الموضوع: القلب المذبوح
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-04-2008, 12:19 PM
الصورة الرمزية georgette
georgette georgette غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
الدولة: swizerland
المشاركات: 12,479
افتراضي القلب المذبوح

القلب المذبوح
هى خادمة ملتزمة جداً فى الحضور والتحضير . جادة الملاح لدرجة العبوس . تثور لآتفه الاسباب وتغضب لكلمات كثيرة لانها تظن أن قائلها يقصد به معنى أخر غير الذى تحويه الكلمة ...!!! أى هزار أو أى تلعيق عليها حتى وان كان تعليق بريئ هو تعليق ساخر منها لا يبغى منه قائله سوى التقليل من شانها ....!!! فشلت فى التعامل معها كما فشل الكثيرون . حاولت تغير أسلوبى معها فقد تأكدت أنها تحتاج الى معاملة خاصة . أوقفت التعليقات ومنعت الهزار واكتفيت بالسلام والسؤال عن الاحوال والقيل من الهزار والآبتسامات . وجدت تغير كبير فى المعاملة وبدأت تظهر صفات جديدة لم أكن أعرفها بجانب ما ذكرته فى البداية واليك اكتشافاتى الجديدة ....

الآنسة (.....) انسانة حساسة جداً وطيبة الى درجة كبيرة جداً وتمتاز بصوت رائع يشدو باروع الترانيم والآلحان . ولديها قدرة ممتازة على البحث والدراسة مهما كانت صعوبة الموضوع . ولكن , هناك ستار اسود خفيف تختفى ورائه تلك الشخصية . فهى كثيراً ما تتعامل مع الناس خلف هذا الستار لذلك تظهر بتلك الصورة الآولى التى كنت اراها بها . وحين تندمج فى عمل ما او فى موقف ما تنسى تماماً ذلك الستار وتخرج منه لتتعامل بطبيعتها الجميلة فتخرج هذه الروائع التى رأيتها فيما بعد . ولكنى اخذت أتسائل ما سبب هذا الستار ... ؟؟؟ العله عدم ثقة بالنفس ؟؟ وعدت أقول لماذا ؟؟ فهى تملك الكثير من مقومات الشخصية الناجحة .... أم أنها مرت بتجربة حب فاشلة .... أو ... أو ... واخيراً قررت أن أترك التفكير فى هذا الآمر فالبطبع هناك امور كثيرة لا اعرفها فلكل منا ظروفه ......

لا اقول انى نسيت الامر تماماً ولكنى اصبحت اقل أهتماماً بالآمر . ولكنى صرت على الآسلوب الجديد الذى حدثتك عنه الآكتفاء بالسلام والسؤال عن الاحوال والقيل من الهزار والآبتسامات . وصارت بنا الايام لا نلتقى الا فى أيام الخدمة وأجتماع الشباب . قد نتعاون فى تحضير شىء ما للخدمة كركن القديسين او أعداد حفلة بمناسبة النجاح أشياء كهذه ووسط كل عمل أعمله أجد نفسى أتعامل مع الشخصيتين حتى اصبح هذا بالنسبة لى شىء عادى لا أتضايق منه مثلما يحدث مع الكثير من الخدام الموجودين معنا . فى الآسبوع الماضى ذهبت مع الخدام الى الآسكندرية لقضاء المؤتمر السنوى لنا . كانت معنا وكالعادة لم تكن معنا ظلت سجينة نفسها تختفى خلف ستار اسود لا نعرف كنته . قضينا أول يوم بين القداس والآفطار وتناقشنا لفترة طويلة فى ورشة العمل ونمنا جمعياً فى المحاضرة التى اعقبت ورشة العمل ...!!! بما فينا المتكلم ..!! فليس من المعقول ان نظل منتبهين من الساعة السادسة ساعة وحتى الواحدة ظهراً موعد المحاضرة كان يجب ان تكون هناك فترة راحة ولكن هذا كان البرنامج . ولذلك لم تدم المحاضرة لآكثر من نصف ساعة ... أعقبها الغداء الذى كان سيئاً لدرجة شهد بها الجميع ولم ننتظر شرب الشاى بل أنطلقنا جميعاً الى الغرف للنوم . وحينما اعلنت الساعة وصولها الى الخامسة كنا نقوم متكاسلين لصلاة الغروب والنوم . وبعد الآنتهاء منها طلبنا جميعاً ان نخرج للمشى على البحر وبالفعل وافق منظمين المؤتمر على هذا وكأنها البديل لحفلة السمر ... على ان نستمع الى المحاضرة الثانية عقب عودتنا من التمشية وقبل العشاء .... !!! وافقنا طبعاً ... وانطلقنا الى البحر وسعادة تغمرنا جميعاً فمنظر الغروب على البحر مشهد لايقاوم وبالآخص وسط الآصدقاء . كنا نسير ولكن أرواحنا كانت تطير مع نسمات البحر . وضحكاتنا تتكسر مع الامواج لتصعد ضحكات جديدة كالامواج الجديدة التى لا تنتهى . هناك لحظات فى حياة الآنسان يود ان تطول ولا تنتهى هذا ما كنت ارجوه فى ذلك الوقت . ولكن ، وسط هذا وجدتها تسير وحدها وكأن كل ما يحدث ويدور لا يعنيها ..... كان شكلها وهى تسير وحدها خلفنا منكسة الرأس واجمة تعبث اصابعها فى حفنة من الرمال فى كفها تعبث بها وكأنها تسحقها . تسير بخطوات بطيئة كئيبة كفيلاً بأن يقتل اى سعادة فى قلب اى انسان . تركت المجموعة التى كنت اسير معها ورجعت عدة خطوات للخلف حتى صرت محاذياً لها فقلت لها " ايه يا (..... ) مش معانا ليه ؟؟ " رفعت وجهها ونظرت لى بعيون تحترق من دموع ترفض الخروج بدافع من الكبرياء الآنثوى وقالت " معلش ... شوية وهبقى معاكم " " براحتك ... بس كنت عاوز أسأل عن حاجة ..... والا أقولك مش دلوقت ..." " ليه مش دلوقت ... أسال وأنا اقولك ... ومن غير ما تسأل أنا قولك ... انا كده ليه ... المشكلة بدأت يوم ما تولدت ... وكنت انا السبب فانا بنت وياله من جرم ان أكون بنت ... !!! الضحك ممنوع حتى وان كان مع خالى ...!! الخروج ممنوع حتى وان كان مع اخى ... ليس من حقى ان أتقابل مع الضيوف مهما كانت درجة القرابة ... أبدأ الرأى جريمة لا تغتفر حتى وان كان رأيى فى ملابسى وفى خصوصياتى ...!!! كم من مرة شعرت وان وجودى فى الحياة شىء زائد لا ضرورة له . ليس لى اصدقاء لآنى لم أتعلم كيف اكون قريبة من أحد ... أتعرف انه من الآمور العادية بالنسبة لى أنا لأظل فى البيت مدة قد تصل الى عشرة أو حتى خمسة عشر يوماً وانا فى البيت لا أكلم أحد ولا حتى أنظر من النافذة ....!! معقدة ... يمكن اكون معقدة حقاً ولكن هذه حياتى ... أعتذر ... فلست أحسب نفسى من الاحياء .... عن اذنك .... " تركتنى لتصعد الى غرفتها فقد وصلنا الى البيت . لا أعرف كم من الوقت أخذناه فى الطريق ولكن الشىء الوحيد الذى أدركته بعد هذا الكلام هو أنى أمام أنسانة مذبوحة من الداخل . لها جسد حى ولكن مشاعرها مدفونة فى قبر الآهمال والتهميش . انسانة كل ذنبها وجرمها فى الحياة أنها بنت ... !!! . انسانة قتلتها التقاليد البالية والآفكار الساذجة والتفرقة العنصرية العمياء ، وتسائلت كيف يمكن لآنسانة كهذه الفتاة أن تعلم أولادها فى الخدمة معانى الحب والمساواة كيف ستحدثهم عن معنى الحياة وقيمتها ؟؟؟؟. كيف ستنجح فى ان تحب زوجها وهى تراه رجلاً وهبه الله مل شىء وهى لم تحظى بشىء من هذه الآمتيازات ؟؟؟؟ . كيف ستربى أولادها وماذا ستزرع فيهم وهل ستقدر ان تقول لهم ان الله عادل وان عليهم ان يحبوا كل الناس ....؟؟؟!!! .

أسئلة كثيرة جالت فى نفسى ولكن ظلت هناك دائماً تلك الكلمات تدوى فى أذنى لتشعرنى بمدى المرارة والحرمان التى تحياهما تلك الفتاة ذات القلب المذبوح " انا السبب فانا بنت وياله من جرم ان أكون بنت ... !!! لست أحسب نفسى من الاحياء ...!!!! " .

أنتهت الحكاية ولم تنتهى المأساة
__________________
بشيم آبو و آبرو روحو حايو قاديشو حا دالوهو شاريرو آمين
im Namen des Vaters
und des Sohnes
und des Heiligengeistes amen
بسم الآب والأبن والروح القدس إله واحد آمين
رد مع اقتباس