![]() |
سهرةٌ مِنْ شُرفةِ نافذتِي بقلم فُؤاد زاديكِي
سهرةٌ مِنْ شُرفةِ نافذتِي بقلم فُؤاد زاديكِي لَمْ تَكُنْ سَهْرَتِي تِلْكَ اللَّيْلَةَ كَسَابِقَاتِهَا، فَفِي هُدُوءِ المَسَاءِ وَ نَسِيمِ اللَّيْلِ العَلِيلِ، كَانَ لِكُلِّ شَيْءٍ طَعْمٌ آخَرُ، وَ نَبْضٌ مُخْتَلِفٌ. جَلَسْتُ وَحْدِي عَلَى الكُرْسِيِّ القَصَبِيِّ الَّذِي أُحِبُّهُ، أَمَامَ نَافِذَتِي المُطِلَّةِ عَلَى الشَّارِعِ، أُصْغِي لِهَمَسَاتِ الرِّيحِ وَ هِيَ تُلَاعِبُ أَوْرَاقَ الشَّجَرِ. كَانَ الضَّوْءُ البَاهِتُ لِمَصَابِيحِ الطُّرُقَاتِ يَتَسَلَّلُ إِلَى عَيْنَيَّ، فَيَرْسُمُ فِي ذِهْنِي صُوَرًا تَخْتَلِطُ فِيهَا الحَقِيقَةُ بِالخَيَالِ. وَ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ، كَانَتِ النُّجُومُ تَلْمَعُ كَحُبُوبِ نُورٍ مُبَعْثَرَةٍ عَلَى مِرْآةٍ سَوْدَاءِ. رَحْتُ أُرَاقِبُ حَرَكَةَ السَّيَّارَاتِ وَ هِيَ تَسِيرُ فِي انْسِيَابٍ كَسَيْلٍ هَادِئٍ، وَ الأَصْوَاتُ المُتَبَايِنَةُ تَتَنَاغَمُ فِي سِيمْفُونِيَّةٍ غَرِيبَةٍ، مِنْ ضَحِكَاتِ الأَطْفَالِ، وَ نِقَاشِ الجِيرَانِ، وَ أَصْوَاتِ الرَّادِيُوهَاتِ القَدِيمَةِ. وَ هُنَاكَ فِي الرُّكْنِ المُقَابِلِ، كَانَ عُمَّالُ البَلَدِيَّةِ يَجْتَثُّونَ الأَعْشَابَ المُتَطَفِّلَةَ وَ يُقَلِّمُونَ أَغْصَانَ الأَشْجَارِ بِهُمَّةٍ لا تَفْتُرُ. كُلُّ شَيْءٍ حَوْلِي كَانَ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الحَيَاةَ مُسْتَمِرَّةٌ، وَ أَنَّ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ سِرًّا يَسْتَحِقُّ التَّأَمُّلَ. كَمْ هُوَ جَمِيلٌ أَنْ تَسْتَسْلِمَ لِهَذِهِ اللَّحْظَاتِ، وَ أَنْ تَتْرُكَ لِفِكْرِكَ العَنَانَ يَسْبَحُ فِي فَضَاءٍ لَا حُدُودَ لَهُ. كُنْتُ أَسْأَلُ نَفْسِي: هَلْ سَتَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الجَلْسَةِ قَصِيدَةٌ؟ أَمْ خَاطِرَةٌ؟ أَمْ هَلْ سَتَتَفَتَّقُ مَشَاعِرِي عَنْ رِوَايَةٍ جَدِيدَةٍ؟ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، أَدْرَكْتُ أَنَّ الجَمَالَ لَا يَكْمُنُ فِي الحَدَثِ العَظِيمِ، بَلْ فِي تَفَاصِيلِ الأُمُورِ البَسِيطَةِ. فَالشُّرْفَةُ، وَ نَافِذَتِي، وَ صَوْتُ الرِّيحِ، وَ صَفِيرُ الطُّيُورِ العَائِدَةِ إِلَى أَعْشَاشِهَا، كُلُّهَا لَحْنٌ يُدَاعِبُ القَلْبَ. سَاعَةٌ بَيْنِي وَ بَيْنَ نَفْسِي، نَقَّتْ رُوحِي مِنْ صَخَبِ اليَوْمِ وَ صِرَاعَاتِهِ. أَخَذْتُ أُدَوِّنُ كَلِمَاتٍ، بَعْضُهَا شِعْرٌ، وَ بَعْضُهَا خَوَاطِرُ، وَ كُلُّهَا نَابِعَةٌ مِنْ تِلْكَ اللَّحْظَةِ المُتَّقِدَةِ بِالمَشَاعِرِ. إِنَّهُ لَيْسَ يَوْمًا عَادِيًّا، بَلْ يَوْمٌ خَلَقَ فِي الدَّاخِلِ رَغْبَةً فِي الكِتَابَةِ، وَ الحَيَاةِ، وَ التَّفَكُّرِ. وَ مَا أَجْمَلَ أَنْ تَكُونَ لَكَ نَافِذَةٌ، تَرَى مِنْهَا الدُّنْيَا وَ تَسْبِرُ أَغْوَارَ نَفْسِكَ. المانيا في ١٢ مايو ٢٠٢٥ |
Samir T. Yaghi أشكركم من أعماق قلبي أستاذ سمير ياغي و مجلة ضفاف القلوب لتوثيق نصي سهرةٌ من شرفةِ نافذتي
https://dhifafgolob.blogspot.com/202...ioD-1kh_QJQLKA |
حنين كوكي كريمة عبدالوهاب اشكركم من القلب استاذة حنين كوكي و قسم الآداب و الشعر ديسك بوابة الإخبارية الالكترونية لتوثيق نصي سهرة من شرفة نافذتي https://alakhbrianews.blogspot.com/2...QbeIH5UQHnyhew |
هيام الملوحي الشكر و الامتنان الكثيران لشخصكم الكريم استاذة هيام تلملوحي و منتدى نبض القلم للشعر و الأدب لتوثيق نصي سهرة من شرفة نافذتي https://hiamnewbloaddress.blogspot.c...dfVbncKagGtkoA |
الساعة الآن 08:49 AM. |
Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by
Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke