عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13-08-2006, 02:03 PM
athro athro غير متواجد حالياً
VIP
 
تاريخ التسجيل: May 2006
المشاركات: 1,746
افتراضي قصة فتاة تتزوج من مغترب

غـداً يـوم آخـر

ليس لي في كتابة هذه (الحكاية) غير نقلها عن صاحبتها كما روتها إلي، وكما عاشتها وعانت من أسبابها. واليوم وقد نزلت بيننا قادمة من تلك البلاد الباردة بعد أكثر من عقدين من الزمن.. عرفت منها وهي تحدثني بألم ومرارة.. أنها أضاعت اجمل وأبهى وأغلى سنين عمرها في بؤس وشقاء وغربة.. وتقول بلوعة واسى وحسرة ها إني قد رجعت.. خالية الوفاض خاوية اليدين، بلا زوج، بلا أولاد، وبلا.. ولكن.. ليتني بقيت، ليتني لم أرحل!.
قد يمر بنا الحب كمرور غيمة ربيع، أو قد ينغرس في أعماقنا وينصهر في ذاتنا، أو قد لا نعيشه أبداً.
ـ سكون مطبق يلف المدينة وظلام دامس يخيم عليها، وكثيرون في أسرتهم تلفّهم سكرة النوم من تعب النهار، وآخرون مثله مازالوا ساهرين ينتظرون..
دقات الساعة المنتظمة تصل إلى أذنيه هادئة لينة تجدد في نفسه الأمل وتدفع في جسده المتعب الارتياح والسكينة وحب الحياة.. إن (الدنيا) مازالت بخير بعد.. رغم الليل الطويل مازال هناك أناس ينتظرون. هكذا قال في سره.. وأضاف: (قد يطول انتظارهم أو قد يقصر، أو قد لا يكون هناك ما ينتظرونه).
منذ شهور ثلاث بلغها نبأ رحيله بعد اكثر من خمس سنوات على استشهاده هناك حيث تخوم الوطن!!. أدخلت على أثر ذلك إلى أحد المصحات وهي في حالة انهيار. إنها تتذكره الآن يوم أن قال لها وهو واقف فوق صخرة كبيرة تطل على وادٍ سحيق يحتضن بندقية أبيه:
(ما دمت أقف هنا وسلاحي بيدي وبصري يلامس الأفق البعيد، لا خوف على أشتال السّرو المغروسة في تراب هذه الأرض الطيبة الخيّرة). وتتذكر أيضاً وهو يضيف: (.. لكن سأذكر دائماً انك هاجرتِ مع اختفاء الشمس وراء هذه الصخور، وسأذكر في الليالي المعتمة كم أنا بحاجة إليك لتكوني بجانبي كما أنت الآن.. وتحملي إلي الزوادة والذخيرة مع اشتداد هبوب الريح عند الفجر، وعيناي تعكسان نجمة الصبح في بريق عينيك حين انبلاج الضوء).
بوق سيارة عابرة اخترق أحشاء الظلام ومزق هدوء الليل وصمته وأعاده من شروده. كان ما يزال واقفاً خلف النافذة وعيناه جامدتان معلقتان في سواد الليل العميق ينظر إلى بصيص آلاف النجوم وصدى همسها يتردد في أذنيه، ولكن نجمة واحدة كانت تثير اهتمامه دائماً.. نجمة الصبح التي يلمع بريقها في عينيه، تلك التي تشع في شمال الوطن.
دقات الساعة المنتظمة مازالت تصل إلى أذنيه هادئة لينة تذكره بالزمن الذي يمضي وبالوقت الذي يمضي وبعمره الذي يمضي، ويتساءل في سره: (من ذا الذي أوجد لعبة الزمن هذه التي تسير بحركة رتيبة؟..) وتمتد يده إلى شيء ما، ويرفعه محاولاً أن يقذف به الآلة اللعينة ليحطمها وغشاوة الليل في عينيه، فتدقّ الساعة وتجمد يده وتزول الغشاوة عن عينيه ويصحو من شروده وينظر إليها، إلى أرقامها الجامدة الثابتة ويحدّث نفسه:

وللقصه تتمه

عن اثرى

التعديل الأخير تم بواسطة athro ; 13-08-2006 الساعة 02:07 PM
رد مع اقتباس