ما من شك بأنّ أيّ شخص يسعى إلى خلاص نفسه و نيل هذه السعادة الأبدية التي تحدث عنها الرب يسوع, عليه أن يقدّم تضحية تثبت بأنه صادق و لديه الرغبة الأكيدة و الحقيقة في نيل هذا الخلاص. و حين تحدث الرب يسوع هنا وجه كلامه مباشرة إلى أصحاب الغنى المادي و الأغنياء و هناك من يحاول خطأ تفسير يسوع بأن المقصود كان أغنياء الخطيئة و ليس أغنياء المال. كان موضوع الحديث الذي دار بين يسوع و الشخص, و من بعد ذلك بين يسوع و تلاميذه, يدور حول المال الذي كان هذا الشخص يملك منه الكثير. هو أجاب الرب يسوع: إنني أعرف جميع الوصايا. هذا أمر جميل. فالمعرفة هي واجبة و هي تأتي في المقام الأول و قد تحقّقت في هذا الشخص(على ما قال هو ذلك) لكن تنقصه الجرأة و الرغبة الحقيقية في تحقيق ما تعلّمه من هذه الوصايا فهي تدعو إلى محبة الرب و الرب لا يحبّ المال فهو قال: أعطوا ما لله لله و ما لقيصر لقيصر. و هو قال: لا تستطيعوا أن تعبدوا ربين. إذن ينقصه التطبيق العملي و الواقعي لهذه التعاليم التي تعلّمها. لا أعتقد أن كل غني سيذهب إلى جهنم. فهناك أغنياء كثر في العالم سخّروا أموالهم في مشاريع خيرية و إنسانية و بناء كنائس و دور عبادة و مستفيات و دور حضانة و تقديم العون للعجزة و غيرها من المؤسسات الإجتماعية. المقصود من هذا القول: أنّه لو دخل جمل مع حمله في خرم إبرة فإن الغني لم يدخل ملكوت السماوات. قصد به ذلك الغني الذي يؤثر الإبقاء على ثروته و الاهتمام بها و الذي سيقيم بهذا حاجزا كبيرا بينه و بين رغبته في الخلاص أي اتباع الرب يسوع. هنا تكمن المشكلة فهي حساسة و دقيقة جدا. يجب توفّر الرغبة الصادقة و الكاملة و الحقيقية في الخلاص و عندما تتوفّر فإنه لن يبقى هناك أي خوف على ما لدى الإنسان في هذا العالم فهو سيدرك بأنه زائل و غير دائم و سوف يخسره بمجرد مغادرته هذه الحياة لكنه متى عمل بصدق لخلاص نفسه فهو سيربحها و قد قال الرب يسوع: ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله و خسر نفسه؟
شكرا كبيرا لك أخي زكا موضوع جميل و قيّم.
__________________
fouad.hanna@online.de
|