الموضوع: الغيره والشك
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 21-08-2006, 11:31 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,248
افتراضي

شكرا لك قريبتي صباح واسمحي لي بالمشاركة لأقول:
فعلا يجب تحكيم العقل في مثل هذه الحالات. فالإنسان كتلة من المشاعر والأحاسيس وعلى الزوج مراعاة مشاعر زوجته والابتعاد عمّا يمكن أن يتسبّب لها بإذى أو قلق. لأن ذلك سوف ينعكس بالنهاية عليهما معاً, من خلال تأثر علاقتهما بها. الغيرة متى كانت بحكم الواقع العقلاني دون أن تتجاوز حدودها تكون جميلة. فالمرأة تسعد حين تكون موضع اهتمام زوجها بها. وإطراء الرجل من حين لآخر على أعمال زوجته وأفكارها وما يبدر منها من تصرفات, تريح المرأة كثيراً.
كلّنا يعرف أن المرأة إنسان رقيق وعاطفي وتلعب المشاعر دوراً كبيراً في حياتها وسلوكها وتصرفها! وهي لا تستطيع العيش دون غلبة العاطفة على العقل. وإلا ستصبح رجلا! المرأة. عنصر جميل, مثل وردة يحتاج إلى رعاية واهتمام. وكلّما استطاع الرجل أن يقلع (الحشائش الغريبة!!) من عالم حياته الزوجية, ومن حول هذه الوردة الجميلة (المرأة) كلّما ارتاح معها وريّح نفسه.

أما الغيرة كما قلت فهي عند الإثنين معاً, ولكن هي أقوى عند المرأة بفعل عوامل اجتماعيّة كثيرة. ومتى وقع مشكل ما, أو حصل موقف يدعو إلى ريبة أو شك أو غيرة. فإن العقل دائماً هو الحكم وهو المشرّع وهو صاحب الكلمة الفصل في هذا الأمر. علينا أن نستخدم عقولنا لا عواطفنا في هذا المجال. قد تختلف أوضاع المتزوجين هذه الأيام على ما كانت عليه من زمن قديم. فالزوجان يعيشان على الأغلب معاً دون أي من طرفي الأهل, كحماة أو ابنة حماة أو أخ أو أخت. إننا عشنا حياة زوجية ضمن أسرة كبيرة العدد ومتباينة الأفكار والآراء والتوجّهات. وكانت تنشأ بعض الخلافات, ويظهر بعض سوء الفهم وقد يتحوّل إلى عداء في كثير من الأحيان. وكان دور الزوج صعباً جداً. فعليه أن يوفّق بين مختلف أنواع هذه الشرائح المتعددة في الأسرة الواحدة, ليخلق توازناً لحياته العائلية. لا تؤثر عليها وبالتالي لا تقطع الصلة والتواصل بين أفراد الأسرة. وكنا دائماً نحاول التغلّب على هذه المصاعب بالحكمة والتعقّل والاقتناع بأن هذه الأوضاع لن تكون ابديّة! فهي ستنتهي في يوم ما ويصير للزوجة بيتها وزوجها الذي لن يشاركها فيه أحد. وبهذا الشكل كانت الأمور تتحلحل والأوضاع ينظر إليها من باب واسع. لا كما هي عليه الآن! فالاحتقان كان موجوداً وكان يمكن لكلمة عاديّة أن تحدث انفجاراً في البيت!
أقول في هذه الأيام يستقلّ الزوجان لوحدهما, ويبدآن حياتهما دون تدخلات أو تأثيرات خارجيّة. كما كان في الزمن الماضي, واليوم الوضع هو أسهل ممّا كان بالأمس! متى تمكّن الزوجان من وضع مسببّات الغيرة ضمن حدود ضيّقة بمقدور المرء السيطرة عليها, ولجمها دون أن تستفحل وتؤدي إلى نتائج وخيمة غير مرجوة.
عندما يفهم الزوج وتفهم المرأة أن الغيرة أمر حاصل وهو عفويّ وطبيعيّ! فإذاً يتمّ الإقرار بأنه لا مفرّ من وجود الغيرة في الحياة الزوجيّة. ولطالما نقرّ بهذاّ فعلينا أن نسعى (ومن باب الحرص على مصلحة الحياة الزوجية ولإبعادها عن المشاكل) إلى البحث عن أماكن حصول هذه الغيرة. أو البؤر التي يمكن أن تفجّرها, فنجلس معاً برويّة وهدوء وبعيداً عن التشنّج وبعيداً أيضاً عن التشبّث بالرأي الذاتي, وبعيداً عن مساعي إقفال الباب بشكل مطلق أمام الشريك ليعطي وجهة نظره, ويناقش الأمر كما يراه. بهذه الروح الواعية والهادئة والمتّزنة يمكن القضاء ليس فقط على مرض الغيرة, بل على أمراض كثيرة يمكن أن تؤثر في الحياة الزوجية, هذه الحياة التي يجب أن تكون جميلة وهادئة وسعيدة, وبعيدة كل البعد عمّا يمكن أن يتسبّب لها بمتاعب.
أي أمر في الحياة يتطلّب منّا العمل سوياً وبتروي وعقلانيّة! وإلا فإننا سوف نساهم عن قصد في خراب بيوتنا! الرب خلق العقل ميزة للإنسان وتوازناً يعمل على الاختيار السليم. ومن المعروف أن كثيراً من العائلات ذهبت ضحية جهل. أجل جهل! لأن العقل هو الذي يجب أن يكون المحرّك في هذه الناحية وليس العاطفة التي ستؤذي أكثر وتعقّد الوضع أكثر. عقولنا هي منار لنا, ومتى كنا قادرين على الاستهداء بنورها, نكون أكثر نجاحاً وأسعداً حياةً وأوفر حظّاً.
الغيرة إثم وداء ليس له علاج متى خرج عن حكم السيطرة وتحوّل في وقت من الأوقات إلى شك. فلنكن واعين وعلى مستوى المسؤولية التي أردناها لأنفسنا ولشركاء حياتنا. علينا أن نسعى إلى إسعادهم والعمل على راحتهم وإبعاد كل ما يسبّب لهم بخوف من المجهول أو قلق نفسيّ أو اضطراب من أيّ نوع كان. الغيرة هي كالتوابل الجميلة لطعام الأسرة السعيدة, ولكن متى زادت نسبتها فإنها تتلف طعم الأكل وتفسده, مثلها مثل أي نوع من هذه التوابل المضافة إلى الطعام العادي! هناك ضرورة للغيرة! وهي دليل واضح على الحبّ والمحبّة! أما أن يتمّ تضخيمها وتضييق دائرة التفكير عليها وحصر كل العلاقة بها بحيث تتحول إلى شك مدمّر! فهذا بكل تأكيد لن يساهم في إنجاح الحياة الأسرية! بل سيفتّتها ويساهم في تزييف جمالها, ويعكّر صفو هدوئها.
إنه موضوع شيّق ولا يجب أن نمرّ عليه مروراً عابراً وعاديّاً, فلا يشعر بضرر هذا الداء إلاّ مَنْ عانى ويعاني منه. أبعده الرب عن حياتكم وجعل كل أيامكم سعيدة بوعيكم وحرصكم الأكيد على استمرار المعادلة السليمة في أساس الحياة الزوجية. فهناك أمراض كثيرة غير الغيرة تعكّر مزاج الزوجين وتتسبّب لهم بخلافات. ويكون العقل دائماً وأبداً هو الحلّ المطلوب, والحكم العادل الذي سيعيد إليها روح التوازن إن تخلخل في لحظة ما!
رد مع اقتباس