عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-01-2007, 10:08 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,065
افتراضي فرصة أتتك ولم تستغلها وندمت عليها.

فرصة أتتك ولم تستغلها وندمت عليها
أخواتي... إخوتي
إنّ الحياة عبارة عن مسرحية يقوم كلّ منّا بتمثيل دوره فيها كما يحلو له وكما يوجهه دافع وعيه وخبرته التي حصل عليها من خلال مسيرة حياته الطويلة. وما من شك أنّ لكلّ منّا وجهة وطريقة في التعامل مع المواقف وظروف الحياة ومستجداته وهو يسعى إلى إثبات ذاته وتحقيق ما يصبو إليه من أهداف إنسانية أو اجتماعية أو أسرية الخ. لكني ومن خلال خبرتي واطلاعي على أمور كثيرة في الحياة ومن خلال التعرف على حياة آخرين ودراسة ظروف حياتهم وأنماطهم الفكرية وسلوكياتهم تبين لي أن لكل إنسان في الوجود فرصة أو أكثر من فرصة تكون قد واتته في لحظة ما أو في ظرف معين وتمنى لو استطاع تحقيق واقع الاستفادة من هذه الفرصة المسنوحة له والتي قد لا تأتي في الحياة كلها إلا مرة واحدة, فسرعان ما يدرك أن أموراً خارجة عن إرادته منعته أو مواقف من شخص ما أو من ذاته لم تدعه يقدم على فرصة الاستفادة من هذه اللحظة ولهذا فإني لعلى ثقة من أن كثيرين منكم ينطبق عليه هذا القول كما انطبق علي وسأكون الباديء في سرد موقف من مواقف حياتي التي جاءتني فيها فرصة جميلة تمنيت لو تحققت لكنها تبخرت ولم أتمكن من فعل ذلك وندمت فيما بعد عليها ندماً شديداً وقد أكون صادقاً متى قلت لغاية اليوم أحس بأنه كانت أمامي فرصة ثمينة كانت ستفتح أمامي آفاق أخرى أكثر طموحاً. والقصة تتلخص في التالي:
عندما حصلت على شهادة أهلية التعليم الإبتدائي كان لي ولع شديد بمتابعة الدراسة الثانوية ومن ثم الجامعية وما بعد الجامعية للتخصص في مجالات اللغة العربية ومن ثم الحصول على درجة الدكتوراء ( من الواضح أن الأشخاص يتسمون في واقعنا العربي بما يحلونه من شهادات لا بما يحملونه من معارف بكل أسف). كان هذا الحلم يراودني كثيراً وكانت أمنيتي الوحيدة أن أصبح معرفة في عالم اللغة العربية وتخصصاتها نظرا لعشقي الكبير لها ولمقدرتي وتفوقي على معظم زملائي في الدراسة في مادتي اللغة العربية والإنكليزية كان يعادلها بالطبع كسلي في الرياضيات وعدم محبتي لها ولا للهندسة ولا المثلثات وأخواتها فقط مادة الجبر كنت مولعا بها ومنتجاً. شئت بعد الدراسة الإعدادية أن أكمل دراستي في هذا الاتجاه غير أني لمست موقفا صارما من والدي في تلك الأيام ونظراً لوضعنا المادي الضعيف أرد والدي أن أدخل دار المعلمين لأن طلاب دار المعلمين كانوا يتقاضون راتبا ولأجل هذا الراتب لم يوافق والدي على متابعة دراستي وأذكر أنني استقدمت يومها صديقي وأستاذي المرحوم حنا شيعا لما كان له من تأثير على أهالينا وجاء إليه وهو في الدكان الذي كان ملكنا في ديريك عارضا عليه رغبتي الشديدة في متابعة دراستي إلا أنه عارض بشدة وشرح للمرحوم حنا شيعا ظروفنا المادية القاهرة التي توجب علي أن أقبل بدخول دار المعلمين للتخرج لاحقاً كمعلم مدرسة ابتدائية وأبقت لحظات ضياع هذه الفرصة مني جرحا عميقا داخل نفسي عانيت منه كثيرا وأذكر أنه لم يكن يستطيع منافستي في إعراب المفردات والجمل وقواعد اللغة العربية الأخرى أيّ من المدرسين الذين كانوا تخرجوا من الجامعة متخصصصين باللغة العربية بشهادة الكثيرين منهم ولهذا التفوق في اللغة العربية تم انتدابي لتدريس صفوف السابع والثامن في ثانوية يوسف العظمة في ديريك كما أنني لا أزال أذكر تعليق مراقب الكفاءة في فحص الشهادة العامة حين قرأ موضوعي عن العمل كيف صار مبهوتا وأسرع إلى زميله المراقب الآخر ليقول له تعال واقرأ هذا الموضوع وقال لي في حينها: إنك ستصير آفة من آفات اللغة العربية. ضاعت فرصتي وندمت عليها أشدّ الندم وحين تخرجت من دار المعلمين بل وقبل ذلك في السنة الثالثة كان من حقنا أن نتقدم إلى فحص الشهادة الثانوية (البكالوريا) غير أني تراخيت وبعد التخرج سحبت فوراً إلى خدمة العلم التي دامت 4 سنوات وعشرة شهور دفعة واحدة في البحرية السورية في مدينتي اللاذقية وطرطوس وفي بانياس وجبلة.
أتمنى على الأخوة الأحبة الذين لديهم رغبة في ذلك أن يسجل كلّ منهم فرصة من فرص حياته تمنى أن يحقق فيها شيئا وهي جاءته على طبق من ذهب لكنه لم يستغلها فضاعت منه وندم عليها بعد ذلك. ولكم كل شكري ومحبتي.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس