رفيق نضالنا المشترك أبو سلام الغالي
لن تصدق كم كنت سعيدا بهذه النفثة التي طرحتها عن صدرك بإفصاح صريح غير قابل للماطلة أو التسويف أو التكهنات. أجل أيها الرفيق عشنا داخل الحزب حالات كانت أقرب إلى الشوفينية منها إلى الأممية. ومع احترامي الكبير لأخوتنا الأكراد الذين تسللوا إلى داخل الحزب الشيوعي السوري واستغلوه لأغراضهم الشخصية والعائلية والعشائرية أقول: إني لست حاقدا على أحد وأنا شخص منفتح القلب والفكر والعقل لكن الذي كان يجري داخل صفوف الحزب من تسليم الأكراد المناصب القيادية في الحزب وإرسالهم في بعثات إلى روسيا وبقية الدول الشيوعية وعلى حساب ونفقة الحزب عشرة بل عشرون مقابل شخص سرياني أو غير كردي, وكان الكثير من الاجتماعات المعقودة يتم التكلم فيها باللغة الكردية وكأنها لغة الحزب الناطق بها. وقد عايشنا ظروفا كثيرة من تضييق على رموز سريانية وغيرها من قيادات الحزب والتقليل من دورها لصالح القيادات الكردية بدعم من خالد بكداش وحاشيته. فعلى سبيل المثال في منطقة القامشلي فإنه تم الحد من صلاحيات ملكي عيسى وغيره وهو المعلم والقائد والمثقف الذي درس ولسنوات طويلة في تخصص إيولوجية الحزب وتم رفع قدر رمو شيخو الكردي الذي مثّل الحزب الشيوعي السوري في أحد مؤتمرات الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي ليتحدث قائلا وبكل ركاكة لغوية وعدم فهم لما يقول وببغائية واضحة: (إن حزبتنا الشوعية السوري) هذا عضو منطقية تم تسليمه زمام الأمور في الحل والربط وهو أمي لا يفقه من الحزب والسياسة إلا ما كان يردده كالببغاء.
أما أن يلومك يا رفيقي وديع شخص مثل عبد الله على كونك صرت متدينا وانحرفت عن مسار الحزب وخطه, فإني أحب أن أقول له أني أعرف رفاقا شيوعيين كانوا معنا في دار المعلمين بالحسكة وكنا معا في خلية حزبية واحدة لم يتحولوا إلى أناس باتوا يخافون الله ويعملون من أجل اليوم الآخر بل هم تحولوا إلى شوفينيين يكتبون الآن في المواقع الكردية بما يتعارض ألف درجة مع فكره الأممي الذي كان يحمله ذات يوم. فأمر أن تتحول إلى متدين مسالم يحب الناس جميعا على اختلاف أديانهم خير من أن تصير قوميا شوفينيا تحقد على بقية الشعوب والقوميات الآخرى بل هو شرف لك والعودة عن ضلال كان وقع فيه الإنسان ليس عارا!.
نعم عانينا الأمرين من جميع تلك الممارسات الخاطئة والسلبيات غير المبررة وما كان أسهل من التخلص ممن لا يرغبون فيه وإنهاؤه مثل اتهامه بالتعامل مع أجهزة الأمن والمخابرات أو تلفيق تهم معينة له أخلاقية أو غيرها للتخلص منه لكونهم لا يستطيعون مجابهته بالفكر الواعي والنقاش القائم على الرأي والرأي الآخر. كان الحزب الشيوعي السوري في تلك الأيام من أهم الأحزاب العربية المؤهلة لتسلم السلطة في البلاد بعد الحزب الشيوعي السوداني والحزب الشيوعي العراقي. لكن ممارسات قادته أضاعت كل شيء ولم نستفد من كل تلك التجربة سوى أننا تثقفنا فالشيوعي كان عليه أن يكون مثقفا وهذا ما كنا نستميت من أجله فنطالع ونطالع ونقرأ دون كلل أو ملل. ولا أخفي أنني كنت في اللجنة الثقافية والإعلامية في الحزب وكنت الذي قدّم نقدا لمشروع النظام الداخلي وأقرّ في محلية ديريك وقدّم باسمها إلى منطقية القامشلي كما مثلت المنطقية (الشباب) في أحد مؤتمراتها في دمشق.
كانت أياما سوداء بكل معنى الكلمة كرهنا من خلالها كل ما له صلة بالسياسة والسياسيين لأنها لعبة قذرة يتسلى بها الأغبياء.
شكرا لموضوعك ومحاورتك الجميلة والتي هي من صلب الواقع المعاش وجاءت متينة وقوية لما فيها من صدق ومعاناة طالت الكثيرين من أعضاء الحزب وخاصة جماعتنا السريان أقول هذا بكل أسف فالسكوت عن الخطأ ومحاولة التعتيم عليه لا يلغيه بل يجعله يستفحل أكثر مما هو عليه الآن.
|