هناك الكثير من العبارات التي نستخدمها في حياتنا اليوميّة استخداماً عشوائياً, غيرَ دقيق, تكون فيها مبالغةٌ, أو بعضُ التشويه الذي قد لا يكونُ متعمّداً إلاّ أنّه يكون حاصله الوصول إلى تعبير غير دقيق و غير صادق و غير سليم. و من هذه العبارات أو الجمل المستخدمة في اللغة الألمانيّة Liebe aus و المقصود بها أن الحبّ انتهى. و مثل هذا التعبير يرد في اللغة العربيّة كما في لغات عالميّة أخرى كثيرة.
كيف يمكن لحبّ أن يكون صادقاً و مبنيّاً على أسس سليمة لا تقوم على الأثرة أو المصلحة الشخصية أو المنفعة أو غيرها من الشوائب التي لا تجعل مثل هذا الشعور أو هذه العلاقة حبّا أن ينتهي في يومٍ من الأيام؟ برأيي الشخصي إنّ الحبّ الصادق عندما يبدأ بين شخصين لا يمكن أن ينتهي بأيّة حالٍ من الأحوال إلاّ بالموت. الحبّ الحقيقي هو التفاني و هو التضحية و هو العطاء و هو التسامح و هو البعد عن الأنانيّة و متى كان الحبّ جامعاً لكل هذه المشاعر الإنسانيّة النبيلة فلا يمكن له أن ينتهي. إنّ الذي ينتهي هو علاقة قائمة على منفعة أو على مصلحة أو على كلّ شيء ما عدا الحبّ الوفيّ. العلاقة كتبادل مشاعر بين طرفين هي إرضاء لحاجة و هي تفاعل قائم على أسس لها ما يدعو إليها و متى تجاوزت هذه العلاقة حدود كونها علاقة مشاعر صادقة بنّاءة تعتمد الوفاء و تلتزم الصدق و لا ترغب في استغلال مشاعر الآخر لمصالح ذاتيّة أو لمنفعة آنية أو لها أغراض غير مقبولة, فإنها ستفشل و هي بهذا لن تكون حبّاً.
إنّي مقتنع تماماً, و أستطيع الجزم و بشكل قاطع بأن العلاقة, أية علاقة بين مخلوقين و خاصة بين ذكر و أنثى متى قامت على مجموع هذه الأسس و الفضائل الإنسانية فهي لا يمكن أن تفشل أو تنتهي لأن المحبّة و شعور الحرص على الآخر سيتغلّب على أية نزوة أو أية رغبة في خرق مجال هذه العلاقة, و سوف تبقى لهذا السبب, هذه العلاقة قائمة على شعور متبادل و صادق و بالتالي مُضحّي.
كيف يمكن لمثل هذه العلاقة المتينة بصدقها و وفائها, و المتشبّعة من روح إيمانها و تضحيتها أن تنتهي في يومٍ من الأيام؟ لا أعتقد بأنّ ذلك ممكن, و ما يمكن قوله كاصطلاح تعبيري في أنّ هذا الحبّ أو ذاك قد انتهى ليس صحيحا و لا دقيقاً لأنه ليس بحبّ. فالحبّ هو البقاء. الحبّ هو المثابرة. الحبّ هو التضحية. الحبّ هو العطاء بدون رغبة في مقابل. الحبّ هو كمّ هائل من المشاعر الإنسانيّة الفاضلة لهذا لا يمكن لها أن تنتهي.