عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13-09-2005, 06:42 PM
SabriYousef SabriYousef غير متواجد حالياً
Silver Member
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 594
افتراضي يأتي طغاةُ هذا الزَّمان ويرحلون* ـ ج 3 ـ 3 ـ

يأتي طغاةُ هذا الزَّمان ويرحلون*

أنشودة الحياة*

[نصّ مفتوح]


3
... ..... ....

نعم هوَ العراقُ

هو تاريخٌ أعمق

من جذورِ النَّخيلِ

أعمق من أحزانِنَا

من إحباطِنَا

من تشرُّدِنَا


هو العراقُ يا سعدي يوسف

يا أيُّها الشَّاعر الشَّامخ بالجراحِ



عراقٌ

مكبَّلٌ بالنَّارِ والقيرِ

لكنّه شامخٌ

رغم تصدُّعاتِ الرُّوحِ



سينهضُ

من أعماقِ الثَّرى

يرمشُ عينيهِ

بعدَ سباتٍ مريرٍ



لن تنقضَّ صواريخٌ بعيدة

ولا قريبة



وشمٌ من لونِ الكبرياءِ

على أغصانِ النَّخيلِ



وشمٌ مرسومٌ

فوقَ الجراحِ



وشمٌ على شفاهِ القلبِ



وشمٌ فوقَ خدودِ الطُّفولةِ



أين أنتَ يا عدنان الصَّائغ

ألا يوجدُ

في جعبتكَ

أوروكٌ آخر؟



فَجِّرْ نشيدَ الأناشيد!



لا لن تنقضَّ

صواريخٌ بعيدة ولا قريبة

على المنائرِ

ولن تتهاوى النَّخيلُ

حتّى ولو قُصِفَتْ

من خاصراتِهَا



ستنهضُ من أعماقِ العراقِ

جذورُهَا متجذِّرةً

في أعماقِ الجراحِ

في أعماقِ الحياةِ



لن تطفو جثثاً

على ضفافِ الأنهارِ

لن يتحقَّقَ

حلم أصحاب الصَّولجان



دماءُ الأطفالِ النَّديّة

ستقهرُ جبروتَ الطُّغيانِ



دماءُ الشُّيوخِ

رمحٌ في صدرِ الطُّغاةِ



سوفَ يعودُ

سعدي يوسف إلى بغداد

يقرأُ أشعارَهُ المتصالبة

في سماواتِ الرُّوحِ



يقرأُ أحزانَ عقود من الزَّمان

سيقرأُ قصائدَهُ

بنشوةِ انتصارِ الشِّعرِ

على هلوساتِ ساساتِ العصرِ



لا سوفَ لن نرى

ساحةَ التحريرِ لماماً



لن نكونَ غرقى يا صديقي

الكلمةُ أقوى انتصارٍ

في تاريخِ الحروبِ


وحدُها الكلمة

تهزمُ صولجاناتِ الطُّغاةِ



مَنْ قالَ إنَّ العراقَ غريقٌ؟!

العراقُ غارقٌ في العراقةِ

غارقٌ في الشُّموخِ

غارقٌ في الأحزانِ

غارقٌ في النُّبوغِ



عقدٌ أو عقودٌ

من البكاءِ والأنينِ

لا تؤدّي إلى الغرقِ

يأتي طغاةُ هذا الزَّمان ويرحلون

كما ترحلُ السُّيولُ

في منحدراتِ الجبالِ



سوفَ لن يداهمنا جنودٌ

ولا قرودٌ

عندما تشيخُ الطُّغاةُ

ترفعُ يديها

تستسلمُ لسنّةِ التَّخريفِ



وحدُها الكلمة شامخة

على جدارِ الزَّمنِ



لا تقلقْ ياسعدي

من حاملاتِ الطَّائراتِ

ولا من حاملاتِ البكاءِ



كلّ بداية مخزية

تنتهي في متاهاتٍ مخزية



ماكدونالد لا يستطيعُ

أن ينافسَ تمورَ العراق



العراقي يا صديقي

لا يستسيغُ الهامبورغر

لا يشبعُ إلا بـ(الْخُرْمَة)



سأغسلُ يدي

من العراقيِّ

الّذي

يأكلُ الهامبورغر



مَنْ يستطيعُ أن يمنعَ العراقيِّ

من شهوةِ التُّمورِ؟



مَنْ يستطيعُ

أن يعبرَ ساحةَ التَّحريرِ؟

هل ماتَ كلكامش؟



كلكامش آتٍ لا محال

آتٍ يحملُ بين يديهِ

عشبَ الحياةِ



آتٍ ليردّ البسمةَ

إلى سعدي يوسف



أيّها الطَّاعن في الغمِّ

أيها المفهرس بأحزانِ الدُّنيا

أيُّها المعفَّر برحيقِ الشِّعرِ

المدبَّق بجموحِ الكلمة



لا تقُلْ ستنهارُ المنازل!



كلُّ عتيقٍ يتهدَّم

ليُبنى من جديد



كلُّ متخلِّفٍ يرحلُ

بحكمِ سنّةِ المماتِ ..

بحكمِ تضخُّمِ هرموناتِ الجنونِ



تمهَّلْ

لا تكُنْ لجوجاً

سيأتي مَنْ يشحذُ الهمّةَ

من جديدٍ



متفائلٌ أنا رغمَ أنين الرُّوح ..

"كم من الدُّموعِ

حتّى صارتِ البحار"!

.... ... ..... .... يُتْبَعْ!




ستوكهولم: 16.03.2003

صبري يوسف

كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم






* أنشودة الحياة: نص مفتوح، قصيدة ملحميّة طويلة جدّاً، تتألّف من عدّة أجزاء كلّ جزء بمثابة ديوان مستقل مرتبط مع الجزء الذي يليه، وهذا النصّ مقاطع من الجزء الثالث، حمل عنواناً فرعياً:

يأتي طغاةُ هذا الزَّمان ويرحلون

وهي ردّ على قصيدة الشَّاعر سعدي يوسف - نشيد شخصي.

التعديل الأخير تم بواسطة SabriYousef ; 13-09-2005 الساعة 06:45 PM
رد مع اقتباس