حَاجَةُ كُلِّ مٍنّا للآخَرِ
بقلم: فؤاد زاديكى
وُجودُ كُلِّ منّا في حياةِ الآخَرِ، مُتعةٌ خالِصَةٌ و شُعورٌ إنسانيٌّ نَبيلٌ، يُمنَحُنا الإِحساسَ بالرّاحةِ و يُشعِرُنا بالكَثيرِ مِنَ الأمانِ و الطّمأنِينَةِ و الاستِقرارِ. إِنَّ العَلاقاتِ الإنسانيّةَ تُعَدُّ جُزءًا أَساسيًّا مِن حياتِنا، فهي الّتي تُضفي عليها مَعنىً و تَجعَلُها أكثرَ جمالًا و ثراءً. حينَ نَجدُ أَشخاصًا يَشارِكونَنا أفراحَنا و أَحزانَنا، نَشعُرُ بأَنّنا لَسْنَا وَحدَنا في هذا العالَمِ الواسِعِ.
العَلاقةُ التي تُبنى على الاحترامِ و التقديرِ تُصبِحُ مَلاذًا آمِنًا، حيثُ يُمكِنُنا أَن نكونَ نَحنُ بِكلِّ صِدقٍ و دُونَ تَصنُّعٍ أو خَوفٍ مِنَ الحُكمِ أو الانتِقادِ. الوُجودُ في حَياةِ الآخَرِ ليسَ مُجرَّدَ صُدفةٍ أو واجبٍ، بل هو اختيارٌ نَقيٌّ يُبرزُ قِيمَةَ التّواصُلِ الإنسانيِّ.
كَثيرًا ما تُواجِهُنا ضُغوطاتُ الحَياةِ و مَصاعِبُها، و لكنَّ مَعرفةَ أَنَّ هُناكَ مَن يَهتمُّ بنا و يُشارِكُنا تفاصيلَ أَيّامِنا تُخفِّفُ عَنّا ثِقلَ العِبءِ. لا يُمكنُ إغفالُ الدَّورِ الإيجابيِّ الذي يُمارِسُه التَّواصُلُ الفَعّالُ بينَ الأشخاصِ في تَعزيزِ الصِّحَّةِ النّفسيّةِ و الاجتماعيّةِ.
إنَّ التّواصُلَ الحقيقيَّ ليسَ مُقتَصرًا على الكَلامِ فَقط، بَل هو أَيْضًا عِبارةٌ عن إِصغاءِ واعٍ و تَفهُّمٍ عَميقٍ لِما يُريدهُ الآخَرُ. حينَما نَشعُرُ بأنَّ هُناكَ مَن يُشاركُنا أحلامَنا و يَحترِمُ آرَاءَنا و يَسعى لِدَعمِنا، نَستَطيعُ أَن نَخطُوَ خُطواتٍ أَكبَرَ نَحوَ النَّجاحِ و الاستِقرارِ.
الوُجودُ في حَياةِ الآخَرينَ يُتيحُ لنا فُرصَةَ تَبادُلِ المَعرفةِ و الخِبرةِ و المَشاعِرِ. هذا التَّبادُلُ يُساعِدُنا على النُّموِّ كَأَفرادٍ و يُثري حَياتَنا. إنَّنا كَكائِناتٍ اجتماعيّةٍ نَميلُ إلى العَيشِ فِي جَماعاتٍ، لأنَّ الوَحدةَ تُثقِلُ النَّفسَ و تَجعَلُ الحَياةَ شاقّةً.
عِندَما نُدرِكُ أَهمّيةَ التَّواصُلِ الإنسانيِّ و نَعمَلُ على تَعزيزِه، نَستَطيعُ أَن نُشيّدَ جُسورًا مِن الثِّقةِ و المودّةِ بينَنا و بينَ مَن حَولَنا. التَّعاونُ و التَّشارُكُ في الحَياةِ يُضيفُ مَعنىً أَعمَقَ لِوُجودِنا. كَم هوَ جَميلٌ أَن تَكونَ لَكَ بَصمَةٌ في حياةِ الآخَرينَ، تُساهِمُ في إسعادِهم و تَمنَحُهم أَمَلًا جَديدًا.
فِي النِّهايةِ، يُمكِنُنا القَولُ بِثِقةٍ إِنَّ الوُجودَ في حياةِ الآخَرينَ لَيسَ فَقط نِعمةً نَتلَقّاها، بَل هوَ أَيضًا مَسؤوليّةٌ نَحمِلُها. على كُلٍّ
المانيا في ٢٢ ديسمبر ٢٤