عيد الميلاد المجيد
بقلم الاب نادر ساووق/ كاهن رعية مطرانية الروم الكاثوليك - عمان الاردن
لما بلغ ملء الزمان ، ارسل الله ابنه الوحيد وكلمته الازلي ليصير انسانا ويعلمنا حب الله لنا، فولد في مغارة حقيرة من قرية بيت لحم ، محاطا بوالدته الكاملة القداسة ومار يوسف حارسه الامين ، ورعاة بشرهم الملائكة بالنشيد : المجد لله في العلى وعلى الارض السلام وفي الناس المسرة…اني ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب : ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب… (لوقا 2 ، 8-14) شم جاء مجوس من المشرق يقودهم نجم من السماء .فاهتدوا الى حيث ولد الطفل الالهي ، وسجدوا له وفتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا من ذهب ولبان ومرّ .. متى 2 : 11. ان الانجيل المقدس لا يذكر لنا شيئا عن تاريخ ميلاده.
ولكن الانجيلي لوقا يخبرنا ان الميلاد كان في أيام أوغسطس قيصر ، الذي امر باحصاء سكان الامبراطورية ،فذهب يوسف ومريم العذراء- وكلاهما من نسل داود الملك - الى مدينة بيت لحم للاكتتاب .اجل ان الله يتحكم في التاريخ كله. فعند صدور امر اوغسطس قيصر باحصاء السكان ، ولد يسوع في بيت لحم ، التي تنبأ عنها النبي ميخا مكان لميلاده (ميخا 5 :2). وولد المسيح في الزمن ، وهو سيد ا لزمن .اذن لماذا نعيّد عيد ميلاد يسوع المسيح في 25 كانون الاول؟ ان المسيحيين الاولين ، استفادوا من الاعياد الوثنية، وحوّلوها الى مناسبات مسيحية .
فيوم 25 ك 1 كان عند الوثنيين عيد الشمس ، فاصبح المسيح هو شمس العدل والنور الحقيقي الذي ينير كل انسان . لذلك ومنذ سنة 336 م،صارت الكنيسة تعيّد عيد الميلاد يوم 25 كانون الاول/لماذا المغارة: تصنع المغارة من ورق ملون بالوان صخرية ، وهي ترمز الى مغارة بيت لحم حيث ولد المسيح. صاحب فكرة مغارة الميلاد هو القد يس فرنسيس الاسيزي - سنة 1223 - الذي بنا اول مغارة ليذكرنا ويذ كر رهبانه ان يسوع ولد بالفقر والتواضع ( راجع 2كورنثس 2 : 9 ) ويا ليت المغارة تعود الى اصالتها ، فلا يحجب - بابا نويل- الطفل يسوع وحبّه العظيم لنا ، ولا تنسينا الشجرة المثقلة بالزينة والهدايا ، بساطة المغارة وفقرها.
اشخاص المغارة
مريم العذراء: امام الطفل يسوع المضجع في مذود.
النجار: هو حارس المسيح الفادي. الرعاة: الذين يسهرون في البرّية .الملائكة : يبشرون بميلاد المسيح المنتظر - ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب.
المجوس : ملوك المشرق الذين رأوا نجمه ، واتوا من بلاد فارس ليسجدوا له ويقدموالهدايا : ذهبا ولبانا ومرّا .
الذهب: يرمز الى المسيح الملك . واللبان : أي البخور دلالة على ان المسيح هو الاله المتجسد .
المرّ : يشير الى آلامه وموته على الصليب فداء عن الجنس البشري اذن ملوك الارض اتوا >ليسجدوا لطفل المغارة ، ويقدمون له الهدايا كملك واله ومخلص.
البقرة والحمار: يدفئون المولود الجديد. هؤلاء الاشخاص يمثلون الخليقة كلها: يمثل العهد القديم، مريم .
العذراء: تمثل العهد الجديد لانها اول من امن وعرف الرب المتجسد . الملائكة يمثلون السماء، والرعاة: يمثلون الطبقة الفقيرة المنظرة خلاص الرب.
النجم: يمثل الكون المجوس: يمثلون الامم والاغنياء الذين اهتدوا الى السيد المسيح ، وسجدوا له. فكل الخليقة تجتمع حول خالقها لتقدم له الشكر والتسبيح. ماذا نقدم لك أيها المسيح ، لانك ظهرت على الارض انسانا لاجلنا , فكل نوع من الخلائق التي ابدعتها يقدم لك شكرا : الملائكة - التسبيح ، السماوات الكوكب ، المجوس الهدايا ، الرعاة - التعجب، الارض - المغارة ، والفقر - المذود واما نحن ، فاما بتولا ، فيا أيها الاله الذي قبل الدهور، ارحمنا.
شجرة العيد : شجرة السرّو او الصنوبر تبقى دائما خضراء حتى في الشتاء . فهي رمز لاستمرارية الحياة. بالشجرة نعبّر عن السيد المسيح هو حياتنا الحقيقية . والمسيح المولود هو شجرة الحياة ، فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس … يو1 : 4 ) ، ( رؤيا يوحنا 2 : 7 ) وقد ارادت التقوى المسيحية ان تضع الشجرة بقرب المغارة لان المولود هو - من جذع يسّى ( والد داود ) ،كما جاء في نبوءة اشعيا ، فالمسيح هو ، غصن البّر ، المولود من نسل داود الملكي .( راجع اشعيا 11 : 1 ؛ ارميا 33 : 15 ، حزقيال 37 : 24 ؛ هوشع 3).
وانما المسيح الحي هو العيد : ليس العيد في مظاهره ، بل في جوهره . هل العيد هو في اللباس والاكل والشرب ؟ هل هو في البذخ والتبذير واللهو ؟ اليس العيد في الصلاة والمجىء الى الكنيسة للسجود والخشوع . العيد ليس تطورا في المظهر وتراجعا في الجوهر
.يسوع هو العيد : هو المحبة والفرح والسلام . لقد احبك هو ، فاحبب انت اخاك الانسان ، فيولد الفرح، لقد سامحك هو ، فسامح انت قريبك ، فيولد السلام. لقد شاركك حياته ، فشارك انت بما عندك ، فيولد العيد.الحياة هي ان تحب . والحب يعني المقاسمة والمشاركة . فبقدر ما نفكر بغيرنا بقدر ذلك يكون معنى لحياتنا. في عيد الميلاد المجيد ، نتذكر ان السيد المسيح جاء الى عالمنا بالجسد متأنسا لاجل خلاصنا وفدائنا ، فالمعنى الحقيقي للميلاد هو ان ابن الله صار ابن الانسان، لكي نصير نحن ابناء الله . فيا ليتنا ندرك اعماق ومعاني هذا العيد ، ولا نكتفي بالاحتفالات الظاهرية للعيد ، بل يجب علينا ان نسير على خطى المسيح ، ونجعل من قلوبنا مسكنا دائما له. بهذا نحتفل احتفالا فعليا بالميلاد . وبمناسبة هذه الذكرى المجيدة ، لا يسعنا الا ان نرفع قلوبنا الى السماء ضارعين اليه تعالى ان يعيد عليكم هذه الاعياد المباركة بالصحة والتوفيق وغزارة النعم والبركات ، وعلى وطننا العزيز الاردن باليمن والطمانينا والسلام ، بعون امير السلام سيدنا يسوع المسيح . وكل عيد ميلاد وانتم بالف خير.
منقووووووول للأمانة