عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 19-03-2013, 09:04 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,908
افتراضي


مائة سؤال و جواب للتمييز بين الخطأ و الصواب

تابع...

4_إذا كان مصدر وجود البشر واحداً، فلماذا تنوّعت المشارب و تعدّدت المذاهب؟

نعم إني مؤمن إيماناً قاطعاً، لا يقبل الجدل و لا يتخلّله أيّ شكّ بأن مصدر كلّ الحياة واحد، و أن كلّ ما في هذه الحياة من مظاهر الاختلاف و التباين، خاصة فيما له صلة بأفكار الناس و بمعتقداتهم و بقناعاتهم _ و التي تكون في أغلب الأحيان متوارثة أو مفروضة على الناس بحكم ولادتهم في أسر تحمل معتقدا دينيا أو يكون لها انتساب عرقي أو جنسي _ خلقت من أجل خير الإنسان و لم توجد لتكون وبالا عليه، كما هي الآن، و أستطيع التأكيد بأن هذا الفسيفساء الجميل يضفي بهجة على الحياة، لمن ينظر بمنظار الانفتاح الفكري و التفهّم الروحي و المنطقي لجماليات هذه الحياة، فإن هي كانت على لون واحد أو طبيعة واحدة أو فكر واحد أو انتماء واحد أو توجّه واحد، فربما كان الملل سيتخللها، و تنعدم روح المنافسة و الابداع.
الحياة تكون أكثر جمالا عندما تتعدد فيها الأفكار و وجهات النظر و تتنوّع المذاهب و الرؤى، فمن خلال تعاطي هذه الأفكار المختلفة مع بعضها البعض، و من خلال تبادل الخبرات و التجارب فيما بينها، تزداد معارف الإنسان اتّساعا، و تتعمّق لديه الخبرات فتأخذ كلّ من الأخرى و تعطيها، لهذا فإنّ في هذا التعدد جوانبَ إيجابيّة كثيرة، إن حاول الإنسان الاستفادة منها و تسخير منفعتها من أجل حياة أفضل له أولا و من ثم لغيره. لكن تعترض طريق هذا التناغم الذي من الواجب أن يكون، بعض مظاهر النشوز و سلوكيّات تعكير صفو الأجواء السلميّة السائدة، من قبل بعض الجهات أو الناس أو الفئات التي تعيش الفكر المنغلق الذي لا يؤمن بالآخر و لا يحبّ التعاطي معه، فيسقط على روح هذه العلاقة الاجتماعية و الإنسانيّة النبيلة، إسقاطات متزمّتة تدعو إلى فكر الإقصاء و إلغاء الآخر، مما يجعل فكرة أحادية القطب سائدة و بهذا تكون قد تمّت الإساءة المباشرة لروح هذه التعددية و هذا التنوّع الذي من المفترض أن ينمو و من قبل جميع الأطراف نمواً صحيحاً سليماً و معافىً، من دون أن يكدّر صفوَه شواذ مسلكي أو دعوات تقمع الفكر الحرّ، مستمدّة سلطتها و شرعيتها من مصادر ربّانيّة، يكون أمر نقدها خطيراً و فكرة رفضها مستحيلة، لأنها تسير على عكّاز الدين و تلتحي بسلط بلحى مستبدة و مطلقة لا يمكن مجاراتها أو الوقوف في وجهها، بسبب سلوكياتها الشرسة و الترهيبية المؤذية، و ما أسهل من أن تجد تربة لأفكارها في أوساط تعاني التخلف الاجتماعي و الجهل المطبق.
بكل صراحة يجب إعادة النظر في أمور اجتماعية و دينية كثيرة، بحيث نستطيع من خلال ذلك التوصل إلى خلق توازن مقبول و معقول بين العقل و النقل، أي بين العقل الإنساني و الذي هو قائد حياتنا و بين النصوص الدينية، التي لا يمكن الأخذ بها و العمل على تطبيق مضامينها، خاصة منها تلك التي تحرّض على الكراهية و تحضّ على العنصريّة و تدقّ إسفيناً في واقع حياة الناس في مجتمعاتهم التي يعيشون فيها. روح الاعتدال يمكن أن تكون عاملا على عدم حصول أي احتقان في هذه المجتمعات، إذ أنه لن يكون هناك ضامن لئلا تنفجر في أية لحظة إحدى دواعي الاحتقان مما تتسبّب في تأجيج شرارة حارقة لا تعرف نتائجها.
إن كل فكر أو دعوة إقصائية، تعصبية، عنصريّة، متزمّتة ترفض وجود الآخر إلا بالشروط التي تريدها هي، ليست مقبولة نهائياً، و سيكون من المنطقي و المؤكد أن هذه الجهة هي التي تسعى إلى انعدام التوازن في المجتمعات، من خلال تضخيم الخصوصية على حساب العام. يجب احترام خصوصية الجميع على حدٍّ سواء، فلا يجوز أن يُسمَح لهذا بأمر ما، و يُمنع عن ذاك نفس هذا الأمر، الاستئثار نتيجته غير مضمونة بل هي خطيرة على المجتمعات.
5_ ما هو سبب كراهية العرب و المسلمين لليهود؟

يظنّ تسعون بالمائة من مسلمي العالم و عربهم بأنّ سبب كراهيتهم لليهود هو قضيّة فلسطين_ المتاجر بها أصلاً من قبلهم _ إن هذه الفكرة خاطئة جملة و تفصيلا، فكراهية المسلمين لليهود بدأت مع بدء ظهور الدعوة الإسلامية، و يعرف الجميع كيف أن نبي الإسلام حارب اليهود، و قضى على قبائل يهودية قضاء مبرما،، مما يندرج تحت انتهاك حقوق الإنسان و اعتبار ذلك من جرائم الحرب. كما حارب النصارى، لأن تعاليمه التي جاء بها تدعو صراحة إلى قتالهم و قتلهم لأنهم شعوب لا يمكن الوثوق بها (و هناك آيات كثيرة تحضّ على قتالهم و قتلهم و على وجوب عدم معاشرتهم أو الاختلاط بهم ) و هي محتقرة بنظر الله و كافرة و إلى ما هنالك من ترهات و مبررات سخيفة ساقها نبي الاسلام كي يبرّر قضاءه على الشعب اليهودي، الذي كان يعيش في جزيرة العرب بأمن و سلام و تآخي مع الشعوب الأخرى، لماذا ظهرت هذه العداوة بمجرد ظهور الاسلام؟ من المؤكد أنه لم يتحدث التاريخ الذي سبق الاسلام عن عنصرية و فرز لأي شعب من شعوب الجزيرة، و كان اليهود محترمين في المجتمع و لم يكن أي تمييز بينهم و بين غيرهم. كما يحلو للمسلمين تسمية العالم الغربي بالكافر أو الصليبي أو المشرك و الخ.. من صفات تدل على روح الكراهية و العنصرية و التعصب الديني المتزمّت.
أما السبب الحقيقي لهذه الكراهية فهي أن العرب و المسلمين يعتقدون بأن اليهود نقضوا عهد الله كما أنهم نقضوا عهد نبي الإسلام _ و كل هذه مزاعم إسلامية هم خلقوها من خيالهم العنصري الإقصائي _ لهذا فإنّ الله قد لعنهم و تجب محاربتهم، كما يصوّر المسلمون و كما يروّجون في كتبهم و بين أتباعهم. و يبرّر المسلمون بكل وقاحة هذا الأمر بقولهم: إنّ محمداً دعى اليهود إلى الإسلام، فرفضوا دعوته و لم يستجيبوا لها، يا لها من جريمة يعاقب عليها قانون الإسلام و شريعته و أحكامه، أي إن دعاك أحد من المسلمين إلى التخلّي عن دين آبائك و أجدادك هكذا ببساطة و الدخول في دينه، فأنت و بمجرد أن ترفض ذلك، فأنت ملعونٌ من الله و من نبي الإسلام و فيما بعد من أمة الإسلام، هل هذا معقول أو مقبول أو منطقي؟ لكن إن لاحظنا غياب المنطق و الموضوعية في تفكير أغلب المسلمين و في ما يعتقدون به، فلا يجب أن نستغرب، فهم لا يرونه أمراً عاديّاً فحسب، بل واجباً ملزماً و ربّما جهاداً مَفروضاً، فإنْ تمّت بالسلم و حقّقت الغاية و الهدف المنشود، يكون انتهى الأمر عند هذا الحدّ. أما متى تعذرت الأمور و تعسّرت برفض أصحاب الديانات الأخرى ترك دياناتهم و الدخول في الإسلام، فإن حدّ السيف و القتل سيكون لسان الحال و الردّ على رفض هؤلاء الدخول في الإسلام _ كما رأينا في مئات الحالات في عصور الإسلام الأولى _ يا لها من عدالة و يا لها من حريات دينية و يا له من احترام لحقوق البشر! إكراه و إرغام على اعتناق ما لا رغبة أو لا إيمان به، ترافقه أعمال ترهيب و تهديد و قتل و سبي و تهجير قسري و تكفير و شتم و سبّ و لعن و إلى ما هنالك من أساليب شيطانية أخرى تغضب الله و البشرية، و تناقض أبسط الحقوق الإنسانية في العيش بحرية و كرامة و أمان.
قبائل الحارث بن كعب وكنانة وكندة وقضاعة وجذام، قبائل يهودية دخلت في الاسلام بالقوة أما القبائل اليهودية الأخرى و التي رفضت الدخول في دين الاسلام، فإن النبي محمد حاربها و أبادها أو طردها من المدينة كمركز تجمع لهم و فعل عمر بن الخطاب ذلك أيضا، و قد خرج هؤلاء إلى خيبر و من ثم إلى الشام من هذه القبائل: بنو قريظة و بني النضير و بنو القينقاع، و في معركة الخندق و غزوة خيبر و غزوة بني القينقاع، فقتلُ اليهود سِنّة مؤكدة عند رسول الإسلام "في غزوة بني قينقاع التي أعقبت غزوة بدر الكبرى، حاصر النبي -صلى الله عليه وسلم – يهود بني قينقاع في حصونهم خمس عشرة ليلة أشد الحصار حتى قذف الله في قلوبهم الرعب، ونزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم – فأمر بهم فربطوا، وكتفوا كتافاً وهيئوا للقتل (وهو حكم الرسول - صلى الله عليه وسلم – فيهم) فما زال عبد الله بن أبي بن سلول يجادل النبي عنهم حتى أخلى سبيلهم وأجلاهم عن المدينة المنورة فخرجوا بنسائهم وذراريهم إلى أذرعات[2] فما لبثوا قليلاً حتى هلكوا " هكذا يتفاخر المسلمون بالقضاء على اليهود و بهلاكهم و كأنهم حققوا معجزة أو صنعوا عملا مجيدا، يحق لهم التباهي و التفاخر به، علما أنه تخبط فكري و تفاخر أحمق عنصري يظهر مدى فرحهم و سعادتهم و هم يتحدثون عن كيفية القضاء على شعب من شعوب الله بدافع الحقد الديني و العنصرية العمياء. ما لكم و لهم؟ لكم دينكم و لهم دينهم! لماذا ترغمونهم على وجوب تخليهم عن دين آبائهم و أجدادهم؟ هل هذا هو دليل آخر على تسامح المسلمين الديني، كما يحلو لهم أن يسوّقوه كلاما فارغا من أي مضمون حقيقي، و هو يناقض ما كان يحصل بالفعل على أرض الواقع؟
طرح الأستاذ نضال نعيسة في مقال له نشر في الحوار المتمدن سؤالاً هاماً و منطقيّاً حيث سأل أصحاب الرأي و الفكر الإنساني المنفتح: "لماذا لم يبق ولا مسيحي ولا يهودي عربي فيما يعرف بجزيرة العرب إذا أردنا أن نعرج على ما يسمى بتسامح ما وثقافة إنسانية وحضارة عربية، فيما هناك الملايين من الفلسطينيين ما زالوا فيما يعرف بإسرائيل، ويحملون جنسيتها ويتمتعون بكامل حقوقهم، أو في فلسطين المحتلة حسب الخطاب والرواية العرباوية؟"
و خلاصة القول تصح في أن سبب الكره لم يكن يوماً سياسيا، بل له خلفية دينية واضحة و صري
حة. و لهذا نرى لغاية يومنا هذا تلصق المجتمعات العربية و الاسلامية صفات سيئة باليهود فاليهودي عند المسلمين شرير و طماع يحبّ المال و غير أمين إلى غير ذلك من وصفات السوء المملوءة بها قواميس المسلمين.
و في النهاية سأسمح لنفسي بطرح هذا السؤال على كل من له عقل و بصيرة و إدراك ليتأمل في كل هذا. هل كان الله جاهلا أم غافلاً بأن اليهود قوم أشرار و ملعونون, كما يصورهم محمد و قرآنه إلى أن جاء محمد فأعلمه بأخلاقهم و أحوالهم؟ أم أنه (الله) كان نائما إلى أن جاء محمد فأيقظه، ليتنبه إلى هذا الأمر و يقول في اليهود ما قيل عنهم على لسانه (لسان الله)؟ عساكم تفهمون شيئاً و هو واضحٌ لكم.و علينا ألا نستغرب حين تقوم زينب بنت الحارث و هي يهودية من بني قريظة بدس السمّ في شاة أعدتها له انتقاما منه, لما فعله من مجازر و أعمال قتل و إبادة
بربريّة و وحشيّة، و كم كنت أتمنى لو كانت قناة الجزيرة القطرية موجودة في تلك الأيام لتنقل لنا مباشرة ما كان يقوم به المسلمون من جرائم بحق اليهود و النصارى و كلّ من كان يرفض الدخول في الإسلام. و سبي و تهجير قسري و اغتصابات بحق يهود شبه جزيرة العرب و هم أبناء قومها، و بهذا تكون أنهت حياته لكنها لم تتمكن من إنهاء كراهية المسلمين لليهود أبناء أمتها، فلا تزال هذه الكراهية يتوارثها جيل مسلم عن جيل آخر و تتعمق مع مرور الزمن لتختلط بأمور و بأسباب أخرى تضاف إلى السبب الديني الأصلي بالأساس.
و خلاصة القول فإننا أمام معضلة كبيرة تتمثّل في التناقض الواضح بين ما نسمعه قولا ليّناً سهلا "لا إكراهَ في الدين" و بين ما نراه من تطبيقٍ عمليّ على أرض الواقع يؤكد فكرة "القتل من أجل الدين" و يشجّع عليها. على المسلمين أن يستقرّوا على واحدة من هاتين المقولتين، و محاولات التبرير أو الهروب من مواجهة الحقائق الدامغة باللف حولها في دائرة مغلقة، لم يعد ممكناً في عصرنا هذا و لأسباب كثيرة يعلمها كل مثقف و متحضّر و منفتح العقل و الفكر.
يتبع....
__________________
fouad.hanna@online.de


التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 19-03-2013 الساعة 10:54 AM
رد مع اقتباس