عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-03-2008, 09:07 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,945
افتراضي رجال الدين .. بين العزلة و التسلّط ..!! سهيل أحمد بهجت

رجال الدين .. بين العزلة و التسلّط ..!!





سهيل أحمد بهجت


sohel_writer72@yahoo.com


الحوار المتمدن - العدد: 1508 - 2006 / 4 / 2

ليس من العجيب أن ترى المتخلف و الرجعي ، مصابا بداء حب الذات و "النرجسية" إلى حد تأليه الذات ، و ما نراه الآن من فشل العراقيين في تشكيل الحكومة و إقامة ديمقراطية حقيقية ، هو نتيجة طبيعية لثقافة سياسية "طائفية ـ قومية عنصرية" ، فكل جزء من المكونات الأكبر للعراق "الشيعة ـ السنة ـ الأكــراد" كل واحد من هذه القطاعات يفسر الديمقراطية حسب هواه ، و كل منهم يريد ديمقراطية تناسبه ، كالملابس تماما ، و كأن خلق دولة أمر يتعلق بالمثاليات ، فالشيعي مرعوب و خائف من "المرأة العارية" و "السافرة" و "الزواج المثلي"!! و كأن العراقيين ليس لديهم أي مشاكل و كأن كل العراقيين "ملائكة" تتهددها الديمقراطية "العارية"!! ، أما الزعماء الأكراد فهم يريدون ديمقراطية "الأذواق" و هي أن تكون الديمقراطية مفصلة على جسد "السيد الرئيس ـ عز و جل" الذي هو الحضرة المقدسة التي يجب أن لا يقربها أي عبد "آثم" فينال هذه الحضرة المقدسة المعصومة بكلمة فيها "سوء أدب" أو تجريح للسادة المسئولين "رضي الله عنهم و أرضاهم" ، أما السنة فهم لا يزالون في أبراجهم العاجية حالمين بحكم العراق و أن يروا الشيعة و الأكراد راكعين ساجدين لهذه الأقلية ذات الدم الممتاز و من ورائهم "الأمة العربية" ذات المهزلة الفاضحة .
لقد أجمعت هذه الكتل على أن تخلق العوائق في طريق الديمقراطية الحقيقية ، و هي التي يجب أن تخطو نحو "العلمانية" الكاملة ، و بدون ذلك سوف نبقى كعراقيين ، ندور في حلقة مفرغة لا مخرج منها ، و العلمانية الحقيقية التي ندعو إليها لا تعني قط "الوقوف ضد الدين" ، بل هي تمنح المتدين و الملحد و اللا أدري ، فرصة متساوية لحرية الاختيار ، ففضلا عن حرية تغيير الدين أو إنكار الدين أو العكس ، التدين و إنكار الإلحاد ، هذه الأمور ستقوي الدور الديني بدلا من إضعافه ، فمثلا ، كانت المسيحية دينا قويا قائما على الإقناع ، إلى أن حل القرن الرابع الميلادي ، بعد عام 312 م تحديدا ، عندما أعلن الإمبراطور "قسطنطين" أن المسيحية هي دين الدولة الرسمي ، تحولت المسيحية السمحة إلى لعبة بأيدي الأباطرة و الباباوات فكانت الدولة تـُكره المواطنين على عقيدة معينة بحجة أنها مسئولة عن "نقاء الدين و العقيدة" ، لكن في أواسط القرن 16 الميلادي و بفضل دعوات جون ويكليف و مارتن لوثر الألماني ، عاد الدين مسألة حرية اختيار بين الإنسان و الله .
الأمر نفسه حدث و يحدث مع الإسلام ، فالإسلام على عهد النبي و سنوات من حكم الإمام علي ، كان دين اختيار و قناعة ، لكن تبني "معاوية" و سائر الدول التالية للإسلام "الرسمي" جعل من الإسلام سلاحا ماضيا بيد السلطة الغاشمة و شهوات الحـــاكم و عصابته و ملايته ، و الأمر ذاته تكرر مع المذهب الشيعي ، الذي كان يمثل الفرصة الأخيرة للإسلام ، لو لا أن السيد الخميني أنتج نظرية "ولاية الفقيه" التي حولت الدين "السمح" إلى فلسفة شريرة تريد التدخل في كل تفاصيل الحياة بحجة "الحفاظ على إيمان الناس" ، لقد كان على الملاية الشيعة التخلص من الخيارين الخاطئين ، فلا أن يطلقوا السياسة "ثلاثا" و ينكمشوا و يتقوقعوا في أكواخهم و مساجدهم و حسينياتهم ، أو الاختيار الخاطئ الآخر ، ألا و هو "الحكم الديني" و إضاعة ثروات الشعب ـ على الطريقة السنية ـ في بناء القباب و القبور دون حياة الناس ، و كان عليهم أن يتخذوا الموقف الوسط و الواقعي و الذي يضمن مشاركتهم الطبيعية في الحكم و السياسة ، و هو المشاركة في نظام "علماني" ديمقراطي يسمح لهم بالعمل جنبا إلى جنب مع العلمانيين .
إن الملاية الشيعي ، ليس كذلك السني التابع للسلطة و الحكومة مع ملاحظة أنهم ـ أي الملاية السنة ـ تابعون للأحزاب القومية منذ سقوط البعث في العراق ، أما الملاية الشيعي ، و هو أكثر تأثيرا بالسلب و الإيجاب ، كونه ينطلق من الشعب أو الجماهير ، لكن أحيانا نرى أن أكثرية هؤلاء المعممين يتحولون ، إما لضعف الشخصية أو التشوه الثقافي ، إلى ببغاء آخر يكرر ما يردده العامة ، و أغلبيتهم جاهلون ، بدلا من أن يوجه الجماهير نحو البحث عن الحقوق و الحرية و الحياة الأفضل ، كما أن الخط الديني الشيعي قد تشوه بفعل تبني "التشيع السياسي" للمصطلحات الماركسية و الشيوعية و القومية و خلطها بالعاطفة الدينية و الخروج أحيانا بردود أفعال مضحكة و مجانبة للصواب .
مثلا نجد أن "ولاية الفقيه" تتبنى ذات المصطلحات "الإرهابية" التي تبناها "بن لادن" و "السلفية الرجعية" و العداء تجاه الآخر أصبح سمة عامة لكل ما هو مسلم ، حتى أصبحت كلمة "إسلام" مرادفة لكلمة "كراهية" ، و يا ليتنا كرهنا الظالمين ، إذا لكان ذلك رائعا و هو مطلوب ، لكن أن نكره كل ما هو غربي و مسيحي و يهودي و بوذي و ..الخ ، فذلك حقا عيب و نقص في فهم الدين ، و ما بعده من عيب ، و كمثال ـ هذا ما ردده الإعلام على الأقل ـ نجد الرفض المتتالي من قبل السيد السيستاني لاستقبال مسئولين أمريكيين و رفضه أخيرا قراءة رسالة الرئيس "جورج بوش" ، بينما استقبل وزير الخارجية الإيرانية السابق "خرازي" ، لو كان رفض سابقا بحجة عدم التعاطي في السياسة ، فلماذا يستقبل وزيرا دون آخر ؟! .
إنها لغة الكراهية لا أكثر ، على الأقل لم أجد تفسيرا أو تعليلا آخر غير هذا ، و كان عليه ، و هذا واجب كل رجل دين ، الاستجابة لكل حوار و من أي طرف كان ، الانعزال ليس حلا ، و كذلك هي ولاية الفقيه ، الحل هو نبذ العقلية القديمة و مشاركة المراجع و رجال الدين في مجتمع عــلماني و ديمـــقراطي متكامل .



__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس