عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 28-12-2005, 02:34 PM
دكتور سهيل دكتور سهيل غير متواجد حالياً
Super-User
 
تاريخ التسجيل: Dec 2005
المشاركات: 7
افتراضي الحلقة الثانية ( قصة الوصية والسبي الأكبر لأزخ)

أخواني الأعزاء نبدء بالقسم الأول من هذه الرواية التاريخية والقسم الأول بعنوان الوصية
-----------------------------------------------
ولد الشماس أسطيفو عام ( 1770) كما جاء في كتاب ( أزخ أحداث ورجال ) وسيرة هذا الإنسان العصامي المؤمن تدور على ألسنة جميع الآزخيين حتى اليوم وقد زادت هذه السيرة تشويقاً ولمعاناً . . من خلال الحادثة القيمة والمعبرة للمشاعر الأخلاقية, التي أوصلته إلى تقليده ختم المخترة على بلدته أزخ ,وإدارة أمورها اليومية في أواخر القرن السابع عشر للميلاد, وأوائل القرن التالي, وذلك بحكمة وحنكة وشجاعة نادرة . . . فبعد وفاة زوجته ,زهد الشماس أسطيفو في دنياه ,ونذر نفسه وروحه وهناءه, لخدمة (عزرت آزخ ) لشدة إيمانه وغيرته الحارَين , على أبناء بلدته وكنيسته .
هذه الحادثة التاريخية البطولية , هي نعمة إلهية هبطت من لدنه تعالى , على الشماس السرياني الورع , لتثبت للملأ أن اللَه سبحانه وتعالى , يجرب عباده ولو بأقسى الشدائد والمحن , فأن ثبت على إيمانه , فتحت أمام ناظريه نوافذ السماء , ونال بركة خالق الأكوان ورضاه , وفاز بأسمى آيات الشهرة والمجد . .
هذا الشماس دخل بين جدران هذه التجربة المريرة , وخرج بعدها شامخ الرأس ,أبيض الكف والجبين , وحاز على بركة خالقه السماوي الحبيب , فهذه الحادثة ما كانت تصيب هذا القدر من الوصف الدقيق لو لم تحرسها عين الرب فيظهر الشماس أسطيفو قدرة علوية ,
كي يعيد الحق إلى نصابه , في زمن كانت فيه القوة والبطش والإرهاب لغة التداول المباحة بين الظالم والمظلوم .
2
ففي ظهيرة يوم من أيام الصيف الحارة , أرسل أمير الجزيرة ثلاثة رجال من محصلي الضرائب . المفروضة على آزخ آنذاك ,بأعتبار أن آزخ , كانت كغيرها من المدن المجاورة , تابعة إلى منطقة جزيرة بن عمر , وتدفع الخراج تلقائياً, إلى الأمير وبواسطة محصلين معتمدين . .
وصل هؤلاء المحصلين الأربعة إلى نبع العين القريبة من بلدة آزخ وحرارة الطقس كأنها سياط تنهمر على أجسامهم . . فشدهم جمال الطبيعة ,و أستهوتهم برودة مياه النبع ,فما كان منهم إلاَ أن خلعوا ثيابهم وقفزوا إلى مياه النبع يسبحون عراة . . . غير حاسبين حسابا لمجموعة النساء والفتيات الآزخيات ,اللواتي كن آنئذ,ينقلن جرار الماء إلى بيوتهم , وبدلاَ أن يتوارى هؤلاء الرجال ,وراء شرفهم وكرامتهم ,راحوا بكل وقاحة ونذالة وقلة شرف يوجهون إليهم كلمات نابية , وألفاظ خلاعية , ويبدون حركات زقاقية تقشعر منها الأبدان . . .
فما كان من هؤلاء النساء والفتيات , سوى الهرب باتجاه البلدة , بنفوس هلعة , وأرواح مذعورة , حيث كانت المفا جأة الوقحة شديدة جداً على أخلاقهن , وعاداتهن, وتربيتهن المسيحية الصالحة .
وفيما هن مسرعات , صادفهن الشماس أسطيفو , على مقربة من البلدة , فهاله جداً منظرهن , وقد بدت ملامح الخوف على سيمائهن , فتقدم منهن وسألهن بلهجة حنونة عمَا دهاهنَ , فقصصن عليه ما شاهدن وسمعن عند نبع العين , فطلب منهن الذهاب إلى بيوتهن , ولا يحدثن أحد عما حدث . . . ثم أسرع إلى العين , لمواجهة هؤلاء الرجال المستهزئين , وتلقينهم درساً لا ينسى. . . . وحيث وصل المكان ولم ير أحداً , تابع سيره بأتجاه بير الكك , علًه يتمكن من أقتفاء أثرهم . . وفيما هو يغز السير على الطريق الترابي الضيَق والمتعرج ,إذ به يرى ثلاثة خيول غير مسرجة , تسرح بين الحشائش والأعشاب وتحت شجرة وارفة الظلال , جلس المحصلون الثلاثة , يتحدثون ويتضاحكون بصوت عالٍ, صاح بهم :
ويلكم يا وحوش . . . كيف سوِلتكم نفوسكم الوضيعة ,على القيام بمثل هذا العمل الشنيع والمشين ؟ألا تخجلون ؟ هل هناك في الكون من يطلق نفسه عارياً في مياه النبع كما فعلتم أنتم . إن نبع الماء تسقي جميع سكان البلدة , فكيف تسبحون فيها عراة , وعلى مرأى من نساء وفتيات البلدة . . ثم تتحرشون بهنَ وبألفاظ بذيئة تشابه أفعالكم تماماً , ترى إلى هذا الحد َ وصلت بكم قلة الشرف . . وشهوة التعدي على كرامة الناس ؟
وما شأنك أنت في هذا الموضوع . . نحن أحرار . . نسبح عراة . . نتحرش . . نلوث الماء . . فنحن رجال الأمير , ولا يهمنا سواه في الدنيا كلها . . هيا , هيا , أغرب عنا قبل أن ينفذ صبرنا , فنذيقك مرَ الهوان ,
غضب الشماس أسطيفو , غضبا شديداً , حين سمع كلامهم الفج , ووقاحتهم في الأجوبة عليه , فبادرهم قائلاً: على رجال الأمير أن يكونوا مثله , قدوة في الأخلاق والشرف وأنا على يقين أنكم لستم من رجاله . . بل أنتم زمرة لصوص عليَ الآن أن أضعكم بحجمكم الطبيعي .
وبأسرع من لمح البصر , رفع ( كوباله ) وراح ينهال على رؤوسهم ضربا متلاحقا موجعاً للغاية . . ولم يترك لأحد منهم مجالاً كي يقف على قدميه ليواجهه . . وحين رأى الثلاثة يتخبطون بدمائهم وقد تلاشوا وتحَولوا إلى أكوام مترنحة , تئن تحت تأثير الأم مبرحة , وسارع إلى جمع بنادقهم وأخذها معه إلى البيت . . حيث وجد في ساحة البلدة , جمهرة من الشباب الآزخيين , تنوي مهاجمة الرجال الثلاثة , فطمأنهم الشماس أسطيفو بأنه قد لقَنهم الدرس المناسب , وطلب منهم العودة إلى بيوتهم , لترقب ردَة فعل أمير الجزيرة وما سينجم عنه .....

يتبع في الحلقة القادمة
أحبتنا القراء إذ وجد عند أحد أستفسار أو نقد أو أقتراح حول كل حلقة الرجاء الرد كي يصار الى مناقشة عامة ولكم جزيل الشكر

التعديل الأخير تم بواسطة دكتور سهيل ; 29-12-2005 الساعة 01:31 PM
رد مع اقتباس