نحن لسنا عرباً
الأخ رئيف توما المحترم:
أثمّن فيك روح الحرص هذه واهتمامك العظيم بهذا الموضوع الذي صار قصة لم تعد لها نهاية على ما يبدو ولستُ من الذين يغلقون أبواب الحوار والمناقشة أو هو يتلفّظ بعبارات لا تنمّ على أي قدر من المسؤولية مثلما قرأت من ردود على ردّك هذا (في موقع مالكية ديلان من أحد الأخوة الزوّار) والموجّه لي شخصيّاً على صفحات بعض المواقع وهذا برأيي يدلّ على عجز صاحب كيل التهم والمتلفّظ بغير المستحبّ من الكلمات التي أقول عنها إنها فجّة وغير ناضجة ، لأني أحترم الرأي والرأي الآخر متى كان هذا الرأي بنّاءًأ يهدف إلى ما فيه خير الناس وإظهار الحقيقة المختلف عليها، وعلى المحاور أن يؤيد قوله بالحجة والمنطق والبرهان ، لا بالتهم التي لا طائل منها وهي تدلّ على عجز فكريّ.
لكن وقبل أن أقوم بالردّ على مقالتك في التأكيد على أن غبطة البطريرك مار إغناطيوس زكّا الأول عيواظ هرم كنيستنا وربّان سفينتنا في زحمة أحداث ومتلاحقات تبدّلات سياسيّة وعلمية وتكنولوجيّة، إنما أكّد على القول بإننا عرب، وأنّ غيره من القادة الروحيين لهذه الكنيسة تحدثوا بمثل هذا وكأنك تريد بهذا القول أنهم أعلنوا عروبيّتهم وكان بعض ما ورد في مقالك بهذا الخصوص فيه بعض التجريح والتطاول على هذه الهيئات الدينيّة وأظنّ أن حرصك (الظاهر) على الأقلّ لو كان في موضعه (مع احترامي لرأيك) لما أغلظتَ في القول واتّهمتَ وعمّمت وخلطتَ الأمور.
أردتُ من هذه المقدّمة أن أتأكد من حرصك على مصلحة هذه الكنيسة، أم أن هذا الحرص الظاهر يخفي وراءه أغراضاً أخرى تسعى من خلالها إلى الوصول إلى نتائج لها اعتبارات لديك بسبب ميول سياسيّة أو تطلّعات قوميّة؟ وأيضاً أقول لك أنت حرّ فيما تعتقد وتؤمن به و رأيك ملك شخصيّ لك علينا أن نحترمه لكن نرجو أن يكون ضمن حدود المحافظة على وجوب احترام الآراء الأخرى وإلاّ نكون قد وقعنا - بل أوقعنا أنفسنا - في منزلق خطر دون أن ندري!
عزيزي رئيف: أظنّ أني كوّنتُ نظرة عامّة على مجمل ما تحرص على الوصول إليه وما تؤمن به من أهداف وما يراودك من أحلام، أنا لستُ ضدّك في هذا لكني أقول لك التالي:
إنّ هويّتنا القوميّة والدينيّة ليس بإمكان أحد كائناً منْ كان أن يسلبنا إياها لأنها ليست عطاءً من أحد لتؤخذ منّا وليست بمنّة من أحد لنساوم عليها ونحن ندرك تماماً ما الذي يجب علينا فعله، فنحن شعبٌ سريانيّ (على اختلاف التسميات والطوائف) من أقدم الشعوب وحضارتنا كانت من أعرق الحضارات وثقافتنا ظلّتْ ولمدّة طويلة من الزمن مصدر إلهام وعلوم ومعارف للكثير من شعوب العالم ولغتنا السريانيّة ظلّت لسنوات طويلة لغة رسمية لدول لم تكن سريانيّة، لأنها كانت المدخل إلى الحضارة من بابها السليم والذي لم يكن سواه في تلك الآونة، تشير إلى ذلك العلوم والثقافات والآداب والتراجم والطب والحكمة والفلسفة وغير ذلك من علوم تلك الأعصر.
أجلْ نحن لسنا عرباً وإلاّ لما تسمّينا سرياناً وهذا أمر بديهي يفهمه حتى الذي لا يملك عبقرية وفهماً كبيراً، لكن ومع حقيقة مقولة أن العرب هم بدو الآراميّين (وهو ما ذهب إليه الكثير من العلماء والمؤرخون) لا يمكن القول عن أنفسنا بأننا عربٌ لكن العرب بإمكانهم القول عن أنفسهم أنهم كانوا آراميين سرياناً! ومتى قلنا غير هذا نكون قد تنكّرنا لحقبة تاريخية طويلة من الحضارة والقدم والوجود وهو نكران لأصول أمة عريقة ضربت جذورها في عمق التاريخ البشري تأثيراً إيجابيا وبناء وعمراناً لقد ظلّت لغتنا لعقود من الزمن لغة رسمية لدول عظمى، ولستُ أدري بالضبط ما الذي يمكن أن يفهمه الناس من تصريحات قداسة بطريركنا؟ وما الذي يريدون منه أن يفعل؟
أنْ ننتفض ونقوم بثورة مسلّحة لاستعادة أراضينا وإعادة أمجادنا الغابرة والعمل على إحياء روائع تاريخنا بأساليب العنف المرفوضة تماماً في هذا العصر؟ هل لن نوصف بالإرهاب والتخريب وبهذا نعرّض كنيستنا وشعبنا وتاريخنا وأمتنا إلى نكسة جديدة بل وربما يتمّ هدم كل الذي بناه آباؤنا الأول وعلى مرّ عصور من الزمن؟ هل نعادي سوريا وتركيا والعراق ولبنان والأردن وفلسطين لاعتبارهم دول غاصبة لحقنا ويجب استعادة هذه الحقوق إنْ شاءتْ أم أبتْ؟
إنّ مثل هذه الأفعال والتصرفات والنداءات لا يمكن أن تخدم قضيّتنا لا سياسياً ولا دينيّاً وليس هذا إقرار مني بأن الضعيف يموت حقّه، لكن أريد القول: إن التعايش السلمي وبناء المجتمعات البشرية على أسس العدالة الاجتماعية غير المنقوصة في مجموع الحقوق والواجبات قد يعيد لنا حقوقنا المسلوبة أو جزءاً منها، وتبقى المشكلة هنا ويبقى السؤال كيف سيتمّ ذلك؟
علينا ألا نحاول إغماض أعيننا عن الواقع وتجاهل ما يجري من تطورات وأحداث على مختلف الأصعدة وفي كل مكان من هذا العالم، وهل تعتقد أن الأكراد استطاعوا الوصول إلى ما حصلوا عليه من اعتراف بالحقوق القوميّة جاء نتيجة نضالهم؟ إنك تخطىء متى ظننتَ ذلك، فجميع الذي حصل الأكراد عليه كان عطاءً أمريكياً لقاء خدمات قدّموها لهم، ومتى رأى الأمريكان أن هذه المصالح لم يعد لها ضرورة أو هي لم تعد مفيدة لأغراضهم الاستراتيجية والبعيدة المدى سعوا وبسهولة إلى تقويض هذه الدولة وكأنها لم تكن، صدّقني لا تتوهّم ومصالح الدول العظمى لا تسمح بإقامة الوطن المنشود للأمة السريانيّة وأنت تعرف ألاعيب هذه الدول وهي التي أجهضتْ حركة الآشوريين لقيام الدولة التي كانت على قاب قوسين أو أدنى وقد كان أبي (كبرو ألياس حنا) في العسكر الأنكليزي (الليفي) (في الحبّانية) في العراق ويقول دائماً : إنّ الإنكليز هم أكبركوّادي هذا العصر، ودهاة سياسة العالم وليست أمريكا هي التي تدير سياسة العالم بل إنكلترة" ويقول: "لقد أجرم الإنكليز في حق الأمة الآشورية وإلى الأبد" هل تعتقد أنّ مستجدات ما تبدو لك في الأفق البعيد تبشر بخير من هذا القبيل؟ إني شخصيّاً لا أرى ذلك ولا أريد أنْ أحلم كفانا أحلاماً فنحن اليوم نحتاج إلى يقظة وليس إلى حلم وأوهام.
هل تعتقد أنّ أمريكا هذه الدولة العظمى ستتخلّى عن تركيا وتضغط عليها لكي تعيد النصارى الذين هاجروا منها في ظروف القهر والظلم وتعيد لهم أراضيهم وممتلكاتهم؟ هل تعتقد أنّ آزخ أو ماردين أو مديات أو باسبرينة أو إسفس أو عين ورد أوغيرها يمكن أن ترجع إلينا ممّا فقد من بلاد ما بين النهرين (ميزوبوتاميا)؟ إننا بهذا نكون نحلم يا عزيزي رئيف!
هل تعتقد أنّ مصالح أمريكا في العراق في هذه الأيام ستفضّل مصالح الأمة الآشوريّة على مصالح آبار النفط؟ أم أنها ستخدعهم كمعلّمتها إنكلترة؟ هل علينا أنْ نعيش أوهاماً وأحلاماً لا يمكن أن ترى النور يوماً في ظلّ هذه المعطيات الدّولية؟ لا يملك السريان النفط كالكويتييّن الذين حررتهم أمريكا من صدّام بسرعة البرق! ولا يملك السريان منطقة تضاريس جبلية تمكّنهم من قيادة حرب عصابات للحصول على الحق الضّائع! كفانا أوهاماً وضياعاً.
يمكن القول أن الحق لا يموت وهذا صحيح لكنا نحن الذين هربنا من هذا الحق وتخلّينا عنه! هرب أجدادنا تاركين وراءهم كلّ شيء والواقع يقول : إن المقاومة والدفاع عن الحقّ يبقي على هذا الحق لكن الدفاع عن الحق في موطنه وعقر داره وليس بالابتعاد عنه آلاف الكيلومترات ومن ثمّ نطنطن وندندن ونهوبر مثل العربي الذي يقع من فوق الجمل وتتكسّر كلّ أضلاعه وهو لا يكفّ عن مناداة الجمل بهوب هوب طالباً منه الوقوق وعدم التحرّك، بالله عليك هل ترى رجاء فيما تعمل من أجله؟ أرني كيف؟ لو لم نغادر تركيا لما حصل لنا ما حصل وعلى الرغم من جميع المصاعب فإن الشعب المسيحي الذي ظلّ في تركيا لم يمتْ ولم يفن!إنّ الدول الكبرى لا تُعلّق عليها آمال كبيرة فهي إبنة مصلحتها توجّهها بوصلة هذه المصالح ليس إلاّ.
أجل قتلتْ تركيا وغيرها من المسيحيين منْ قتلوا، لكن ألا ترى أن المسيحيين أنفسهم وبسبب خلافاتهم المذهبية وأقصد السريان النساطرة والأرثوذكس تسببوا في قتل أكثر من هذا العدد؟ و أن الإرساليات التبشيريّة الغربية البروتستانتيّة والكاثوليكيّة تسببتْ هي الأخرى بأضرار للكنيسة السريانيّة لا تقدّر؟ كفانا محاولات التباكي على مصالح القومية لنقول أن المطران الفلاني قال كذا وأن البطريرك الفلاني قال كذا، وقد قرأت اليوم أيضاً أن انتقادات وجّهت إلى بطريرك بابل للكنيسة الكلدانية على بعض تصريحاته، إن هذه المحاولات لن تفيدنا في شيء وعلينا أن ندرك أن هؤلاء القادة الروحيين متى أخطأوا في إتخاذ قرار أو البوح بتصريح فإن التاريخ سيحاسبهم متى تبيّن خطأ ذلك.
إن هؤلاء القادة الروحيين يتفهمون الأمور والقضايا العالميّة والداخليّة أكثر من غيرهم وهم لا يريدون تعريض أمن شعبهم ومواطنيهم للضرر أو لمزيد من المآسي، لم تكن لنا أطماع قوميّة ومشاريع انفصالية في تركيا وغيرها وتعرّضنا لإبادات جماعية وقهر وتصفيات وتهجير فكيف بنا لو كانت لنا مثل هذه الطموحات والأهداف؟ أذكر أن نيافة مثلث الرحمات مار اوسطاثاوس قرياقس مطران الجزيرة والفرات كانت له مواقف وطنية ضد الهجرة من سوريا وقد اتّهم بسبب تلك المواقف بما لا يليق بمقامه من قبل الشباب الراغب في الهجرة، كما أن المثلث الرحمات البطريرك يعقوب الثالث ولنفس الأسباب تعرّض للضرب المبرّح على أبواب البطريركيّة بسبب محاولاته منع الشباب السرياني من الهجرة، أما أنا فلا أرى من الصواب أن نجعل شرخاً يحصل في المجتمعات التي نعيش فيها وعلينا كما قال غبطته أن نتفاعل مع هذه المجتمعات وهذا ما نفعله أيضاً في مجتمعاتنا الحاليّة التي نقيم فيها، وليس من الخطأ التفاعل مع المجتمع والمساهمة في تطويره وتقدّمه بل أن من الخطأ عدم فعل ذلك.
مذ وعيتُ وقرأتُ لم أجد في التاريخ السرياني ثورات وثائرين ومناهضين لما يمكن أنْ يسمّى غاصباً أو محتلاّ، على غرار ما كان يفعله إخوتنا الأكراد في مختلف أنحاء تركيا والعراق و إيران. أين هي الرؤية السياسيّة الداعية إلى إنشاء هذا الوطن؟ ثمّ هل علينا أن نقع في الأخطاء القاتلة التي وقعتْ فيها أوروبا لسنوات طويلة كلّفتها حروباً وضحايا بسبب مزج الدين بالسياسة؟ أما آن لنا أن نستوعب دروس الأمم المتحضّرة في تجاوز مثل هذه الأمراض الخطيرة في المجتمعات؟ و إلى أنْ يظلّ العرب يخلطون بين السياسة والدين ولا يتمكنون من اتخاذ القرار الحاسم بهذا الشأن كما فعلت بقية الدول المتحضرة، فإن المشاكل وأسباب التخلّف وعدم النهوض الاجتماعي والاقتصادي والحضاري سيظلّ يشلّ لديهم حركة التطوّر وسيظلّ التحرر والتقدّم والتطور شعارات على الورق فحسب! هل علينا أن نسيّس الدين؟ إنه الخطأ القاتل!
وللأسف أقول: إن الذين يتشدّقون في هذه الأيام بمقولة القوميّة ويضربون على أوتارها العاطفية في تناغم غير منطقي ولا واقعي، هم أنفسهم كانوا في ممارساتهم منْ دقّوا الإسفين في قلب هذه الفكرة وأساؤوا إليها بشكل واضح لخلافاتهم التافهة وأطماعهم الرديئة واهوائهم البائسة! لقد انقسموا على بعضهم وهاجموا بعضهم ولم يتورّعوا عن تصفيات بعضهم البعض فهل تريدني وتريد غيري أن يقع فريسة مثل هذه الأحلام المريضة والتخرّصات الحمقاء؟
أما الذي أعرفه من مجريات أحداث التاريخ ومن نتاجات الآباء الروحيين لكنيستنا المباركة أن اهتمامات هؤلاء الآباء الميامين لم تتعد حدود خدمة الروحانيات والسعي إلى نشر العلوم والثقافة وتوعية أبناء الأمة بوجوب التمسّك والحرص على المصلحة الوطنيّة وأينما وجد المسيحيون كانوا أمناء وأوفياء وشرفاء، ومتى فهم من قول غبطة البطريرك أننا عرب وهو ما تؤكد أنه قاله بصراحة ووضوح يمكن أن يراه القارىء من زاويتين اثنتين:
الأولى قد توحي بأنّ هناك ضغوطاً من نوع ما مورست على قداسته لقول مثل هذا، وأستبعد مثل هذا.
والثاني أنّه يريد من قوله هذا الدعوة إلى التآخي والتحابب والعيش المشترك في مجتمعاتنا التي نعيش فيها بأمن وسلام ولكأنه يدعوك وأنت في سويسرة أو في ألمانيا وأنا في ألمانيا وغيرنا في السويد أو أمريكا أو فرنسا أن نعمل على رفعة شأن هذه المجتمعات وأن نتعايش مع أبنائها بروح التسامح وقبول الآخر ولكن لكونه تحدث عن واقع قطر عربي أو آخر فمن هنا برزت الحساسية في هذا الشأن ليس إلاّ.
ليس بمقدور غبطته أنْ يتنصّل من كنيسته وهو قائدها وزعيمها لكن أن تُثار حول تصريحاته مثل هذه الضجة الإعلاميّة المفتعلة بقصد أو بغير قصد لتسعى إلى النيل من قداسته ومن ثمّ من كنيستنا الجليلة أو لإثارة نوع من البلبلة ممّا قد ينعكس سلباً على كنيستنا ومواطنيها فلا أراه سليما ومعافى خالياً من الالتباس. ومتى جزمنا القول أنه صرّح بمثل هذا فلسنا نحن الذين نحاسبه إذ لا سلطة لنا عليه.
أحبّ أن أكرّر ما قلته من أنّ العمل السياسي في هذه الأيام ومن خلال الأوضاع العامّة السياسية الدوليّة والداخليّة ليس خياراً صحيحاً وهو بالتالي لن يقود إلى نتيجة مؤمّلة ومرضيّة (اللهم إلاّ في محيط الوهم المشبع بالآحلام) وحين قلتُ أن قداسته لم يقل أننا عرب وأكّدت (أنت) بشواهد أنه قال ذلك فكنتُ أعني أنه ربّما أراد بالقول: أن العنصر العربي هو الغالب على مجتمعاتنا وهو ليس للترويج للعروبة أو إملاء التعريب وإلاّ لسعى إلى تغيير اسم كنيستنا! وهو شخصيّة حكيمة وواعية وتحمًل الكثير بسبب بعض مواقفه وآرائه.
ما أرجوه من هذا هو أن نناقش مثل هذه المواضيع بروح الحكمة والتعقّل والهدوء بعيداً عن التشويه والضوضاء وإثارة المشاعر أو للنيل من شخصيّة في وزن قداسته له احترامه وتواجده على الصعيدين الداخلي والعالمي.
لقد عانينا في أوطاننا الأصليّة فهل يُراد منّا أن نعاني أيضاً في مجتمعاتنا الجديدة؟ هل يجب أن يكتب علينا الشقاء والتنقل والهجرة إلى ماشاء الله؟ إني أحترم وجهة نظرك لكن أرجو أن لا تحاول التلفّظ بعبارات لا تليق بمقام قداسته فهذا تطاول على سيادته وعدم التزام أخلاقي منك أيضاً.
أعتقد أنّ كلينا يؤكد مقولة أننا لسنا عرباً لكن هل الجزيرة العربيّة هي الموطن؟ أم العراق؟ أم هي أرمينيا؟ فهذا ما لم يتمّ التأكد منه حتى هذا اليوم وعلينا ألا ننفي أو نثبت متى لا نملك الأدلة الدامغة والثبوتيات القطعية في أمر مثل هذا.
بالنسبة لآزخ أستطيع القول إن قبائل عربية كانت هاجرت من اليمن والحجاز إلى الجزيرة السورية قبل الميلاد وبعد الميلاد ولكن بشكلّ غير كثيف أما الهجرات الكبيرة فقد تمّت فيما بعد الفتوح الأسلاميّة وعلى مختلف مراحل التاريخ هذه سكنت في آزخ قبائل عربيّة منها ما نعرفه في تاريخنا المعاصر حين تم الاستنجاد بالشيخ (زبيد) ويقال أنه من الأسرة الحمدانيّة استقدم جيشاً جرّاراً من اليمن والحجاز و مصر والسودان إلى آزخ لمساعدة أهلها على مقاومة الآشوريين والأرمن الذين قطعوا عليهم طريق القدس (ولهذا نجد عشائر المصركيّة (من مصر) من جملة عشائر آزخ وكذلك السودانكية (من السودان) الذين اندمجوا مع المصركية بمرور الزمن ولآن مصر والسودان كانت دولة واحدة)، وتمّ طرد الآشوريين إلى منطقة (كلعة يارة) والأرمن إلى مناطق أرزن الروم وأورميا، وظلّت هذه القبائل في آزخ سكنت في الجبل الأبيض الذي تطلّ عليه آزخ ويسمى أحياناً باسمها، وطالتْ إقامتهم وكان لا بد من التأثير ففي لهجة آزخ قوراض لغوية سريانية واضحة تدلّ على أساس اللغة السريانيّة كلغة أم أولى لكن وبفعل الغلبة تراجعت السريانية في آزخ وظلّت لغة الطقس الكنسي فيما شاعت وعمّت العربيّة، وقد التقيت الكثير من شيوخ زبيد وأكدوا لي على أنهم كانوا نصارى وسريان وأنهم أولاد عمومة لأهل آزخ كما أن آزخ آوت وحمتْ قبائل من شمّر التجأت إليها في ظروف بعد مقتل الحسن والحسين ويذكر لنا ذلك شيوخ شمّر باحترام ويؤكدون قرابتهم لآزخ وأهلها، تظلّ هذه القضايا قيد الدرس والتحقق بسبب الضياع الشامل لكل شيء وقد ذكر لي السيد رزقو خلف وهو من ديريك والمرحوم يعقوب صارة والسيد لحدو حنا القس وبولس حنا القس أن كتاباً كان يوجد بحوزة حنا القس يوسف يتحدث عن جميع هذه الأحداث والتواريخ وأنه تمّت استعارته وقراءته من قبلهم ولا يعرف مصيره اليوم.
نحن تعرّضنا للإبادة بسبب رغبتنا في الحفاظ على ديننا المسالم والمتآخي مع جميع الأديان الأخرى فهل يريد البعض تسييسه كي لا تقوم لأمة السريان قائمة بعد ذلك، أرجوكم الرحمة بأنفسكم أولا وبنا بعد ذلك من خطورة ما تفكرون به وتسعون إلى تحقيقه! مع كلّ محبتي واحترامي وتقديري لشخصك الكريم.
التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 06-08-2005 الساعة 08:48 AM
|