الموضوع: قيامة الكلمات
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-01-2007, 11:47 AM
الصورة الرمزية هيلانة زاديكه
هيلانة زاديكه هيلانة زاديكه غير متواجد حالياً
Super VIP
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,794
افتراضي قيامة الكلمات

قيـــــــامة الكلمــــــــــات
الشماسثيوذوروس الغندور
ما أحوجنا اليوم الى أناس يجسدون كلماتهم افعالاً. وبدل ان ينهالوا علينا بكلامعن مشاريع ومخططات وأفكار توصف دائماً بالمتقدمة والراقية والرائدة والمنقذةوالمخلصة، فليجعلونا نرى مشاريع بناءة وراقية ورائدة. فبالكلام لا شيء يتغير وما منتقدم يحدث إلا بوضع اليد على المحراث دون الالتفات الى الوراء.
لنا مثالاً علىذلك، ربنا يسوع المسيح، الكلمة الذي تجسد مثالاً حياً، فجعل كلامه اعمالاً وافكارهمسلكاً ومشروعه ممكناً، فكان كلمة خلاص يتحقق به لكل انسان يسلك في طرقه. فالكلمة "الذي صار جسداً وحل بيننا" (يوحنا 14:1)، هو نفسه "الذي به نحيا ونتحرك ونوجد" (اعمال الرسل 28:17). فقد ارتبطت الكلمة بالحياة حتى حوّلت الكلمة الىحياة.
فماذا تجدي كلمات عن المحبة ان لم تحب وتعبر عن محبتك؟ وما نفع كلمات فيالمسامحة ان لم تترافق بأفعال المصالحة ومواصلة اللقاء بالآخر؟ وبأي مصرف تصرفالمواعظ حول العطاء والكرم ومساعدة المحتاج فيما هو بحاجة الى من يدفع عنه خطرالجوع والألم وأعباء الحياة، اوراقاً نقدية ومساعدات عينية؟ واي تعزية هي تلك التيتصلك على ورقة مسماة برقية تعزية وتفاجأ انها من جارك في الطابق العلوي من المبنىاو من قريب لك او من صديق يسكن في الشارع المقابل لمنزلك؟ واي محبة هي تلك التي ترىالمحتاج والمعوز عارياً، يرتجف من البرد، او جائعاً يبحث عن فتات الخبز ليسد بهاجوعه او عطشاناً جفت شفتاه فيما شفتاك لا تنبري تردد له كلمات في المحبة. فهل محبةكهذه تكسو عرياناً او تشبع جائعاً او تروي عطش ظمأناً او تبعث حياة في منازع علىحافة الموت؟ اي حياة هذه المكونة من كلمات مصنوعة من حبر، مسجونة بورق، مخفية فيملفات داخل ادراج. حياة مدفونة تحت تراب يتراكم بتراكم محبي الكلام الجاف كالثريالذي يُنثر على أعين الناس فيعمي بصيرتهم عن الحقيقة ويجعلهم يقتنعون بالأحلامالوردية والورقية ويتحدثون عنها؟ لا وألف لا! انفض الغبار عن مقلتيك وهبّ ناهضاً منغفوتك. واخلق اتصالاً بين فكرك وشفتيك ويديك. وإفعل ما عليك بضمير حي. فتنقل بذلكعدوى الحياة للآخرين من حولك.
فيفعل كل واحد ما عليه وتتجسد الكلمات افعالاًوتبث الافعال حياة في عالم ضاق خلقاً تحت غبار الشفاه واحلولك حبر صفحاته المائتةالتي تنتظر قيامة الكلمات.

= عن جريدة النهار اللبنانية =
رد مع اقتباس