر ضد التخلف فعلينا ان نكون مستعدون له وألاّ سيكون حالنا كحال من "بالت بينهم الثعالب".




Published: 2007-05-22
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:52 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke