الموضوع: أحاديث عن جدتي
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-12-2007, 10:55 PM
SamiraZadieke SamiraZadieke غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 8,828
افتراضي أحاديث عن جدتي

أحاديث عن جدتي

جدتي إنسانة بسيطة حملت أنوثتها مشقة الحياة بمتاعبها فكانت كصخرة في وجه الريح أتخيل صفاء وجهها البهي ودفء حنانها وصدقها مع عملها الدؤوب لتربي عائلتها وكانت قد فقدت زوجها وهي في ريعان شبابها فناضلت وشقت وجاهدت لتربي ابنتيها (ساري و ايلي) وولدها الوحيد (ميخائيل) حيث أن ولداً آخر كان لها يسمى (حنا) مات ملدوغاً بعقربة سامة ولم ترض أن تنكس رأسها وتطلب مساعدة من أي إنسان بل كانت تقدم المساعدة والمحبة للآخرين هذه هي جدتي التي أحببتها ولن تزول محبتها من قلبي إلى الأبد وكل أطفال القرية كانوا يحبون جدتي فجيوبها كانت دائما مملوءة بالزبيب والبزر المسلوق وكلما كانت ترى طفلا كانت تملأ يديه بالزبيب والبزر المسلوق بالإضافة إلى الحنان والرفق المصوران على وجهها المشرق ..
كانت جدتي آسو تعيش في ضيعة اسمها حياكة (تبعد عن مدينة المالكية حوالي خمسة عشر كيلو مترا) ضيعة هادئة ووديعة وجميلة وطبيعة مناخها يرد الروح للجسد وكان يتخلل هذه الضيعة نهر رقراق كنا عندما نزور جدتي نذهب للنهر ونغسل وجهنا بمائه البارد والعذب ونرش الماء على بعض فنمرح ونضحك والنهر كان مقابل بيت جدتي
كم كانت جدتي نشيطة وكان بيتها بسيطا مكونا من غرفة كبيرة لها نافذتان تطلان على الشارع وبجانب هذه الغرفة مطبخ أو كنا نقول عنه بخيري بارد في الصيف ومعتدل في الشتاء ومن الجهة الأخرى من هذه الغرفة والبخيري كانت لديها ساحة كبيرة لتربية البقر والغنم والجاموس وقن للدجاج وكان للحيوانات غرف عتيقة كثيرة ومكان للعلف حيث كانت جدتي تربي هذه الحيوانات وتعتني بها وكان عندها حديقة كبيرة تبعد حوالي خمسين مترا عن بيتها تزرع فيها ما لذ وطاب من الخضروات على جميع أنواعها
وكان يومها كله عملا فكل يوم تفيق في الصباح الباكر لتحضر البقر والجاموس ليأتي الراعي ويأخذهم للمرعى منذ الصباح وقرب المساء كان يعود بهم إلى البيت وأثداهم قد امتلأت بالحليب
وكانت تنظف مكان الحيوانات ثم تقوم بتحضير الفطور وكم كان فطورها لذيذا الزبدة التي كانت هي بنفسها تعملها والجبن البلدي المتعدد الأنواع
والشاي أو الحليب الطازج وبعد الفطور كانت تقوم بتنظيف البيت وطبعا كانت أمي تساعدها لأنها كانت تستقبل بناتها كل صيف لتعمل لهم مونة الشتاء و أذكر ذات مرة أن عمي المرحوم (كبرو) والد زوجي فؤاد و الذي كان يعمل عطّارا يتجول بين القرى قدم إلى القرية و أعطاني بعض السكاكر رحمة الله عليه. كم كانت تلك الأيام حلوة ياجدتي
الرب يرحمك ويارب مكانك يكون في جنان الخلد
ذكراك هي التي ستحيا بمخيلتي إلى الأبد
أحبك ياجدتي ...
بقلم سميرة زاديكة

التعديل الأخير تم بواسطة SamiraZadieke ; 09-12-2007 الساعة 12:25 AM
رد مع اقتباس