هذا صحيح وما مرّ معي وعايشته ليس بمقدوري أن أنساه ولا أن يصدّقه إلاّ من حصل مثل هذا معه. عندما كنت في المرحلة الإعدادية في ديريك وفي إعدادية يوسف العظمة بالتحديد. كان لدينا مدرس في مادة الرياضيّات وهو فلتة من فلتات الزمن في عالم الرياضيات. لقد كان شبه معجزة وهو وضع كتباً كثيرة كانت تدرّس في الجامعات السوريّة. كان يدعى هذا المدرس الكريم والمحبوب (محي الدين بحبوح) وللإسف لم أكن جيّداً في مادة الرياضيات أبداً وكنت أعتمد في النجاح على دراسة النظريات والجبر الذي كنت جيداً فيه. أما عن اللوغارتمات والهندسة وما إلى ذلك فحط بالخرج. كان عقلي مطلسماً وكان المدرس الناجح يشرح الدرس بامتياز فيما كان صاحبكم يسرح في عالم الشعر وكتابة القصائد في الحصة الدرسيّة لمادة الرياضيّات. كان اجتهادي بمادة اللغة العربيّة جيّدأ وباللغة الإنكليزية كذلك وقد ضاع كل ما تعلّمته منها هنا في ألمانيا.
أنهيت المرحلة الإعدادية وانتقل المدرّس المذكور من المالكية إلى محافظة أخرى ولم نعد نسمع عنه شيئاً. وتشاء الصدف أن يصبح مدرساً لنا في مادة الرياضيات في دار المعلّمين بالحسكة بعد سنوات طويلة. هل تصدّقي يا سميرة أنه وبمجرد رؤيته لي قال إنك كنت تجلس في المقعد الفلاني في الغرفة الفلانية واستعاد بعض الأحداث التي كانت قد ذهبت من ذاكرتي في خبر كان. لم أكن سيئاً جدا في مادة الرياضيات لكي أجزم أنه عرفني لعلامة فارقة أتميّز بها, فهو عرف جميع زملائنا الآخرين مثل أفرام عبد الأحد وصامو اسحق ?ورو والمرحوم أدور لم?كه والمرحومين حبيب إيشوع موسى وزهير منصورة وعيسى حدو ووديع صليبا وعيسى أبو أحمد وميخائيل ديكران وغيرهم تذكّرنا جميعاً كأن الحدث كان قبل يوم أو يومين.
فعلا لدى بعض الناس ذاكرة قوية إلى درجة لا تصدّق وكلامك صحيح فقد لمسته بنفسي وجرى مثله معي. شكراً لك يا سميرة على هذا الموضوع الذي فتّق لدينا بعض الذكريات الجميلة.
|