عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 26-08-2006, 10:09 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,720
افتراضي خبر في قصة وشعر! بقلم فؤاد زاديكه

خبر في قصة وشعر!



قرأت قبل يومين قصة فتاة تعيش في محيط متديّن متزمّت فرض عليها الحرمان ومنعت من التكلم مع الشباب و مخالطتهم بحجة أن في هذا كفراً وخروجاً عن الدين! وكان أن كبرت معاناة هذه الفتاة ولم تعد قادرة على تحمّل جميع هذه الضغوطات والممارسات غير المنطقية ولا الموضوعيّة وكانت قد اقتنعت من خلال ما يتمّ تلقينه لها أن جميع الرجال وحوش كاسرة وأنها متى دنت منهم وخالطتهم فإنها ستذهب ضحية وتقع فريسة وتفقد كلّ شيء!
مرّت الأيام وكمن يقول لها لماذا لا تجرّبي الأمر يا (ندى) ثم تحكمي بنفسك على صحة أو عدم صحة كل ما يُقال لك؟ كما قلنا فإنّ القصة تدور أحداثها في مجتمع عربيّ مسلم محافظ ومتزمّت, يحقّ فيه للرجل فعل كلّ شيء دون محاسبة أو قول كلمة لماذا؟ فيما المرأة محظور عليها المحظور وغير المحظور وخاصة الفتاة غير المتزوجة.
استطاعت هذه الفتاة أن تتحدّى هذا الواقع وأن تخرج عن طوعه وطوع أهلها الذين وضعوها في سجن من الأوامر والتعميمات والتوصيات التي حفظتها غيبا على ظهر قلب من كثرة ما كان يتم ترديدها على مسامعها في اليوم الواحد مرات ومرّات, فصارت تملّ منها وتكرهها كره العمى. كانت (ندى) تعلم تمام العلم أنها قد تدفع حياتها من أجل رغبتها في الحصول على حريتها. لأن الحرية في هذه المجتمعات حكر على الرجال فقط دون غيرهم فهم أصحاب السلطان والنفوذ والقوة وأولياء الأمور.
استطاعت هذه الفتاة أن تتعرّف إلى شاب من وسطها الاجتماعي وهو ليس ببعيد عن موضع سكنها إذ يقيم في نفس الحي الذي تقيم فيه لكن المدرسة التي تذهب إليها الفتاة غير مختلطة ولا تضم سوى البنات ومثلها أيضاً الشاب (يوسف) الذي تعرّفت إليه وصارحته بأنها لم تعد تطيق هذه الحالة التي تعيشها فهي تحسّ يوماً بعد يوم أنّها تختنق وأن موتها أفضل لها من الحياة على هذه الوتيرة من التجاهل لمشاعرها وحقوقها كمخلوق وحتى من أبسط هذه الحقوق, فعليها كل يوم أن تفعل كذا وألاّ تفعل كذا! عاشت في دوّامة من الأفكار المتلاطمة وكم من مرّة فكّرت بالانتحار للهروب والتخلّص من هذه الحالة المأساوية التي تعيشها.
قرّرت إذا بدء المعركة من أجل مصيرها وتحديد مستقبلها’ فلم تكتف بإقامة علاقة مع هذا الشاب بل هي وكتحدّ صارخ أرادت أن تمتحن مشاعرها وتعلم مدى مقدرتها على التعامل مع هذه المشاعر, فلم تبخل على (يوسف) الشاب الممتلئ حيوية ونشاطاً وشباباً بشيء فهي أعطته الحب الكامل والصادق وتفانت في إسعاده و طاب لها التلذذ بمتعة القبلة الأولى وحين جرّبتها شعرت أنها لم تمت بل هي ذابت من فرط اللذة وشاءت المزيد فتطوّرت العلاقة بينهما في الخفاء, فهي خشيت من انفضاح أمرها فقد يقتلها والدها متى عرف بقصة هذا الحب, ذهبت إلى أبعد من ذلك مع حبها الجميل واستمتعت بكل ملذاته وشربت من خمور عشقه ولياليه وأحسّت بأنها من أسعد المخلوقات على وجه الكرة الأرضية!
أدركت (ندى) أن للحياة طعماً آخر غير الذي صوّره لها والدها وأمها المؤيدة لوالدها على الدوام, وتعمّقت علاقة الحب بينهما وهي لم تشأ أن تسير على الطريق الخطأ في إخفاء أمر هذه العلاقة عن أهلها إلى الأبد فهي قررت أن تصارح أمها أول الأمر وهو مجرّد اختبار لفحص الجو فيما يمكن أن ينجم عنه من ردود فعل. وحين علمت أمها
بالأمر ثارت ثائرتها وقالت بأن أباها سيقتلها بكل تأكيد وعليها أن تقطع علاقتها به على الفور وأن تعود عن غيّها وإلا فقد تموت على يدي والدها. لم يثنها كلام أمها عن عزيمتها فأصرّت على القول بأنها تحبه وأن عمرهما مناسب وهو شاب ممتاز وله مستقبل جيد وقد تخرّج من الجامعة وأنهى دراسته وهو سيحصل على عمل قريباً بكل تأكيد لأن علاماته جيدة جدا, غير أن كل هذه الجوانب الجيدة والمتمثلة في الشاب لم تقنع أمها وهي قرّرت أنها لن تتكلّم مع أبيها فقد يقتلهما معا هي وأمها!
أعلمت (ندى) حبيبها (يوسف) بمحاولاتها المتكررة لإقناع والدتها غير أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل وهي لا ترى أملا في ذلك, وقد بقي لهما خياران فإمّا إنهاء العلاقة على الرغم من هذا الحب الكبير الذي يجمعهما وإما أن يتصرفا بطريقة ما يصيران فيها زوج وزوجة! كان كلا الخيارين صعباً لكنّهما وبعد طول نقاش وكلام قررا أن يتزوجا بعيدا عن أهلهما وفي مكان آخر وإن لزم الأمر فهما سيسافران إلى الخارج إلى أية دولة فيقيمان هناك ويعيشان مع هذا الحب الجميل الذي زرعا معا كل وروده وآماله العريضة.
هربت (ندى) من ظلم أسرتها وتعدياتها عليها وقرّرت أن تعيش كالطائر الحرّ وهي تنعم بلقاء المحبوب وتشبع من لذة السعادة الزوجية التي حللها الله, وبعد سنوات وسنوات من الزواج رزقا بالأطفال ومنّ الله عليهما بالفرج والتوفيق فعاشا حياة مليئة بالهناء ورغد العيش وأيقنت أن معظم تلك العادات القديمة إنما لا يمكن تطبيقها إلا على جمع من الحيوانات يكون "بالطبع" خاليا من المشاعر البشريّة فهي ليست حيواناً كما يريد لها أهلها. وليس من العدل أن يتمّ تطبيقها على البشر فهم من لحم ودم ولهم مشاعر وأحاسيس.
وبعد أن صغتُ هذا الخبر القصير قصة شئت أن أنظم فيه بعض الأبيات الشعرية التي عملتها خصّيصا من وحي هذا الخبر المنشور على صفحات الحوادث اليومية والتي تحفل بها الصحف كل يوم وتعاني منها كثير من فتياتنا ونسائنا:



عشتُ عمري
ما عرفتُ كيف فاتَْ؟
ذقتُ حرماناً
وأوجاعَ الحياةْ
روّعوني, خوّفوني
كبّلوا بالسلسلاتْ
كلّ أحلامي وآمالي
فخفتُ التجرباتْ!
حذروني أبعدوني
عن "طريق المعصياتْ"!!!
جمّلوني دون علمي
بارتداء المانعاتْ
أفهموني حين قالوا:
"إنّ في الحبّ الممات"!
حاولوا التلميح والتصريح
عن ذئبٍ وشاة
أوصلوني بالجهالة
موقعاً هزّ النواةْ
منّي لم أقوى على
تحرير نفسي والنجاة
من سيول الوهمِ والأ..
وجاع في كمّ الفراتْ
أوهموني أنّ في
خوض المشاعر موبقاتْ!
أنّ في التعبير عنها..
بعض فعل الساقطاتْ!
ما انتظرتُ بل كشفتُ
كلّ تلك القرقعاتْ
ليس في الحبّ انتحارٌ
بل نجاةٌ في الحياة!
صدّقوني قد خرجتُ
من عقالي في ثباتْ
أخفق قلبي وعشتُ
الحبّ في أرقى الصّفاتْ
عشته صدقاً وزالَ
الخوفُ عنّي في انفلاتْ
ليس فيما قيل شيء
صادقٌ بل ترّهاتْ!

التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 26-08-2006 الساعة 10:27 PM
رد مع اقتباس