عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-11-2008, 10:03 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,857
افتراضي مؤتمرُ حوارِ الأديان بين المطرقةِ و السّندان.بقلم: فؤاد زاديكه

مؤتمرُ حوارِ الأديان بين المطرقةِ و السّندان
بقلم: فؤاد زاديكه
انتهى البارحة الخميس 13\11\2008 مؤتمر حوار الأديان, الذي انعقد في نيويورك مدينة العلم و مركزِ أمم هذا الزمان. انتهى بعدما سمع العالم كلّه الخطاب الرنّان و الكلام المعسول و المنافق بشتى الألوان. كيف ينطبقُ مؤتمرُ حوار الأديان على ما يجري من نشر العنف و الكراهية في بعض البلدان التي تغرسُ في أفكار الإنسان حقّ الانتقام و تدعو إلى تهميش الآخر و إلى نبذه بنشر الأحقاد و الإضغان, بحجة أنّه كافرٌ و إبليسٌ و شيطان؟
كيف سيأتي مؤتمرٌ كهذا بثمار الأمان مهما أصدرَ من قراراتٍ و من أشكالِ البيان؟ لن يكون هذا المؤتمرُ حواراً حقيقيّاً للأديان و لن يكون انفتاحاً لأنّ بعض المشاركين يعيشون التناقضَ بين صياغة الكلام المعسولِ و بين ما يجري على ساحة الميدان, في بلدانهم ذات الانغلاق التعبان و التعصب البالي المُدان. حوارُ الأديان لن يأتي بفائدةٍ و لن يفيض بالخير في فوران لطالما تُمنعُ حريّةُ ممارسة المعتقدات فيها للإنسان, و هي تكفّرُهُ و تحبسُهُ و تسعى لقتلهِ متى غيرّ دينه في كلّ آن.
حوارُ الأديانِ كان حواراً للطرشان. وجوهٌ أمام الأضواء في لمعان و أقوالٌ تظهرُ فيها المحبّة و الحنان, لكنّ صدور بعضهم يخنقها الخوف و الوسواسُ و الأحزان إذ أنّ واقعَ شيوخها و ما يبدعونه من فنون الفتاوى في تحليل الحرام و إغضابِ الرحمن, تطلّ علينا في كلّ يومٍ و بالمجّان بأفظعِ صور الامتهان و أشكال الرذيلة و التكفير و الاحتقان و وجوبِ القتلِ لمن فقد الإيمان على حدّ زعم هذه العصابة و ما تأتيه من غباء مُدان. هل الإيمانُ هو في التفريقِ و في التمييز بعنصريّةِ العميان؟ و هل الإيمانُ هو التحريمُ على الغير ما هو لهم حقّ مشروعٌ و مُصان؟
ما هو الإيمان يا أصحابَ الجلالةِ و السلطان, و أنتم في بلدانكم تمنعونَ الكنائس و لا تسمحوا لها بالبنيان, و تجرّموا حملَ الأناجيلِ و الصّلبان, و تدمّروا بكلّ جبروتكم و كلّ ظلم الطغيان أساسَ الفكر المتسامح و تقطعوا شرايينَ القلب المحبّ الهيمان؟ تطالبونَ بوجوب تطبيق شرائعكم في بلاد الغرب و في بقيّة البلدان بينما أنتم في بلدانكم كالغربان لا تقبلون بذلك و تعبرونه خطراً و من المحرّماتِ و عصيان.

أينَ هي كفّةُ الرّحمةِ و أين هو عدلُ الميزان و أنتم تشتمون المسيحيين و اليهود علانيةً في المساجد و على رؤوس الأشهاد و الأعيان و تسخرون منهم و تدعون إلى قتالهم في كلّ مكان و أنتم تعتبرونهم خنازيرَ و قذرين و تصبغونهم بما يطيب لكم من مقذعِ اللفظِ و البيان؟ كيف سينجحُ مؤتمرُ حوار الأديان و أنتم تطبّقون شرائعَ همجية لا يقبلُها الحيوان؟ كيف ستثمرُ لغةُ الحوارِ و أبناؤكم في المدارس يتعلّمون آيات القرآن التي تحضُّ على العنصريّة و الكراهية و تدعو إلى المقاطعة و تأجيجِ النيران؟

أينَ هو الكلامُ الموصوفُ بجميل العبارات كلوحة فنّان, فيما واقع بلدانهم يشهدُ على فظاعةِ الطغيان, و هي تعيشُ على شريعةِ الغاب لا قوانينَ إلاّ متى خدمتِ السلطان, و أنتم في قلوبكم نيرانُ حقدٍ همجيّ جبان؟ كيف سينجحُ مؤتمرُ حوارُ الأديان و أجهزتكم المعنيّة تسمح بنشر الآلاف من مواقع الدعارة و الإباحية و المجون و الفلتان و تحجبُ مانعةً القنوات الدينية الأخرى أو المواقع التي تطالب بالحرية و الانفتاح و الشعور بقيمة الإنسان؟ كيف سينجحُ مؤتمرُ حوار الأديان و فيكم مَنْ يعملُ ليلَ نهار على محاربة الآخر كما عمل أسلافُه في سابقِ الأزمان؟ كيف سيحقق هذا المؤتمر الأمان و أكثر هذه الأنظمة موّلت الإرهاب و لا تزال تحضّ على الجهاد الذي يتعارض مع شريعة الله و مع واقع الإنسان؟

لن ينجحَ مؤتمرُ حوار الأديان و سيبقى البعضُ غارقينَ في جهلٍ و في جهالةِ الأطيان, و هم يحملون في رؤوسهم و عقولهم و صدورهم من الكراهية أطنان.

أيّها الأحبّةُ المشاركون كونوا شجعان, و اعترفوا بالحقيقة و التي هي واقع الخذلان. لا تزوّروا ما يصيرُ في هذه الأيام في مصرَ و الموصل و غيرها من بلاد العربان من قتل و تهجير المسيحيين و إذلالهم بكلّ الامكان. انظروا إلى ما يجري في الجزائر من أحكام ظالمة بحقّ المتنصرّين و العابرين إلى شطّ الأمان. غيّروا مناهجكم في المدارس و احذفوا من كتبكم آيات نصرةِ الشّر و الشيطان, تحاوروا مع الآخر بروح الحق و المصارحة و المكاشفة و الاعتراف الجريء بقلب و لسان. لا تلجئوا إلى التكفير و التخوينِ و إلى ممارسةِ سياسة القمع و الهذيان و ازدواجية في المعايير ليس لها من شأن, و أنتم تفاخرون بجرائم الأمس و تعديات سالف العصر و الأوان. أصلحوا نفوسكم من الداخل و بغيره لن يكون فلاحٌ و لا تقدّمٌ و لا عمران. أميطوا عن عقولكم الجهل و الأوهام و غادروا عالمَ النسيان, فأنتم في عالم جديدٍ فيه الحضارة و العلم و التطورُ عنوان لا الهمجيّة و الفكر الضلاليّ الخوّان. إنْ لم تُصلحوا ما بداخلكم أولاً, فإنّ ما تنادون به لن يكون أكثر من كذب و نفاق و بهتان.

مؤتمرُ حوار الأديان لن يأتي بثمرٍ و لا بنتاجٍ مُصان, ما لم يتمّ الاعتراف بحريّة المعتقد و كذلك بالحقّ في تغيير الأديان لكلّ إنسان دون عنف أو قهر أو ضغوط و بالإحسان. لا تدخلوا السلطة الدينية على الخطّ في كلّ زمان و مكان. افصلوا الدين عن الدولة فالدين لله و الوطن للإنسان. سيظلُّ حوارُ الأديانِ حبراً على الحيطان ما لم يتم التعاملُ كلٌّ مع الآخر بتوازنٍ و بعدلٍ و بمساواة على غرار ما فعله (آل نهيان) بالسماح ببناءِ الكنائس و بممارسة الشعائر بحريّة الأديان و بالاعتراف بالقساوسة و بالرّهبان و لهم يجب تقديمُ الشكرِ و الامتنان.

لقد سمعنا من بعض المنظمات الجهاديّة منشورات و بيان, تدعو إلى تحريم هذا المؤتمر و إلى عدم الإذعان, كما سمعنا مثل ذلك من دولة إيران و التي تقمع حريّة المعتقد و تجلدُ و تعدمُ المتنصرين و المرتدين خلافاً لشريعة الديّان. قال الرئيس الأمريكي بوش: إنّ الحريّة هي هبةُ الله لكلّ إنسان سواء كان رجلا أو امرأة أو طفلاً فسيّان. و قال: لا يجوزُ استخدامُ الدينِ للقتلِ و العنفِ و الإرهابِ و الطغيان. و قال: يحقّ لكلّ شخص تغيير دينه أو معتقده بلا موافقة أو إذنٍ من أيّ كان. تعلّموا دروسَ الكرامة و ساهموا في الحضارة و العمران, فحوارُ الأديان يبدأ في داخل الإنسان ثمّ يتوسّعُ على الأسرة و المجتمع و من ثم الأوطان.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس