
27-10-2007, 05:49 PM
|
 |
Administrator
|
|
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 47,875
|
|
أخي الياس أشكرك كل الشكر على هذه الصرخة الصادقة و التي خرجت من قلبك و أحسست بأنك جريح مثلي و مثل الآخرين و نحن هنا كشعب و كمفكرين و كأدباء و أصحاب فكر حرّ و نيّر علينا أن نعمل سوية جنبا إلى جنب و أن نسعى إلى اختيار الحلول الأكثر نفعا متى تعرض شعبنا المسيحي في أي مكان إلى أية تعديات أو مشاكل. إني أقدّر فيك هذه الصراحة و عليّ أن أحترمها من باب تبادل الأفكار و الآراء لطالما كان هدفنا الأول و الأخير يصبّ في خانة مصلحة أبناء شعبنا. إنّي لن أزعل منك البتة يا أخي الياس و إلاّ فإني أخطيء عندما أقول علينا تبادل الأفكار’ قد نختلف في وجهة نظر أو فكرة أو غيرها و هذا ضروري و أمر صحيّ لأن اختلاف الناس في أفكارهم يقود دائما إلى الصواب في بحثهم. إني سعيد جدا بنقدك لي و بنقدك للآخرين و كما كنت مهذبا جدا في توجيه النقد لي شخصيا كنت أتمنى لو كان نقدك للآخرين قد أتى على نفس النمط من الهدوء و المحبة في نقدك لي, أي دون تجريح أو نيل من سمعة الأشخاص. و إني لن أرد عليك مدافعا عن الآخرين لأني لستُ مسئولا عما يقولون و عما يتصرفون لكن اسمح لي يا أخي الياس و بكل محبة أن أقول لك و أنا كلي أمل و رجاء في أن ينضم إخوة آخرون إلى هذه الزاوية لإبداء الرأي كي تتسع رقعة النقاش و قد نكون خدمنا بهذا شعبنا الذي يأمل منّا ذلك.
الرأي الحر و الشخصي مقدس و علينا ألا نحجر على الأفكار و الآراء أو نحاربها بشطبها ومعاداتها لأننا بهذا نكون وقعنا في نفس الخطأ الذي يقع فيه المسلمون. نحن شعب منفتح و نقبل الرأي الآخر برحابة صدر و علينا جميعاً أن نقوم بما يجب القيام به من أجل إيقاف هذا النزف الذي يجري بحق شعوبنا المسيحية في كل العالم الإسلامي دون استثناء و إن كانت هناك نسبيات مختلفة من حالات التعدي هذه.
أخي الياس أعلم تمام العلم أن سيادة مطراننا الجليل (متى روهم) و هو كغيره من رجال الدين الأجلاء السريان و في جميع أنحاء العالم لا يملكون الجرأة على توجيه النقد إلى أماكن الخطأ بل أنهم يحاولون تجنّب الخوض في ذلك. رجل الدين (و هو هنل ممثلنا على الأقل) عليه أن يكون قدوة لنا كأبناء طائفة في الدفاع عن الحق و خاصة متى كان حقا مغتصبا و منتهكا. على غرار ما فعله المطران كبوجي و هو يقارع الإحتلال الإسرائيلي و يطلق كلام السلام و المحبة بروح النضال و المتابعة و النقد و نحن كمسيحيين كما تعلم لسنا دعاة عنف, لكن علينا أن نطالب بحقوقنا بشكل حضاري و سلمي دون اللجوء إلى أي شكل من أشكال العنف و كما خلقنا الرب أحرارا فعلينا أن نفكر كأحرار و نتعامل مع الحياة و مع كل ما يدور حولنا بحرية رافضين الإملاءات و القهر و الضغوط و العنف الممارس علينا كبشر عقلاء.
ثم هل يمكن مقارنة أقوال رجال ديننا (على العموم و لا أعني شخصا محددا) مثل أقوال و دفاع المطران الفلسطيني (عبد الله حنا) القوية و الجريئة؟ إن أقوال رجال ديننا و تصريحاتهم
تدل دائما على ضعف المواقف, حتى لو كان ذلك بخصوص الكنيسة التي تعرّضت لهزات كبيرة جدا في السنوات الأخيرة في السويد و أمريكا و في الوطن و لم يكن هناك إجراء حازم و حاسم يعيد الأمور إلى مجاريها. و خير مثل لك قد تعرفه و يعرفه الجميع الخلاف الذي وقع بين مطرانينا في السويد و بين قساوستنا في السويد و بين غبطة البطريرك و أحد مطارنتنا و الذي قام عبد المسيح قرياقس شخصيا (مشكوراً) بمبادرة رائعة استطاع أن يصلح بين رجلي ديننا. هل يجب أن يحصل مثل هذا؟ و رجل الدين الأعلى هو القدوة و هو صاحب المبادرة و هو الذي عليه أن يقوم بعمل شيء ما دون أن ينتظر ليقوم شخص غير ديني ليصلح بينه و بين أخيه في الرب؟ متى حاولنا غض النظر عن أخطائنا فلا نقوم بإصلاحها بل نقوم بتعميقها و بالذهاب معها إلى مجاهل خطيرة لا يعلمها إلاّ الرب.
و هنا سؤال أسألك إياه: هل أنت مع أن يظل القانون في سورية و غيرها من البلدان الإسلامية هو الذي يجب أن يحكم علي و عليك به؟ أي أن يتزوج مسلم أخي و أختك و هذا حق له أما أنت و أنا فلا يحق لنا أن نتزوج من مسلمة إلا متى شهرنا إسلامنا و أعلناه؟ أراك لم تتطرق إلى هذا الجانب الهام و الخطير في معرض ردك الكريم يا أخي الياس.
أما فيما يخصّ الحريري فهذا ليس شأني لكن أقول هل تسمح سورية بأن يتدخل لبنان أو اي دولة أخرى في شئونها الداخلية و حتى تقوم بفرض شروط معينة في الرئيس و على نهج خط مرسوم من قبلها؟ المحكمة القادمة ستكشف الجاني و المجرم و علينا أن ننتظر لنعرف من هي الجهة التي قتلت و لا زالت تقتل اللبنانيين.
سؤال آخر أسألك: هل لا تشعر بغبن في حقك كمسيحي تعيش في دولة عربية إسلامية؟ و هل تستطيع التعبير عن رأيك و تمارسه بحرية دون تدخل أمني و حزبي و مخابراتي؟ هل تستطيع التكلم بحرية و بصراحة و تمارس حقك كمواطن محترم في سورية و في غيرها من بلدان العالم الإسلامي؟
إن هجرة المسيحيين من سورية و من غيرها من الدول الإسلامية ليست من تشجيع أية منظمة أو جهة مسيحية بل هي ناجمة عن الغبن الذي يجري بحقهم و الظلم المادي و المعنوي و الأخلاقي الذي يتعرضون له و التعديات الكثيرة التي تمارس بحقهم تحت مسميات كثيرة. و أستطيع أن أذكر لك أكثر من حالة قامت السلطة الحاكمة فيها بإلصاق تهم لضباط سوريين مسيحيين كانوا ذات يوم في مراكز مسئولية ومنهم من سجن بتهم ملفقة و مدبرة و منهم من سُرّح لذات الأسباب أو غيرها. هل هذه هي العدالة و المساواة التي تتحدث أنت عنها و تدافع من خلال ذلك كرد مبرّر لتصريح سيادة مطراننا الجليل؟ أيّ يكون الشخص و مهما يكون مركزه الديني أو الدنيوي علينا أن نشير إلى موضع الخطأ الذي يرتكبه فكلنا بشر و ليس أحد معصوم من الخطأ. إن غلطة رجل الدين بألف غلطة.
أما عنّي فيما إذا كنت أعيش في المانيا و أضرب بلدي بحجر فهذا قول و بكل أسف درجنا على سماعه من بعض الذين لا يدركون حقائق الأمور بل هم يدركونها و يحاولن التعتيم الإعلامي و الشوشرة و تغطية العيوب الكثيرة ليظهر هذا المجتمع بخير بينما في الحقيقة نخر سوس الفساد كل ناحية و إدارة و قيادة و مؤسسة في هذا البلد. إني صاحب رأي و ليس معيبا أن يختلف رأي أو تتعارض وجهة نظري مع نظرة السلطة للأمور, و حين نشير إلى مواضع الفساد المستشري في البلد فإننا نقول ذلك من باب الحرص على مصلحة المواطن و الوطن. إن سورية في هذا الطريق ستجني على شعبها كما جنى زعماء بلدان أخرى. و كما يقول المثل: إنّ غداً لناظره قريب و أتمنى أن تتواصل معنا لغاية ذلك التاريخ لأذكرك بما نقوله اليوم!
لي كلمة أخيرة و هي موجّهة لك يا أخي الياس. أتمنى من كل قلبي أن يكون انتسابك للمنتديات نابعا من الرغبة في الإفادة و التواصل مع أبناء شعبنا لتبادل الأفكار و الآراء, و ألا يكون فقط لتسجل و تأتي هنا و تسجل لك موقفا. نحن لا نريد أن نسجّل مواقف و ما يخص السلطة الحاكمة شأنها لكن شأن شعبنا المسيحي في سورية و غيرها من البلاد هو ما يهمنا فاعمل معنا أنت و غيرك من الشباب الغيور لنكسر طوق الخوف و نخرج من شرنقة العزلة لنكتب لنا موقفا يشرّفنا ذات يوم.
لك محبتي و شكري و تقديري أخي الياس أسخيني على مشاركتك و صراحتك (علما أنك داخل باسم مستعار غير حقيقي) و كما قلت لك أرجو ألا تكون هذه هي المشاركة الأخيرة لك هنا و نحن متفقون على الهدف النبيل و على الغاية السامية لأننا جميعا في هذه الطريق و ما ينالني اليوم سينالك غدا و هكذا دواليك. مصلحة شعبنا هي الأهم و هي التي يجب الحرص عليها و العمل من أجلها.
__________________
fouad.hanna@online.de
|