عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-03-2006, 12:02 AM
د. جبرائيل شيعا د. جبرائيل شيعا غير متواجد حالياً
Super-User
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 255
افتراضي بشارة السيدة العذراء مريم

بشارة العذراء مريم

قبل 2040 عام من هذه الأيام، قد حصل على الكرة الأرضية شيء عجيب وغريب. حدث لم يشهده التاريخ لا من قبل ولا من بعد. قدرة إلاهية حلت على الأرض بين البشر، معجزة من أعظم معجزات الدنيا والفريدة من نوعها لا مثيل لها.هذه هي معضلة المعجزات، تجسد الكلمةوصار المسيح.
حان زمن إكمال الوعد الذي وعد الله به البشرية. عندما كسرا آدم وحواء وصية الله، التي قال لهما فيها: أنت (يا حواء) من نسلك يسحق رأس الحية. وكذلك جاء وقت إتمام النبوة الشهيرة نبوة النبي أشعيا القائل: "هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا، ويدعون اسمه عمانوئيل" الذي تفسيره: الله معنا. تمم الله وعده للبشرية بإرسال كلمته، الروح القدس إلى أحشاء عذراء بتول ليتجسد فيها.
كانت البشرية اجمعها لا تصدق بمثل هذا العجب، عندما كلمها الله بمرسلين كالأنبياء والحكماء والمشرعين. لكن الله عالم بالخفايا وبقلوب الناس وأفكارها وما يلزمها وما هي بحاجة إليه. هو الذي فقط يعلم ويقدر لحظة الصفر، نقطة الانطلاق، نقطة البداية. هو المقرر الوحيد متى واين وبآي شكل يرسل تلك القدرة الإلهية؟ قدرته التي بينها للبشر على مراحل عديدة هيئها للناس منذ الألف السنين عن طريق النبؤات والمعجزات التي حصلت على الأرض. كما جاء في افتتاحية رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين: الله، بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديما، بأنواع وطرق كثيرة، كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه، الذي جعله وارثا لكل شيء الذي به أيضا عمل العالمين، الذي، وهو بهاء مجده، ورسم جوهره، وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته بو 1: 1.
آن الأوان للبشرية أن تسمع بالبشارة السماوية بالحبل الإلهي العظيم، ذاك الذي ربط الأرض بالسماء.أرسل الله ملاكه إلى فتاة طاهرة نقية منتقاة من بين فتيات العالم أجمع. تلك التي هيئها منذ ولادتها واعطاها فرص وظروف تسير عليها كي تصل إلى هذا المقام الرفيع الذي لن تصله أي امرأة أو فتاة لا من قبل ولا من بعد. هذا المقام الرباني السماوي الذي كلل هذه الصبية النقية ورفعها عن أخواتها بقية نساء وفتيات العالم اجمع بكلمة واحدة من عنده تعالى، عندما قال لها الملاك: "يا ممتلئة نعمة، الرب معك". فهنا امتلأت هذه الصبية الطاهرة نعمة تفوق القدرة الطبيعية. نعمة إلاهية حلت في أحشاء هذه العذراء المنتقية،بهذه النعمة امتلئت العذراء فنالت بركة الله. تحولت هذه النعمة في أحشائها، فغيرتها ورفعتها وميزتها عن كل نساء العالم.
في يوم من الأيام،وبينما كانت العذراء مريم تصلي كعادتها، وهي منكبه على الصلات فإذ بصوت منخفض مع بريق نور امتلأ أمامها. رفعت نظرها فرأت وهجا من نور يتحدث معها. أرسل الله من عنده الملاك جبرائيل إلى مدينة في الجليل اسمها ناصرة، إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود أسمه يوسف. هناك كانت مريم تسكن مع يوسف البار بعد خطوبتها. فدخل إليها الملاك حاملا معه بشارة مفرحة وقال لها: "سلام لك أيتها المنعم عليها! الرب معك. مباركة أنت في النساء". كانت مريم ممتلئة نعمة من أجل تقواها وطهارتها وصدق عبادتها. وحينما استسلمت طائعة لنعمة الله انسكبت النعمة عليها بغزارة حتى ملأتها فصارت ممتلئة نعمة الرب.لقد رأى الملاك في مريم ما لم تره هي في نفسها.
ما أصعب هذه اللحظة، كيف أن فتاة وهي في الثالثة عشر أو الرابعة عشر من عمرها ترى فجأة ملاك الرب واقفا يكلمها:ماذا يكون شعورها وموقفها؟!!
ماذا يتوقع المرء من رد هذه الفتاة الصغيرة؟
كيف يكون موقفها من الملاك؟
فلما رأتهاضطربت من كلامه، وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية! فقال لها الملاك: (لا تخافي يا مريم، لأنك قد وجدت نعمة عند الله. وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا وتسمينه يسوع). هذا يكون عظيما، وابن العلي يدعى، ويعطيه الرب الإله كرسي ملك الملوك وسلطانة يكون إلى الأبد ولا يكن لملكه نهاية.
فقالت مريم للملاك:كيف يكون هذا وأنا لست أعرف رجل؟
كانت مريم قد قطعت العهد على نفسها أن تحيا لإلهها بلا زواج، بل في بتولية كاملة. هكذا كانت حياتها في بيت يوسف البار تحيا حياة النقاء والبتولية. مفتكرة كيف يكون هذا وقد نذرت نفسي للبتولية والصلاة؟
فأجاب الملاك وقال لها: "الروح القدس يحل عليك، وقوة العلي تظللك، فلذلك أيضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله". افتكرت مريم إنها في حلم، لكن الملاك علم بها، فقال لها إن لم تصدقي: "هوذا أليصابات نسيبتك هي أيضا حبلى بابن في شيخوختها، وهذا هو الشهر السادس لتلك المدعوة عاقرا، لأنه ليس شيء غير ممكن لدى الله" (لوقا 1: 35). الروح القدس حل عليها لكي يقدسها، وقوة العلي كي تظللها، إنها سر الأسرار. ليس أمر يعسر عند قوة الله. فرحت مريم وقبلت البشارة، فلم تصدق نفسها بأنها هي بالذات تكون الفتاة المختارة من بين نساء العالم التي تنبأ عنها الأنبياء. في لهفة وخضوع، وفي حب وشوق عجيب، فقالت مريم:"هوذا أنا أمة الرب. ليكن لي كقولك".فمضى من عندها الملاك. نقرأ ذلك في إنجيل لوقا 1: 26 – 38).
أطاعت مريم البتول لتحل عقدة حواء في رفضها وعصيانها. قدمت الطاعة والخضوع. في لحظة خضوعها وقبولها سر التجسد العظيم. إذ لم يكن ممكنا أن يتم التجسد بغير إرادتها وقبولها لعمل الله، لأن الله يقدس حرية الإنسان. بشرها الملاك بالحبل الإلهي فصدقت وآمنت. ومن أجل اتضاعها وعمق انسحاقها استحقت أن تأخذ ما لم يأخذه ملايين النساء من قبلها. هوذا الذي تترقبه الأجيال ملك يتوج على كرسي داود إلى الأبد وليس لملكه انقضاء.
هكذا نرى أن الله أرسل كلمته إلى عذراء فتاة طاهرة نقية كي يتم التجسد في أحشائها، لذلك أختار الله هذه البتولة لتكون له أما ويأخذ منها دما ولحم ويكون يسوع الإنسان،ابن الله، الله المتجسد نازلا من السماء ليخلص البشرية ويسحق إبليس ويتتم تدابيره السماوية والأرضية.

الدكتور المهندس جبرائيل حنا شيعا
ألمانيا – هانو 25.03.2001
رد مع اقتباس