هَجَرْنا دارَنا كانَ الفراقُ
و عانينا كأنْ صارَ الطلاقُ
فما بالمُمْكنِ المقدورِ مِنّا
بلوغَ الصّبرِ, فالصبرُ احتراقُ
و حالُ الوضعِ هذا لا يُطاقُ
بكينا لم يُفِدْ مِنّا بُكاءٌ
فذابَ القبُ يُغريهِ العناقُ.
(زالَ النّهارُ و نورٌ منكَ)[1] لم يَزُلِ يا مَنْ تكلَّلَ (بالأبهى مِنَ الحُلَلِ)
بدرٌ تألّقَ في علياءِ رِفعتِهِ
فالقلبُ أصبحَ (مثلَ الشّارِبِ الثَّمِلِ)
أوكلتُ عطفَكَ أستهوي محاسنَهُ
و القلبُ يظهرُ بالمعشوقِ مِنْ مُقَلِ
إنّي ارتَجَلْتُهُ أشعارًا و قافيةً
حتّى تباركَ (حكمُ القلبِ في الجَدَلِ).
أقبلتُ نحوَكَ بالباقي مِنَ الزّمنِ
فارْحَمْ بلُطفِكَ أحزاني, و عِشْ شجَنِي
أنتَ المُكَلَّفُ بالمَلزومِ مِنْ طلبٍ
يشفي المواجعَ مِنْ منظومةِ البَدَنِ
إنّ المقاصدَ للعشّاقِ تعلمُها
جاءتْ لتشهدَ أحكامًا على سُنَنِ
هَلّا أفَدْتَني في حكمٍ عدالتُهُ
عاشتْ تُقَدِّرُ ما للحبِّ مِنْ ثمَنِ؟
خُذْ حياةَ النّاسِ في الدّنيا سبيلَا
و اختَبِرْ أحوالَها وقتًا طويلَا
ثمّ قَيِّمْ ما تراهُ مِنْ عيوبٍ
و اجتَنِبْ من ذلكَ العيبَ الثّقيلَ
بلْ و حاوِلْ أنْ ترى وجهًا جميلًا
حيثُ يشفي النّفسَ و القلبَ العليلَ
أيْ و دَوِّنْ مُعطياتِ الحالِ هذي
في كتابٍ يشهدُ الفصلَ الجليلَ.
سماءُ اللهِ ما عنّا بعيدة
فعينُ العقلِ مِنظارٌ دقيقٌ
إذا أغمَضْنا في خوفٍ عيونًا
فإنّ الجهلَ أفعالٌ بليدة.
سماءُ اللهِ فينا قد اضاءتْ
بهاءَ النّورِ. لا ليستْ بعيدة.
سِرْبُ القَطا أوفى فأجلى كربَتي
سالتْ دموعُ الوجدِ تروي مُقلَتِي
تشتاقُها عيني و روحي, إنّها
ظلّتْ تُناجي العشقَ تشفي علّتي
قد عشتُ مِنْ دونِ اللقاءِ المُبْتَغى
تُرثي لحالِ الحزنِ دومَا عَبْرَتي
و العارفونَ العشقَ مثلي شأنُهمْ
أعياهُمُ عشقٌ كَمَنْ في ثورةِ.
صادِقًا, زِدْكَ ابتهالَا.
أيّ اختلافٍ لأفكارٍ و آراءِ
وجهٌ صحيحٌ و لا يدعو لإجراءِ
فالنّاسُ ليستء على نفسِ اتّجاهاتٍ
إنّ اختلافَ الرؤى خالٍ مِنَ الدّاءِ
لا ينبغي السّيرُ في منحى خلافاتٍ
هذا المُضِرُّ, الذي يأتي ببلواءِ
عيشوا اختلافًا و لكنْ لا خلافاتٍ
خَلُّوا احترامًا لفكرٍ دونَ إقصاءِ.
مِنْ بعيدٍ سحرُكَ الزّاهي أضاءَ
أمتعَ الدّنيا بأنوارٍ بهاءَ
لم يَقِفْ نبعُ العطاءِ الحُرِّ فَيضًا
أنعشَ الأفكارَ تسعاهُ ارتواءَ
حرفُكَ الجيّاشُ في نَبْضِ المعاني
الغُرِّ لم يسأمْ, بَلِ اختالَ انتشاءَ
أيّها المِلفانُ يا استاذَ عصرٍ
(بولسَ)[2] الآدابِ أعلَنّا الولاءَ.
يغضبُ الإنسانُ مِنْ وَقعِ الألمْ
إنْ على أعصابِهِ يومًا هجَمْ
مِنْ تَروٍّ و انتظارٍ مُحتَرَمْ
لاستطاعَ الفوزَ في مأمولِهِ
بامتصاصِ الحزنِ مِنْ قلبِ الورَمْ
ثورةُ الأعصابِ في غلوائها
إنْ هِيَ اشتدّتْ و زادتْ فالنّدم.
[1] الذي ضمن قوسين مأخوذ من شعر أبو الطيّب المتنبّي
[2] المطران مار غريغوريوس بولس بهنام ولد علم 1914 في باخديدا بالعراق و انتقل إلى جوار ربه في عام 1969