جبرانيات ( 3 )
الصداقة ...
ثم قال له شاب : هات حدثناعن الصداقة .
فأجاب و قال :
إن صديقك هو كفاية حاجاتك .
هو حقك الذي تزرعه بالمحبة و تحصده بالشكر .
هو مائدتك و موقدك .
لأنك تأتي إليه جائعا ً وتسعى وراءه مستدفئا ً.
فإذا اوضح لك صديقك فكره فلا تخش ان تصرح بما في فكرك من النفي ، او ان تحتفظ بما في ذهنك من الإيجاب .
وإذا صمت صديقك ولم يتكلم ، فلا ينقطع قلبك عن الإصغاء إلى صوت قلبه .
لأن الصداقة لا تحتاج إلى الألفاظ والعبارات في إنماء جميع الأفكار والرغبات والتمنيات التي يشترك الأصدقاء بفرح عظيم في قطف ثمارها اليانعات .
وإن فارقت صديقك فلا تحزن على فراقه ،لأن ما تتعشقه فيه أكثر من كل شيء سواه ، قد يكون في حين غيابه أوضح في عيني محبتك منه في حين حضوره . لأن الجبل يبدو لمن ينظر إليه من السهل أكثر وضوحا مما يظهر لمن يتسلقه .
ولا يكن لكم في الصداقة من غاية ترجونها غير أن تزيدوا في عمق نفوسكم .
لأن المحبة التي لا رجاء لها سوى كشف الغطاء عن أسرارها ليست محبة بل هي شبكة تلقى في بحر الحياة ولا تمسك غير النافع .
وليكن أفضل ما عندك لصديقك . فإن كان يجدر به أن يعرف جزر حياتك ، فالأجدر بك أيضاً أن تظهر له مدها .
وما قيمة صديقك الذي لا تطلبه إلا لتقضي معه ما تريد أن تقتله من وقتك ؟ فاسع بالأحرى إلى الصديق الذي يحيي أيامك ولياليك ، لأن له وحده قد أعطي أن يكمل حاجاتك لا لفراغك ويبوستك .
وليكن ملاك الأفراح واللذات المتبادلة مرفرفاً فوق حلاوة الصداقة ، لأن القلب يجد صباحه في الندى العالق بالأشياء الصغيرة, فينتعش ويستعيد قوته .
يتبع .... المحبة ...
|