مشاركتي على برنامج ماذا لو ... و فقرة اليوم هي الليل ... تاريخُ الحنينِ و أنت ليلي في أكاديمية العبادي للأدب و السلام إعداد و تقديم الدكتورة سيليا علي و إشراف عميد الأكاديمية الدكتورة شهناز العبادي
ماذا لو… الليلُ تاريخُ الحنينِ، و أنتَ ليلي؟
بقلم: فُؤاد زاديكِي
ماذا لو كانَ الليلُ تاريخَ الحنينِ، و أنتَ ليلي؟
كيفَ أُطفئُ جُمرَ الشّوقِ في قلبي، و النّجومُ شهودٌ على لَواعِجي؟
إنَّهُ ذاكَ السُّكونُ العجيبُ، حينَ تسكُنُ الأصواتُ، و تَعلو الأصداءُ في داخِلِي.
يَغفو الكونُ، و تَسهرُ في قلبي الذّكرياتُ، تمشي على أطرافِ الحنينِ، تهمسُ لي باسمِك.
اللّيلُ سِرٌّ عظيمٌ، لا يُفشيهِ إلّا العاشقون.
هوَ مَلاذُ المُشتاقينَ، و ملجأُ القلوبِ المُنهَكةِ من بَردِ البُعدِ.
في اللّيلِ، يُصبحُ القمرُ نافذتي إليك، و السَّماءُ سِجلًّا أقرأُ فيهِ تفاصيلَ حضورِك.
كأنّ النجومَ عيونٌ تَرقُبُني، تُواسي غربتي، و تُخبّئُ لي منكَ وعدًا لا يَشيخ.
يا ليلي، يا من سَكنتَ ليلِي، كيفَ أُقنِعُ قلبي أنّكَ وهمٌ عابرٌ؟
و كيفَ أَقتلُ في روحي مَوعدًا لم يأتِ؟
كلّما طالَ الليلُ، طالَ معهُ حديثي إليكَ،
و كلّما صمتَ الكونُ، علا في داخلي صوتُكَ، كأنّهُ يتسلّلُ من جُدرانِ الغيابِ.
أشتاقُ إليكَ شوقَ الطّفلِ لصدرِ أمّهِ، و شوقَ الغريبِ إلى وطنٍ ضاعَ بينَ الأيّامِ.
أشتاقُ كأنّي ما عرفتُ بعدَك أحدًا، و كأنّ العالمَ انكمشَ في صورتِك، فلا أرضَ تسعني إن غِبتَ.
الليلُ، يا حبيبي، يفضحُ ما نُخفيهِ في الضّوءِ،
هو نبيُّ العشّاقِ، و مأوى الأرواحِ المتعبةِ من التّظاهرِ بالقوّةِ.
في كلِّ ليلةٍ، أضعُ رأسي على وسادتي،
فلا أرى سوى طيفِك، و لا أسمعُ سوى صدى صوتِك يناديني من البعيدِ.
أُحادثُك في خيالي، أرسمُ لكَ وجهًا على ضوءِ القمرِ،
و أُشعلُ لكَ قنديلَ القصيدةِ، و أنتظرُ... أن يأتيكَ الحنينُ كما أتاني.
فما الليلُ إلّا رحلةُ وجعٍ على ضفافِ الأملِ، و ما أنا إلّا مسافرٌ فيكَ، لا يُجيدُ العودةَ، و لا يرغبُ في النّسيانِ.
يا ليلي، يا من فيك يسكنُ ليلي، هَبْني لحظةَ حضورٍ تُطفئُ نارَ الاشتياقِ،
أو فامنحْني نسيانًا، يخلعُ عنّي هذا القيدَ النّبيلَ.
لكن... هل ينسى من أحبَّ حقًّا؟
و هل يَهدأُ ليلٌ لم تنمهُ الذّكرياتُ؟
فماذا لو... الليلُ تاريخُ الحنينِ، و أنتَ ليلي؟
سأبقى أكتبُ اسمَك في السّكونِ، و أُغنّي لكَ من وجعِ المسافاتِ، فربّما يسمعُني قلبُك... في ليلةٍ ما... و يعودُ.