جبرانيات ( 2 )
جبرانيات ( 2 )
مقتطفات من كتاب النبي ... لجبران خليل جبران
الزواج .....
وقالت المطرة ثانية : حدثنا عن الزواج ؟
فقال :
ولدتما معاً ، وتظلان معاً.
حتى في سكون تذكارات الله.
ومعاً حين تبددكما أجنحة الموت البيضاء .
ولكن ، فليكن بين وجودكم معاً فسحات تفصلكم بعضكم عن بعض ، حتى ترقص أرياح السموات بينكم .
أحبوا بعضكم بعضاً ، ولكن ، لا تقيدوا المحبة بالقيود بل لتكن المحبة بحراً متموجاً بين شواطئ نفوسكم .
ليملأ كل واحد منكم كأس رفيقه ولكن ، لا تشربوا من كأس واحدة .
أعطوا من خبزكم ولكن ، لا تأكلوا من الرغيف الواحد .
غنوا وارقصوا معاً, وكونوا فرحين أبداً . ولكن ، فليكن كل منكم وحده كما أن أوتار القيثارة يقوم كل واحد منها وحده ولكنها جميعاً تخرج نغماً واحداً .
ليعط كل منكم قلبه لرفيقه ولكن ، حذار أن يكون هذا العطاء لأجل الحفظ لأن الحياة وحدها تسطتيع أن تحتفظ بقلوبكم .
قفوا معاً ولكن ، لا يقرب أحدكم من الآخر كثيراً لأن عمودي الهيكل يقفان منفصلين ، والسنديانة والسروة لا تنمو الواحدة منهما في ظل رفيقتها .
**********
الأولاد .....
ثم دنت منه إمرأة تحمل طفلها على ذراعيها وقالت له : هات حدثنا عن الأولاد .
فقال :
أولادكم ليسوا لكم ...
أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها ، بكم يأتون إلى العالم ولكن ليس منكم .
ومع أنهم يعيشون معكم فهم ليسوا ملكاً لكم .
أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم لأن لهم أفكارأً خاصةً بهم .
وفي طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادكم ،
ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم .
فهي تقطن في مسكن الغد ، الذي لا تستطيعون أن تزوروه حتى ولا في أحلامكم .
وإن لكم أن تجاهدوا لكي تصيروا مثلهم ،
ولكنكم عبثاً تحاولون أن تجعلوهم مثلكم .
لأن الحياة لا ترجع إلى الوراء ولا تلذ لها الإقامة في منزل الأمس .
أنتم الأقواس وأولادكم سهام حية قد رمت بها الحياة عن أقواسكم .....
فإن رامي السهام ينظر العلامة المنصوبة على طريق اللانهاية ، فيلويكم بقدرته لكي تكون سهامه سريعة بعيدة المدى .
لذلك, فليكن التواؤكم بين يدي رامي السهام الحكيم لأجل المسرة والغبطة .
لأنه كما يحب السهم الذي يطير من قوسه هكذا يحب القوس الذي يثبت بين يديه .....
**********
يتبع ... المحبة - الصداقة
|