عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-08-2022, 10:52 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,820
افتراضي

الحلقة الثانية من برنامج (من صميم الحياة) الموضوع زواج القاصرات

قبل الخوض في موضوع زواج القاصرات علينا أن نوضّح ما هو تعريف الزواج فحين يقول الإسلام إنّ الزواج هو عقد بين رجل و امرأة بحكم الشّرع هدفه إنشاء أسرة و إيجاد النّسل لاستمرار الحياة فيما تراه المسيحية واحدًا من اسرار الكنيسة المقدسة و هو علاقة روحية و جسدية تضم الرجل و المرأة اللذين يصيران جسدًا واحدًا.
أمّا ما يُسمّى بزواج القاصرات فهو زواج غير متكافئ و غير عادل و غير أخلاقي ولا قانوني لأنّ القاصر تكون دون السنّ القانونيّة و هي ١٨ سنة فما قبل ذلك لا يكون نضوجًا فكريّا و لا بلوغًا راشدًا جسديا و نفسيًّا لهذا هو مرفوض رفضًا قاطعًا لعدم وجود مبرّر منطقي و أخلاقي و عقلاني و موضوعي له.
إنّ هذا النوع من الزواج شائع الانتشار كثيرًا في البلاد العربية و الإسلاميّة لعدم وجود ضوابط قانونية و لا روادع أخلاقيّة تمنع حصول مثل هذا الزواج لأنّ القوانين المدنية في هذه البلاد لا تجرّم مرتكبي هذا الفعل بل تتغاضى عنهم وتغضّ النّظر لاعتبارات كثيرة معظمها غير معقول أو مقبول.
زواج القاصرات له مضارّ لا تُحصى و مخاطر على المجتمع و الأشخاص الذين يقعون في فخّه و خاصّة الفتيات و أغلبهنّ يكنّ مجبرات على ذلك لأنّ القرار ليس بيدهنّ بل بيد أولياء أمورهنّ إنّه زواج فاشل منذ البداية لا يقوم على أيّة أسس و معايير منطقية. كان وأد الفتيات( دفنهنّ أحياءً) دارجًا قبل الإسلام لكنّه أخذ منحىً أخطر بعد ذلك ففي هذا الزواج يتمّ وأد الفتاة يوميًّا و لأكثر من مرّة لاعتبارات اجتماعية و أفكار موروثة لا أساس لها من الصّحّة كان الوأد يحصل باعتبار أنّ يُلحق العار بالأسرة في حال أنجبت فتاة وهم يتجاهلون أنّ الحياة لن تستمرّ بدون الرجل و المرأة معًا.
لا يخفى أنّ لمثل هذا الزّواج أسبابًا متعدّدة لكنّها جميعًا غير سليمة و لا يمكن القبول بها أو تعميمها كي تصبح سلوكًا و ممارسة وقاعدةً..
نختصر أهمّ هذه الأسباب بالتّالي:
عندما يسود الجهل و يسيطر على المجتمع تختفي معالم المعرفة و لا يتمّ احترام نور العلم الذي يزيل ضبابيّة هذا الجهل و يتوافق الجهل مع التّخلّف في كلّ مناحي الحياة و المجتمع.
السبب الثاني يكمن في حالة الفقر التي تعاني منها بعض الأسر و تلجأ إلى مثل هذا الزواج للحصول على المال لتحسين ظروفها الاجتماعية دون مراعاة لمشاعر الفتاة و لا إعارة أيّ اهتمام لما يمكن أن يحصل معها من جرّاء هذا العمل الشّنيع والإجراميّ الذي يقوم به الأهل تجاه ابنتهم و بهذا يكون هذا الزّواج أصبح تجارة أي عملية بيع و شراء.
وثالث هذه الأسباب هو موروث اجتماعي فاشل و عقيم يقوم على فكرة أنّه يجب الفتاة تزويج الفتاة بالسرعة الممكنة تفاديًا لما قد يحصل معها باعتقاد أنّها قد تجلب عليهم العار إن لم يتم تزويجها و لكنْ هل الشرف متوقف على الفتاة دون الفتى؟ أليس للفتى شرفٌ كالفتاة؟ ثم هل ينحصر مفهوم الشرف في العضو التناسلي دون غيره؟ إنّ مفهوم الشّرف هو أعمق من ذلك و أهمّ فهو الأمانة و الإخلاص و عدم الكذب والامتناع عن السرقة و غيرها من القيم الإنسانية الرفيعة فمهوم الشّرف يتم ربطه حصرًا وخطأً بعضو المرأة أو الرجل يكون ذلك خوفًا من أن تبقى عانس في البيت دون زواج. أو شيوع فكرة أن زواج الفتاة المبكّر سيكون سترًا لها و قد يجعلها في جحيم دائم.
والسبب الرابع هو فشل الفتاة دراسيّا و عدم تمكّنها من متابعة دراستها.
وسبب آخر هو عدم عمل الفتاة بسبب سيطرة الفكر الذكوري الذي يسعى إلى تهميش دورها و ممارسة أساليب العنف الأسري و غيره مما يدمّر حياتها بكلّ تأكيد.
هذا فيما يخص أسباب مثل هذا النوع من الزواج أمّا النتائج المترتّبة عنه فهي خطيرة و مدمّرة وهي كثيرة جدًّا سناتي على ذكر البعض منها:
في مثل هكذا زواج تُقتل طفولة الفتاة و يتمّ قتل أحلامها و تدمير كيانها النّفسي و الرّوحي و الجسدي ولا ننسى حصول حالات وفاة كثيرة في هذا الزواج بسبب عدم التكافؤ لدى الاتصال الجسدي حيث يحصل نزف شديد تنتهي من جرائه حياة الفتاة.
حرمان الفتاة من العمل مما يحرمها من ممارسة حريتها و التعبير عن ذاتها بشكل مستقل فهي تعتمد اقتصاديًا على الرجل و تبقى تحت رحمته. و هناك حالات أخرى كثيرة لسنا بحاجة لذكرها.
أمّا فيما يخصّ الحلول المطروحة لتجنّب هذه الآفة الاجتماعية الخطيرة فمنها ما يقع على عاتق الدولة مباشرة فيما يخصّ سنّ قوانين عادلة و حازمة تجرّم هذا النوع من الزواج و تفرض أشدّ العقوبات على مرتكبيه ومنها أيضًا وجوب المصادقة على جميع القوانين الدولية التي تتعلّق بحقوق الإنسان و المرأة ومن ثمّ القضاء على كلّ أنواع التمييز بين الجنسين و كذلك في منع ممارسة العنف ضد المرأة بجميع أنواعه ومنه العنف الأسري و هو شائع جدًّا في المجتمعات العربية التي تخضع لحكم سيطرة الفكر الذكوري غير المعقول و لا المقبول والعمل على سنّ قوانين تحمي النّساء وتمنع هذه الانتهاكات فلغاية اليوم يرتكب الرجل ما يسمّى بجرائم الشرف فتعاني المرأة المنكوبة بدلًا منه بينما يقف القانون إلى جانب الرجل ليحميه و يخفّف عنه عقوبته و يلقي بالمسؤولية على المرأة ظلما و عدوانًا دون وجه حق.
كما يجب تغيير المناهج الدراسية فيما يخصّ القيم الاجتماعية و الإنسانية بالتّركيز على أهمية الأسرة في المجتمع لأنّها عماد المجتمع و أساس لبناء الوطن.
يجب توفير الحرية للمرأة في اختيار شريك حياتها دون أي قهر أو عملية إرغام من قبل الأهل تحت أيّة أعذار وكذلك سنّ قوانين تحقق العدالة و المساواة بين الجنسين دون أيّ تمييز. سيطرة الفكر الذكوري هي الأخطر في هذه الحالة لأنّ التخلّص منه صعب للغاية فالكلام كثير لكنّ الفعل معدوم. نتحدّث عن المساواة بينما تعيش مجتمعاتنا قمّة التمييز بين الرجل و المرأة.
ندعوكم أحبابنا أعضاء إمبراطورية الإنسان أن تساهموا في هذه الأمسية معًا في وضع لبنات بناء سليمة لمجتمعاتنا التي تعاني من هذه الظاهرة الخطيرة لتفيدونا بآرائكم و مقترحاتكم و الحلول التي ترونها مناسبةً لهذه المشكلة العويصة راجيًا للجميع كلّ التوفيق وكما في المرة السابقة فإنّه سيتمّ تكريم الأعضاء المشاركين معنا في هذا الموضوع الهامّ لنا جميعا كأبناء مجتمعات من قبل مجلس إدارة الامبراطورية شاكرين لها جهودها في التشجيع والدّعم.
زواجُ القاصرات




شعر/ فؤاد زاديكى




ما نُعاني في زَواجِ القاصِراتِ ... اِجتماعيًّا خَطيرُ المُعْطَياتِ

في بُلوغِ الرّشدِ نُضْجٌ واكتمالٌ .. مثلما وعيٌ وفَهْمٌ للفتاةِ

إنّ هذا الحالَ لا يدعو لخيرٍ ... قد رأينا ما أتى مِنْ سَيّئاتِ

كَمْ مِنَ الأضرارِ والأخطارِ فيهِ ... في حُصولِ الحَمْلِ عندَ القاصِراتِ

أو قُبَيْلَ الحَمْلِ إذْ ما مِنْ فتاةٍ ... قاصِرٍ تَسْطيعُ دِرءَ المُعْوِقاتِ

إنّهُ استغلالُ وضعٍ ثمّ عنفٌ ... مَنزليٌّ بعدَ هذا للبناتِ

واضطراباتٌ ووسواسُ اكتئابٍ ... وانفصامٌ ناخِرٌ أعماقَ ذاتِ

لا استشاراتٌ ستأتي في مفيدٍ ... أو سبيلُ الدّعمِ يأتي مُثْمِراتِ

اِمْنَعوا هذا التجنّي والتعدّي ... إنْ بِفتوى أو بقانونِ الحياةِ

ليسَ مِنْ حلٍّ لِمَنْ يسعى طلاقًا ... بعد وَقْعِ الجُرمِ, جُرمِ الفاحِشاتِ

قبلَ هذا ينبغي مَنْعٌ أكيدٌ ... حيثُ نَشْرُ الوعيِ آتٍ فائداتِ

إنّ للآباءِ دورًا ليس يخفى ... في حصولِ الجُرمِ والمُسْتَنْكَراتِ

أينَ إنسانيّةٌ فيكم وعقلٌ؟ ... أينَ فَهمٌ؟ إنّ ذا مَوتُ الفَوَاتِ1

اِمْنَحوهنّ احترامًا واختيارًا ... كي يَجِئنَ العيشَ دونَ المُنْغِصَاتِ

إنّ في إذلالهنّ الظلمُ بادٍ ... ليس مِنْ رأيٍ لهنَّ, الأمرُ آتِ

لا لِفَرْضِ الزّوجِ فَرْضًا لانتفاعٍ ... أو لِكَسْبٍ, هذا سَوْقٌ لِلْمَماتِ.




1 - موتُ الفَوَات: ما يأخذ الإنسان بغتةً, وهو موت السَّكتة.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس