[fouadzadieke]

يتميَّز حنَّا الحائك بألوانه الغنية الدافئة الهائجة المنسابة كخرير مياه دجلة والخابور وقدرته على إبداع أسلوب خاص به، ويبدو واضحاً من خلال مشاهدة لوحاته أنّه خطا خطوات كبيرة في عالم اللَّون وتشكيل اللَّوحة واضعاً في تضاريسها عوالمه المتراقصة مثل سنابل الرَّبيع، فلا يفوته أن يرسم كمن يرقص في حفل ممهور بالأفراح، تذكِّركَ لوحاته بتحليق الطُّيور في بدايات الرَّبيع، وكأنّه في كرنفال فني يحتفي بتزاوج الألوان، وهي تحنُّ إلى بعضها بعضاً، ألوان خارجة من بسمة طفل في صباح باكر، يرسم الحائك كمن يصلِّي في محراب ناسك وهبَ نفسه لتجلِّيات اللَّون وهو يهفو إلى حنين الأرض لبهجة السَّماء!

يمكن للقارئ المتفهم و المتذوّق أن يستوعب الكثير عن محتويات و مضمون و مذاهب هذا المعرض الذي يقيمه ابن البلد الحبيب و هو ابن العالم الكبير بالتالي فقد استطاع أن يتجاوز بريشته حدود الكون الشاسعة و أن يخترق المسافات و المساحات ليقدم لنا فنا مسئولا صادقا فاعلا يتعامل مع روح العصر ليعبّر عنها بألوانه الخاصة التي تنبثق من روح التفاعل الحيّ. لم أشاهد المعرض لكني استطعت و من خلال نصك الكافي أن أشاهده بعمق فكري المحلّق مع الكلمة و الغارق في بحور الخيال المفعم بصور الجماليات التي تكسب الكون هالة من القداسة المعبّرة و من استنباط المغزى من المفردة وخاصة عندما تكون معبّرة و قادرة على توصيل المطلوب منها. شكرا لك يا صديقي على هذا الكلام الجميل الذي عوّضنا عن مشاهدة المعرض كما نتمنى لفناننا الكبير حنا الحائك المزيد و المزيد من الإبداع الذي يسعدنا و من العالمية التي يغزوها قادرا و متمكناً, و عادي جدا ألا تحضر الفضائيات التي أكثرها أصولي يخضع لقوانين دينية متطرفة و أفكار عقيمة لا تستطيع العيش بسلام حتى مع روح الفن. بكل أسف إن هذا التعتيم يمكن أن يكون مقصودا كما كان التعتيم على وفاة الزعيم الكبير جورج حبش لكونه لا ينتمي إلى عقيدة التطرف و الإرهاب الفكري و السياسي المستوحش و المسيطر في هذه الأيام.