[fouadzadieke]

قضية تشريف رشدي: "قرار مشروع لكن غير حكيم"





محمد القشتول
بي بي سي - لندن

شعور الاستياء شعور طبيعي لكن ثمة طرقا للتعبير عن هذا الاستياء أكثر تمدنا (الديلي تلغراف)


قضية التشريف الملكي الذي حظي به الأديب البريطاني الجنسية الهندي الأصل سلمان رشدي، وما يُثيره من ردود فعل غاضبة، هي أحد القواسم المشتركة لصفحات الرأي في الصحف البريطانية الصادرة يوم الأربعاء.
"تشريف لحرية التعبير"
خصصت الديلي تلغراف حيزا هاما للموضوع في صفحة الرأي.
فطالبت -في إحدى افتتاحياتها- الحكومة البريطانية بتوجيه استفسار رسمي وأكثر صرامة إلى نظيرتها الباكستانية بعد تصريحات وزير الشؤون الدينية محمد إعجاز الحق.
الوزير الباكستاني اعتبر أن الرد المناسب لتشريف رشدي هو العمليات الانتحارية، حسبما تذكر الصحيفة.
ويتحدى أندرو مار في عمود "المفكرة" بنفس الصفحة، السلطات الباكستانية، ويدعوها إلى رفض المساعدات المالية التي تقدمها لها بريطانيا، تعبيرا "متحضرا" عن الاستياء.
لكن يبدو أن الاستياء من قرار التشريف، ليس حكرا على العالم الإسلامي وحسب.
عدد من قراء الديلي تلغراف أعرب لرئيس التحرير، عن استغرابه، و تحفظه من هذا القرار.
ففي رسالة حملت توقيع والتر كلود، جاء:" ماذا -بحق السماء- قدم سلمان رشدي لهذا البلد حتى يستحق النبالة؟" وترى رسالة من توقيع شيلا كراولي أن جي كي راولينز -مؤلفة سلسلة هاري بوتر الشهيرة- أحق من رشدي بهذا التشريف. فهي على الأقل تساهم في رفع مستويات المطالعة لدى الأجيال الصاعدة بشكل لم يسبق له مثيل منذ إنيد بلايتون، الكاتبة الإنجليزية التي توفيت قبل حوالي أربعين سنة والتي اشتهرت بسلسلة المغامرون الخمسة وهي سلسلة روايات للفتيان والفتيات.
وعلى نفس هذا المنوال تنسج رسالة حملت توقيع روبرت ريدمان، وجاء فيها أن سلمان رشدي عبء على دافعي الضرائب في هذا البلد، بسبب حماية الدولة المستمرة التي يحظى بها منذ الفتوى الشهيرة الصادرة قبل حوالي 19 سنة.
ويأمل هذا القارئ في أن تتفطن الحكومة إلى هذا "الخلل" وأن تطال المعني بالأمر بتغطية نفقات حمايته.
وبعد أن تقر رسالة من توقيع إيان موتش بحق السلطات البريطانية في تحديد من المواطنين البريطانيين يستحق التشريف، تتساءل:"هل هي فكرة جيدة بالنسبة للعلاقات بين طوائف البلاد؟"
"هل فقد قادتنا التمييز بين المشروعية في ممارسة حق، وبين الحكمة في ممارسة هذا الحق؟"
"ٌقد لا يستحق التشريف، لكن من واجبنا الدفاع عن حقه في قبولها"(الإندبندنت)

" قرار متهور ولكن..."
وتعتبر الإندبندنت في افتتاحيتها الأولى أن نظام التشريفات البريطاني شر عفا عليه الزمن، لكنه يأبى أن يندثر.
وما دام أنه واقع لا يمكن التهرب منه، ينبغي التعامل معه، على الأقل كمؤشر اجتماعي.
وإذا كانت طبعة هذه السنة من قائمة التشريفات أثارت جلبة منقطعة النظير سواء داخليا أو خارجيا، فينبغي الالتزام بشيء من التروي، تقول الصحيفة.
قد لا تعجب كتابات رشدي الكثير من القراء، لكن الأذواق في مجال الأدب والفن موقف ذاتي قبل كل شيء.
أما إذا ثار الحديث عن ولاء رشدي، ونكرانه لجميل بلد تحميه سلطاته منذ صدور الفتوى الإيراني، فينبغي التذكير-حسب الصحيفة- بأن يحتكم قرار التكريم والتشريف إلى معايير غير معايير الولاء الوطني.
وتقول الصحيفة كذلك:" صحيح أن قرار تشريف رشدي كان قرارا متهورا، كما يمكننا التشكك في أحقيته بهذا التكريم ـ لكننا مطالبون بالدفاع عن حق الحكومة في تكريمه، وعن حقه في قبول هذا التشريف."
"...شكرا رشدي"
يروي الصحافي عنايت بنغلاوالا في عمود للرأي بالغارديان، ذكرياته كمناضل إسلامي ببريطانيا، إبان الضجة التي أعقبت نشر آيات شيطانية عام 1988.
وهو يعتقد أن الانفعال والتعبير العنيف عن العواطف والمشاعر الجياشة في مثل هذه القضايا ليس الحل الأنسب.
ويقول بنغلاوالا:" منذ ذلك الحين، زرت عدة بلدان إسلامية، وكلما عدت من هذه الزيارات إلى بريطانيا تملكني شعور بالحنين.
"إن منتقدينا كانوا على حق. إن الحق في الإساءة ضروري للحرية. ولقد ازدهر الإسلام في أجواء من الحرية."
ويقول الكاتب إنه تلمس -عندما قرأ رسائل عدد من الشبان المسلمين في بريطانيا - رغبة في عدم الالتفات إلى قرار تشريف رشدي.
ويقول كذلك إن الدعم الذي أعلنه رشدي للحرب على العراق:" كشف لي عن مدى غروره، وانعدام الإحساس لديه، وأنانيته، وفي المقابل عندما شاركت في المظاهرات المناوئة لهذه الحرب اقتربت كثيرا من عقيدتي. فشكرا السير سلمان".
BBC