الموضوع: سؤال مهم جدا
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-12-2007, 01:23 PM
الاخ زكا الاخ زكا غير متواجد حالياً
Master
 
تاريخ التسجيل: Nov 2007
المشاركات: 5,585
افتراضي

الظلم هو المال على وجه الإطلاق وتسمى هكذا باعتبار خيانة الإنسان كوكيل فبالحقيقة ليس لهُ حق بشيءهنا. ليس المقصد المال المحصَّل بطرق غير جائزة بل المال مطلقًا وكوننا تلاميذ المسيح لا يغير صفات المال نفسهِ لأنهُ قد صار الآن كأموال الغني من بعد سوء تصرُّف وكيلهِ إذ بقيت إلى حين تحت يد الخائن قبل أجراء الحكم بعزلهِ. فإذا أتفق بعناية الله أن شيئًا منهُ تحت يدنا فعلينا أن نعرف حقيقتهُ ونستعملهُ بالحكمة نظرًا إلى المستقبل. وقولهُ: إذا فنيتم يعني إذا أُجريّ الحكم بعزلكم عن الوكالة كأناس عائشين في العالم. ثم قولهُ يقبلونكم في المظالّ الأبدية.أقول :
أولاً- أن المرجح أنهُ بمعنى تُقبلون أو يكون لكم القبول لأنهُ معلوم عند الذين يقدرون أن يقرأوا إنجيل لوقا باللغة اليونانية أنهُ يستعمل اصطلاحًا كهذا عدَّة مرار (انظر إصحاح 38:6) حيث يستعمل لفظة يعطون بمعنى تُعطون أو يعطي لكم. وقد استعمل هذا الاصطلاح في مواضع أخرى. فيجوز لنا أن نقرأ هذه الجملة. حتى إذا فنيتم تُقبلون أو يكون لكم القبول في المظالّ الأبدية. فتكون حينئذٍ الإشارة إلى القبول ذاتهِ لا إلى الذين يقبلونهم.
ثانيًا- إذا قرأنا الجملة كما هي يقتضي أن نجد ما يعود إليهِ فاعل يقبلونكم. فيكون الضمير عائدًا إلى أصدقاء فيعني الذين يُصيرهم التلاميذ أصدقائهم بأعمال الرحمة كالمديونين الذين ترفَّق بهم وكيل الظلم المذكور آنفًا.
ثالثًا- من هم الأصدقاء: أقول أن الوحي دائمًا يفرض علينا أن نصنع الصدقة للفقراء والمحتاجين. راجع قولهُ: إذا صنعت غداء أو عشاء فلا تدعُ أصدقائك ولا أخوتك ولا أقربائك ولا الجيران الأغنياء لئلا يدعوك هم أيضًا فتكون لك مكافأةٌ. بل صنعت ضيافةً فأدعُ المساكين الجدع العرج العمي. فيكون لك الطوبى إذ ليس لهم أن يكافئوك. لأنك تكافي في قيامة الأبرار (إصحاح 12:14-14)، وأيضًا بيعوا ما لكم وأعطوا صدقةً. أعملوا أكياسًا لا تفنى وكنزًا لا ينفد في السماوات حيث لا يقرب سارق ولا ينبلي سوس (إصحاح 33:12). ولكن هذه من المسائل الواضحة فأنهُ معلوم عند الجميع أن الصدقة هي لأجل الفقراء. ونرى أيضًا أن الرَّبَّ يفرض أن الذين نحسن إليهم هم من أهل الإيمان ويسبقوننا إلى الراحة الأبدية كما قيل: فإذًا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لأهل الإيمان (غلاطية 10:6).
رابعًا- كيف يمكن لأمثال هؤلاء إذا فرضنا أنهم سبقونا إلى المظالّ الأبدية أن يقبلونا. فأقول: أن القبول بمعنى الترحيب أو السرور بدخولنا ولا يعني قبولاً رسميًّا كأنهم أصحاب المظالّ الأبدية، ويفتحون أبوابها لنا إكراهًا للصدقة التي نالوها من أيدينا. فلا حاجة لي أن أقول للقارئ المسيحي: أن لا شيء من أعمالنا يؤهلنا للدخول إلى السماء. وأما الصدقة فهي من أنواع الخدمة التي نمارسها هنا لمجد الرَّبِّ الذي اشترانا بدمهِ (انظر رومية 6:12-13)، حيث العطاء والرحمة والاشتراك في احتياجات القديسين مذكورة مع المواهب المختلفة المعطاة لنا فإنما نستعملها بنعمة الله لمجدهِ الذي سيجازينا عليها في وقت الجزاء. فمن أعطى صدقة حتى كأس ماء بارد لأحد التلاميذ أخوتهِ لا يضيع أجرهُ.
خامسًا- الوحي في عدَّة أماكن يشير إلى الحقيقة المفرحة أن النسبة المتبادلة بين الخادم والمخدوم تبقى معروفة بينهما في المستقبل كما هي الآن لأن جوهرها المحبة، والمحبة لا تسقط أبدًا (كورنثوس الأولى 8:13). وكان الرسول ينتظر أن يواجه عند مجيء الرَّبَّ الذين خدمهم على الأرض وتكون النسبة بينهم معروفة وسببًا للفرح المتبادل (تسالونيكي الأولى 19:2). وليس ذلك فقط بل أقول أيضًا أننا لا نعرف الآن إلاَّ مقدارًا جزئيَّا من ثم خدمتنا فأننا نساعد كثيرين بطرق متنوعة ولا توجد معرفة شخصية بينهم وبيننا، ولكن كل شيء سيظهر فيما بعد أمام المسيح الذي هو مصدر كل موهبة صالحة لزيادة أفراح مفدييهِ. وأما الموضوع الخصوصي المتضمن في العدد الذي نحن في صددهِ الآن، فهو وجوب عمل الصدقة مع تلاميذ المسيح مدة رفضهِ من العالم وتصرُّفهم بالحكمة في القسم من مال الظلم الذي أصابهم بعناية الله. غير أنهُ سبق ونادى بأن حكمتهم في ذلك أقل مما يظهرهُ أبناء هذا الدهر. وربما يندر وجود مسيحي قد تعلَّم حقيقة المال الترابي وفعل بهِ بالحكمة كمن عرف أن الحكم بعزلهِ عن الوكالة قد صدر.
رد مع اقتباس