كانت كثيرة المجالس الكنسية التي عقدت في ظروف معينة نظرا لظهور هرطقات فكرية كانت تهدد الكنيسة و الفكر المسيحي لكني أعتقد بأنه يتوجب اليوم ايضا على أصحاب القداسة البطاركة الأجلاء و المطارين و البابا و غيرهم الدعوة الفورية و السريعة لعقد مجمع ديني مسكوني ليس لنقض الهرطقات هذه المرة بل للإعلان الفوري عن توحيد جميع الكنائس في كنيسة واحدة عملا بقول الرب: ليكونوا واحدا كما أنا و أنت واحد! ما الذي يمنع إذا لم تكن هناك مصالح شخصية دنيوية ليست من روح المسيح في شيء؟
إن عقد مثل هذا السينودس قد يصير من خلاله إلى صياغة مفهوم واضح لا خلاف عليه فالحياة تتطور و لا علينا أن نبقى عند الذي وافقت على المجامع السابقة فقد ظهرت بدع و كنائس لا حصر لها هذه الأيام. هل يريد آباؤنا الروحيون إرضاء النفس و الجسد و مطامع العالم؟ أم إرضاء الرب و إراحة ضمائرهم و ضمائر أتباعهم من الرعية؟
إن تمزق الكنيسة الواحدة إلى عدة كنائس له مضار خطيرة و كثيرة و ليس بمقدورنا أن نفسر الكتاب كما يحلو لنا بل أن نعمل بما يوحي به الروح و لا يمكن أن يوحي الروح بالتناقض و الخلاف و العداء و غيره من أسباب التباعد و التفريق.
نحتاج جميعا إلى خطوات عملية فورية و جريئة تترفع عن الأنانيات الأرضية و المصالح المادية الدنيوية التي تغضب الرب بكل تأكيد فهل كان المسيح أرثوذكسيا أو كان كاثوليكيا أو كان بروتستانتياً أو أنكليكانيا و الخ من هذه التسميات التي خلقها البشر و ليس للرب إرادة فيها؟.
يجب دراسة عقيدة الثالوث و التجسد و الفداء و المجيء و القيامة و الدينونة و هي من أسس الدين المسيحي و لا أعتقد أنه توجد خلافات كبيرة في المفهوم العام لهذه التعاريف الكنسية و العقائدية في ديننا المسيحي. و الذي لا أستطيع فهمه هو أن يتم تخصيص أسبوع أو اسبوعين من أجل الصلاة في كل الكنائس لوحدة الكنيسة فإذا كان الكل يريد هذا و يدعو إليه و يصلي من أجله فمن الذي يمنع ذلك؟ و ما الذي يقف حائلا عن تحقيقه كواقع نعيشه في يوم ما؟ إني أرى بأن جميع هؤلاء الذين يذهبون إلى مثل هذه الصلاة على نية الوحدة هم يخدعون أنفسهم فالرب يقول ليس من يدعو يحصل على ما يريد بل الذي يفعل!
إن الخلافات العقائدية العقيمة أثرت تأثيرا خطيرا و مميتا على الكنيسة برمتها فكان التناحر فيما بينها و الاقتتال و العداء و الكراهية و هذا كله ليس من الرب في شيء. فالرب هو محبة و تسامح و هو الذي دعا إلى مسامحة الأعداء فيما نحن لا نستطيع حتى مسامحة بعضنا بعضا فكيف بمسامحة أعدائنا؟
هل فعلا ليس بإمكان الكنائس أن تتوحد ذات يوم و يكون هناك قداس واحد في جميع هذه الكنائس و في يوم واحد؟ إذا لم يكن هذا ممكنا فليس لنا رجاء في الحياة البتة. من المثير للعار و العيب الاقتتال الذي جرى في آخر احتفال بعيد الميلاد في كنيسة المسيح في بيت لحم حيث الرهبان تقاتلو بالعصي و ربما لو كانت بحوزتهم اسلحة لما تورعوا عن استخدامها و هذا لم يكن أول اقتتال و سوف لن يكون الآخر. هل هذا من عمل الرب؟ أم أنه عمل شيطاني بشري؟ لكن نقول مع الشاعر العربي:
و ما نيل المطالب بالتمني
و لكن تؤخذ الدنيا غلابا
فيما أردت أن أقول:
و مَنْ لا يتّقي ربَّ الأنامِ
و يأتي فكرَهُ أمراً مُعابا
و مَن يسعى إلى إيهامِ شعبٍ
لنشرِ الكرهِ لن يلقى ثوابا.
سيُؤتى اللعن و التاريخُ حكمٌ
كفى بالوهمِ لن نأتي الصوابَ
رجالُ الدينِ هم أصلُ البلاءِ
و ليس الشعبُ مَنْ يأتي الجوابَ
فمنْ يسعى إلى تعطيلِ جهدِ
ليبقى الوضعُ هذا ما أصابَ!
شكرا لك يا بنت عمي هيلانة و الرب يقويك.