عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21-03-2011, 11:00 AM
rohlyasmin rohlyasmin غير متواجد حالياً
Junior Member
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
المشاركات: 12
Post عاش اليهود في شبه الجزيرة الأبيرية قروناً عدة

عاش اليهود في شبه الجزيرة الأبيرية قروناً عدة، قبل أن يفتحها المسلمون، وقد خضعوا خلال هذه المدة الطويلة للعديد من الأمم والأقوام الذين تعاقبوا على حكمها. وقد كرههم أهل هذه البلاد وحكامها وضيقوا عليهم، وذلك رداً على كره اليهود لهم، واستعلائهم عليهم، واستهزائهم بمعتقداتهم، واستحلال كسب أموال الربا، وبالطرق غير المشروعة. وقبيل الفتح الإسلامي للأندلس، قام القوط الكاثوليك بتحويل اليهود إلى عبيد، وذلك بعد أن فشلوا خلال أكثر من مئة سنة من التصنيف عليهم، في تحويلهم إلى نصارى مخلصين.

وعندما فتح المسلمون الأندلس، رفعوا الاضطهاد عن اليهود، وعاد معظم المنصّرين إلى دينهم، وتعاملوا معهم على وفق الأحكام الشرعية الخاصة بأهل الذمة، فسمحوا لهم بالبقاء على دينهم، وممارسة شعائرهم، وتركوا لهم حرية السكن بين المسلمين أو في أحياء خاصة بهم، وأتاحوا لهم مزاولة ما شاؤوا من أنواع النشاط الاقتصادي، وحفظوا أرواحهم وأموالهم وحقوقهم، فشهدوا عدلاً وتسامحاً وحرية لم يعرفوها من قبل، وعاشوا أكثر من ثمانية قرون ينعمون بالحكم الإسلامي، ورأوا حضارة المسلمين السابقة المتميزة بين جمعها بين الإيمان والعلم، لذا حاول اليهود تقليدهم، فتكلموا بلغتهم، وتعلموا أدبهم وفكرهم وثقافتهم وعاداتهم.

وفي هذا الكتاب وعبر التاريخ الإسلامي في الأندلس، وفي تلك الحقة المدهشة والمحزنة من هذا التاريخ، يحشد الباحث مئات الصفحات المترعة بالمعطيات والخبرات الموثقة، لكي يجيب عن هذا السؤال: كيف كان وضع اليهود في بيئة أتيح للمسلمين أن يتولوا فيها زمام السلطان؟ وكيف كانت حياتهم الدينية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية تشق طريقها، فيما يزيد على القرون الثمانية. وذلك كله من خلال قدرة علمية أتاحت لمّ الشواهد والروايات الخاصة بالموضوع، والتعامل معها تحليلاً وتركيباً ومقارنة ونقداً.

يتابع الباحث مهمته هذه في ضوء "خطة" محكمة عرف كيفي يغطي بمحاورها ومفرداتها كافة المطالب الأساسية للموضوع، حيث تناول اليهود في إسبانيا قبل الفتح الإسلامي، والاستقرار اليهودي في الأندلس، وتعاملهم مع السلطة، وحياتهم الاجتماعية، وتنظيماتهم الإدارية والاقتصادية والثقافية، مع مقدمة تضمنت تحليلاً قيماً للمصادر والمراجع وخاتمة خلص فيها إلى نتائج بحثه الشامل هذا. وهذه الدراسة جاءت بمثابة رسالة قدمها الباحث لنيل درجة الدكتوراه في التاريخ في جامعة بغداد.
رد مع اقتباس