إلى أن يستمرّ ظلمك ... ستدوم أسبابُ تعاستي!
مررتَ بي وأنا جائع ملقى على رصيف الحاجة فلم تمدّ لي يد العون!
قالوا لك: إنّ فقيراً يعاني من شقائه وبؤسه وحرمانه, هناك ليس له من أحد يعينه, فلم تلتفت إليّ!
سمعتَ أني عطشان محتاج قطرة ماء تروي ظمأ حياتي, وتطفي لهيب جوفي بيد أنّك لم تكلّف نفسك عناء التوجّه إليّ والسؤال عن حاجتي!
علمتَ بأني مظلومٌ وتمّ الاعتداء عليّ وسرقة عمري ومشاعري ولم تكترث بي!
أدركتُ أنك لا تسأل عني ولا تريد التوقّف عند حدود مملكة ضعفي بل أنك تنتمي إلى عالم الأقوياء ... عالم الأغبياء الذي لا همّ لهم سوى ابتلاع الغير, والدوس على كرامتهم وسحق أمانيهم وتدمير أحلامهم, وتحويل حياتهم إلى جحيم لا يطاق!
تأكدتُ أنّك ذلك الجبروت الذي ينتصب عمودا من الشموخ فوق أجساد ضحاياه, وهو يبني قصور أمانيه وأحلامه فوق جماجمهم مسروراً سعيداً!
صارت ثقتي أكثر من أي وقت مضى بأنك إنما تنتسب إلى عالم الديناصورات البشرية التي تمتصّ دماء الفقراء والمساكين وتسلخ جلود الضعفاء وتبيع في كرامة الناس وتستهتر بقيمهم وأخلاقياتهم!
لماذا أنت هكذا أيّها الحوت الشّرس الخارج مع أعماق بحار الظلمة والظلام, والقادم من وراء محيطات الكراهية والبغضاء والفتنة؟
إلى متى ستهدر قيم الناس وتتلاعب بها؟
إلى متى ستصلب إرادة كل من يرفع صوته أو يهمس معلنا اعتراضه على قرارات بطشك ونزق جهالتك؟
إلى متى سيدوم هذا السلطان المولود من عفن التاريخ والموروث من قيم اجتماعية عفا عليها الزمن, وركلها الحق بأقذر حذاء؟
لماذا لا تقرّ ولو لمرة واحدة, أو ليوم واحد بحق الغير في الحياة الكريمة والعيش الرغيد؟
لماذا تتسلطن غروراً وجشعاً واستخفافاً بالآخرين, متوهما وواهما بأن سلطتك ستدوم, و أن سلطانك لن يقهر؟
كنتُ ولا زلتُ جائعا وعطشانا وضعيفا وأسيراً ومهضوم الحق ومسلوب الرأي والقول والقرار, والسبب الأول والأخير في كل هذه المأساة هو أنت ... أنت بتسلّطك وقهرك وجموحك وتعنّتك وصلفك وحقارتك أيها الراغب في أبدية لن تدوم لك ولا لسواك!
كنتُ منهمكا في معاينة جروحي, فجئتَ تتأمل تلبكي وتسخر منّي وتفتّق ما كان اندمل من جروح مأساتي!
كنتُ متوهّما بأن لك قلباً وتملك ضميراً وتحمل عقلا ... لا وألف لا إنك لا تحمل قلبا ولا عقلا ولا تملك ضميراً لأن الجشع والمزيد من الرغبة في ممارسة الجشع غيّبت ما كان فيك من كل ذلك!
سأظلّ أعاني من كل هذا لطالما يظلّ في يدك قرار حكمي وتحمّل مسؤولية بقائي في هذا العالم الرديء الذي يحكم فيه شرس وشره مثلك, يغفلُ حقوق الآخرين ويسقط من كل حساباته غضب الرب!