فَهْمُ الدُّنيَا
الشاعر السوري فؤاد زاديكى
لِمَنْ لا يَفهَمُ الدّنيا تَمِيلُ ... حُظُوظٌ, و الذي فيها ثَقِيلُ
فَلا تَيأسْ متى أعيَتْ دُروبٌ ... وَ مَرَّ الوقتُ, لم يبقَ الجمِيلُ
تُجاري الرّيحُ أفلاكًا و تَفْنَى ... و مَنْ يَسعَى خَيالاتٍ غَفُولُ
سنونُ العمرِ تَقضي، ما أقرَّتْ ... إذا ما الصّبرُ وافاهُ مُعِيلُ
و كانَ العزمُ في قلبٍ مُقيمًا ... فَكُلُّ الصّعبِ في الدّنيا يَزُولُ
إذا جارَ الزّمانُ فلا تَهابَنْ ... فإنّ الحُزنَ في الأيَّامِ سَيلُ
و كم مِن مُتعَبٍ. اِحتاجَ صبرًا ... و أضحى بعدما ضاقَ السّبِيلُ
وحيدًا في مَدَاراتٍ، يُعَاني ... و منهُ الحظُّ بالمُعطَى قلِيلُ
تَدارَكْ في حَياةٍ مُستَطَاعًا ... فَما بالعُمرِ يا هذا طَوِيلُ
و لا تَحزن إذا خانَتْ ظُروفٌ ... ففي صَفْحِ القُلوبِ الفَوزُ نَيلُ
إذا ما اشتدَّ في الدّنيا سبيلٌ ... فلا تيأسْ، فبالصبرِ الوُصُولُ
سَيأتيكَ انفِراجٌ بَعدَ عُسرٍ ... و كَم مِنْ واجِبٍ، لبّى الخَلِيلُ
و كم في القلبِ مِن حُزنٍ تَوارى ... إذا ما نالَ إسعادًا نَزِيلُ
سَتَلقى مِن دَواعيهَا سُرورًا ... و يَسعَى مِنْ رِضا دربٍ قُبُولُ
فَلا تجزَعْ إذا خابَتْ ظُنونٌ ... فإنّ اللهَ بِالأمرِ الكَفِيلُ
متى جارتْ عليك الأرضُ يومًا ... ففي أَقدارِهَا دومًا دَلِيـلُ
يَكُونُ الفَوزُ إن طابَتْ نوايا ... و يُمحى الهمُّ إن زالَ الخُمُولُ
فَكَم مِن عاشقٍ ضاقتْ يداهُ ... أتاهُ النّصرُ, و النَّصْرُ الوُصُولُ
إذا ما المرءُ يسعَى لاجتهادٍ ... رَأى في العزمِ ما لا يَسْتَحِيلُ
فلا تَحزن إذا جارَتْ ليالٍ ... ففي طَيّاتِها فَتحٌ جَمِيلُ
سَلامُ القلبِ بِالتّسلِيمِ يُرجَى ... و مَنْ يَخْشَاهُ بِالدُّنيا ذَلِيلُ
فكم بِالصّبرِ مِن عزٍّ و جاهٍ ... و كم بِالصّمتِ خُذلانٌ رَذِيلُ
المانيا في ٢٥ اوكتوبر ٢٤