عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 12-09-2022, 05:52 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,945
افتراضي الحبّ على مواقع التّواصل الإجتماعي بقلم: فؤاد زاديكى الحلقة الثّامنة من برنامج (من ص

الحبّ على مواقع التّواصل الإجتماعي

بقلم: فؤاد زاديكى
الحلقة الثّامنة من برنامج (من صميم الحياة)

لكونِ الحبّ من أسمى المشاعر الإنسانيّة وأنبلها, فلا يمكن حصره بزمان و لا بمكان وكما يحصل في الحياة العاديّة العامّة كما هو جارٍ لغاية اليوم, فإنّه يُمكن أن يحصل عبر الشبكة العنكبوتيّة بما فيها من وسائل التّواصل الإجتماعيّ المتعددة و المختلفة, حتّى أنّ هناك مواقع خاصّة تمّ فتحُها من أجل التّعارف بقصد الزّواج و يتمّ التّرويج لها بقوة و بكثافة و من المُلاحظ أنّ هناك إقبالًا كبيرًا عليها, وهي تعيش حالة نشطة في هذا المجال, إذ بات المجالُ واسِعًا ومفتوحًا ومُتاحًا للجميع كي تحصل اتّصالات و تنشأ علاقات بين أيّ إثنين يرغبان بذلك.
يحتاجُ الحبُّ إلى شخصين ناضجين فكريًّا و عقليًّا ومنسجمين روحيًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا مُهيّئين لخلق علاقة من أجل حياة مشتركة, وهنا يقفُ أحدُ الطّرفين على أحد ضفّتي شاشة الكومبيوتر بينما يقف الثّاني على الضفّة الأخرى خلال التّواصل.
هناكَ مَنْ يرفضُ هذا النّوعَ من العلاقة أو هذا الحبّ فيراه هرطقةً اجتماعيّة خلقتها التّقنيّات الحديثة وساهمت في التّرويج لها, فيما يراها آخرون أمرًا عاديًّا ممكن الحصول بحكم هذا التّطوّر الذي غزا حياة النّاس في كلّ مكان حتّى في البيوت.
أمّا السؤالُ المَطروحُ هو: هل يمكنُ أن يكونَ مثلُ هذا الحبِّ صحيحًا أو ناجِحًا؟ وهل من المنطق أن ينتهي بالزّواج؟ نُجيبُ على ذلك بالقول نعم. أجلْ إنّه ممكن وقد يكونُ حبًّا صحيحًا لأنّه تعبيرٌ عن مشاعر مشتركة, تتبلور هذه المشاعر وتأخذ طريقَها إلى النموّ والنّضوج من خلال حدوث اللقاء المباشر وبعد ذلك قد ينتهي من لحظته لعدم توافر أسباب التّفاهم و التّقارب بالانسجام وقد يتكوّن في لحظته ليتبلور مُكوِنًا أساسًا لعلاقة تتعمّق وتستمرّ لتنتهي بالزّواج والارتباط, فهل هذه الظّاهرة صحّيّة؟ أنا برأيي وبحكم التطّوّرات الحاصلة في جميع جوانب الحياة البشريّة نعم إنّها ظاهرة صحّيّة هي من واقع الحياة المُعاشة, فما نعيشه اليوم ليس كما عاشها النّاس من قبل مئات السّنين, فللتطوّر حقّه والحياة تكون للذي يتأقلم مع الواقع الجديد و يتعايش معه بكلّ ما فيه من مستجدّات. هناك مَنْ يرى في أيّ جديد ما يُقلقهُ لأنّه يخالف ما تعوّد عليه وصار عرفًا تقليديًّا عامًّا وربّما يتناقض معه كلَّ التّناقض.
لا يُستبعدُ أن يحصل كذب في هذا النّوع من العلاقة وقد يكون الصّدق, فالحب المتعارف علسيه هو الآخر يتخلله كذب, وسيكون الاختبار الحقيقيّ عند الالتقاء واللقاء المباشر وجهًا لوجه حيث المصارحة والحديث وتبادل الآراء و المواقف والتّعبير عن وجهات النّظر فيما بين الطّرفين في أمور الحياة المتعدّدة و المختلفة.
إنّ طبيعةَ الرّجل الشّرقيّ قد لا تسمحُ لهُ بقبول مثل هذا الأمر ولكنْ هل هو على صواب بذلك؟ برأيي هو ليس على صواب إذ لا يُمكن إطلاق الحكم المُسبق من خلال الظاهر قبل التجربة والاختبار, فالتّواصل والعشرة هما اللتان تقودان إلى استخلاص النتيجة سواءً كانتْ سلبًا أم إيجابًا, فلا يجوز ولأيّ اعتبار رفض مثل هذا الواقع وأقول واقع لكونه حاصل فعلًا في حياة النّاس وهو شبه يوميّ. الأحكام المسبقة ستكون مجحفة وظالمة وليست عادلة.
عَرَفنا بعضَ حالات الزّواج التي تمّت من خلال هكذا تعارف أي عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ وكانت زيجات ناجحة تكلّلت بالمحبة و بالإخلاص و الاستمراريّة وكذلك بالإنجاب حيث صارت من خلاله ولادات ممّا قوّى هذا الارتباط بين الإثنين أكثر فأكثر. لكنْ وبالمقابل يمكن أن تفشل بعض هذه العلاقات التي تمّت عبر وسائل التواصل, فالعلاقة من خلال الإنترنت مثلها مثل أي علاقة متعارف عليها يمكن أن تنجح أو تفشل, فليس بالضّرورة القول لأنّها صارت عبر الانترنت لهذا فشلت, فكثير من العلاقات الزوجية المتعارف عليها تقليديًّا فشلت وصارت حالات الطلاق لا تُحصى.
هل يُمكن ان يُولدَ الحبُّ بين إثنين بهذه الطّريقة؟ أقول نعم, ثمّ هل يمكن أن يكونَ هذا الحبُّ صحيحًا وصادقًا؟ بهذا أقول: نعم و لا. إنّ هذا يتوقّف على مدى استيعاب الطّرفين و تفهّمهما لهذا الحبّ وتعاملهما معه على نحوٍ سليم بخطوات تقوده إلى تحقيق النجاح وهو الهدف الأسمى للزواج أيّ زواج.
إنّ هذه الظّاهرة شأنها شأن غيرها من العلاقات الزوجية المتعارف عليها قد تلقى المؤيد لها والمدافع عنها, كما تلقى الرّافض لها والذي يراها منافية لأخلاق أو الأعراف أو متعارضةً مع الدّين وهذا ليس هو الأهمّ.
ندعوكم أحباءنا إلى سهرة اليوم من برنامج (من صميم الحياة) لتفيدونا بآرائكم و مقترحاتكم حول ظاهرة الحبّ عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ و بمشاركاتكم تغنى أفكارنا, و نشير إلى أن مجلس إدارة إمبراطوريّة الإنسان ستقوم بتكريم المشاركين كعادتها ونحن على أمل أن تتكثّف مشاركاتكم فتأتي غنيّة بأفكارها وافرة بمعارفها.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس