لَو جِئْتُ أبكِي
الشاعر السوري فؤاد زاديكى
لَو جِئْتُ أبْكِي بِيَومٍ مُدْرِكٌ سَبَبِي ... مَا مِنْ فؤادٍ لِوَجْهِ اللهِ مُنْتَحِبِ
أحْسَسْتُ ظُلمًا, تَنَامَى في تَصَاعُدِهِ ... والظُّلمُ يَخْلُقُ أنْوَاعًا مِنَ الكَرَبِ
واجَهْتُ نَفسِي قُبَيلَ الغيرِ مُعْتَمِدًا ... أُسلُوبَ نَقدٍ و تَقييمٍ كَمَا يَجِبِ
لا خَوفَ يَدعُو إلى إنجازِ مَسألَتِي ... مِمَّا يُعَرْقِلُ مَجْهُودِي بِذِي تَعَبِ
أيْقَنْتُ هذا, لِذا أصْرَرْتُ مُتَّجِهًا ... نَحْوَ اِصْطِبَارٍ, لأقضِي مَا بِهِ أرَبِي
الكلُّ يَدرِي بأنَّا في مَصائِرِنَا ... مَا مِنْ خِيارٍ سوى الإذعانِ لِلطَّلَبِ
في غمرةِ الجدِّ حينَ الأمرُ يَدفَعُنَا ... صَوبَ التَّصَرُّفِ في مَنظُومَةِ الغَلَبِ
ما جِئْتُ أبكِي بِدَمعِي, بل بِقافِيَتِي ... فالشِّعرُ أصدَقُ مِنْ عَينٍ و مِنْ كُتُبِ
لِلشِّعرِ قلبٌ و إحساسٌ لَهُ سِمَةٌ ... فيها انْدِفاعٌ بِمِصْدَاقِيَّةِ النُّجُبِ
أبْكَيتُ حَرفِي على إيقاعِ لَهْفَتِهِ ... حُزنًا كَبيرًا, لِما في واقِعِ العَرَبِ
فالجَهْلُ سارٍعلى أهوائِهِ قُدُمًا ... و العِلمُ يَرْزَحُ تحتَ العُرْفِ في لَهَبِ
كيفَ التَّقَدُّمُ و الأفعالُ وازِعُهَا ... مَورُوثُ إرْثٍ بِمَا فيهِ مِنَ العَجَبِ
أشياءُ لَيسَتْ على فَهْمٍ, وقد حَكَمَتْ ... أفكارَ شَعْبٍ فكانَ الغَوصُ لِلرُّكَبِ
في مَا يُحَطِّمُ في عُنفٍ تَطَلُّعَهَا ... لا يَجعَلُ الفِكرَ مَدفُوعًا إلى سَبَبِ
غيرِ التّعَمُّقِ في دِينٍ يُكَبِّلُهُمْ ... خَوفًا شَدِيدًا, و يَدْعُوهَمْ إلى العَصَبِ
دونَ انفِتَاحٍ, فهذا قُمقُمٌ خَطِرٌ ... فيهِ الرُّكامُ مِنَ الأنواءِ و السُّحُبِ.