وبعضٌ من قصيدة أخرى فلسفية تحاكي سر الوجود بأدبٍ منقطع النظير أيضاً للفيلسوف الشاعر المطران بولس بهنان:
أنا في الدنيا وأدري كيف إلى الدنيا أتيت
قد رأيـت الدرب قـدامي ضيــاءً فمشــيت
وسأبقى ماشياً في النــور هذا ما رأيـت
أنا أبصرت بعـيـن العـقل والقـلب طـريقي
أنا أدري
ولئن كنت جديداً أم قديماً في الوجــود
فــأنـا حـرٌّ طليـق منــذ حطمت قيــودي
وأنا في النور أمشي خلف قيثاري وعودي
كيف لا أدري سبيلي وأنا في النور أمشي
أنا أدري
وسواء دربي وعر أم طويل أم قصير
أم أنا أصعد حيناً أم أحاييناً أغور
أمشي في الدنيا أو أنا ثم للخلد أسير
إنني أمشي ومثلي هذه الأدهار تجري
أنا أدري
مذ براني الله ربّي كنت إنساناً سويا
سكب النور بقلبي فغدا قلبي ضويا
وحياتي و وجودي ليس لغزاً أبديا
إنني أدري لماذا صرت أدري كل شيء
أنا أدري
موجةً في البحر قالت إننا ياربّ منكا
هذه الآفاق تروي خبر التحنان عنكا
ليس إيماننا زوراً لا ولا كذباً وإفكا
قد خلقت الكون طراً لم تدع للقلب شكّا
هذه الأجسام ترب هذه الأرواح منه
هذا إيماني وهذي حكمتي منه وعنه
أنا أدري
لست يا بحرنا تدري "كم مضت ألف عليكا"
لا ولا الأنهار تدري أنها تجري إليكا
هذه الأمواج تجثو سجداً في مقدسيكا
وكذا الشاطىء يهفو خاشعاً في قبضتيكا
وشعاع الشمس يرنو بالضيا في مقلتيكا
وظلام الليل جيش حارس في جانبيكا
أنت والموج وهذا الـ...زبد الماشي إليكا
دفقة النور وهذا الشاطىء الجاثي لديكا
كل شيء كـهباء في الفضا عند القدير
حامل الكون ومحصي كل ذرات الأثير
هذا إيماني وإني أرقب الصبح المنير
أنا أدري
عند ذاك الشاطي كانت زهرة حمراء تمرح
في شذاها ألف سرّ ألف معنى ليس بشرح
قد رآها البلبل الغريد يوماً فترنّح
صورة للدنيا هذي ساعة تبدو فتبرح
أنا أدري
|