![]() |
وئامُ البهائم أرقى من البشر
وئامُ البهائم أرقى من البشر قصّة قصيرة هَرَبتْ زهرة من هولِ القصفِ، تجاوزت عامها الرَّابع منذ شهور، دخلَتِ الأزقّة الضَّيّقة، انزلقت أمّها على شظايا الرُّعبِ، تاهت الطِّفلة عن أمّها، عبرت بنايةً متاخمة لديرٍ قديم، راودها أنَّ العدو لا يقصف بيوت الله وما يجاورها، فيما كانت تعبر صحن الدار، استقبلتها قذيفة مجنونة، هطلت عليها من جوفِ السَّماء، تصدّعَ سقف البيت، تخلخلَتْ عظام صدرها الطريّ، تمسّكت بلعبتها، لم تتركها رغم انكسارات العظام، عبرت فضاء السَّماء تبحث عن الله، هل رأته مذهولاً؟!.. لم يخطر على بالها أبداً أن قذائف مجانين هذا الزَّمان لا تميّز بين الأديرة وما يجاورها ولا تميّز بين الرُّسل والقدّيسين، فقد سبق لهم وأن اغتاظوا من رسول البشرية ومخلِّصها، عندما خاطبهم وهو طفل، فلم يرُقْ لهم هكذا مخلِّص وهكذا طفولة، فأمروا بقتل كلّ الأطفال كي يقتلوا بدورهم طفل ولا كلّ الأطفال، فهرب بعناية ربّانية إلى بلاد الله الواسعة، لم يتركونه، ترَبَّصوا له إلى أن تمكّنوا من القبض عليه، فصلبوه على خشبة الصَّليب، ضاربين عرض الحائط شرائع الكون وشرائع السَّماء، بشر من فصيلةِ الضِّباعِ، لم يشبعوا من هدر دماء الطُّفولة منذ أكثر من عشرين قرنٍ من الزَّمان حتّى ولو كانت الطفولة مرسلة لخلاص البشرية، فحنّوا إلى تاريخهم المزدهي بقتل الطفولة، يقصفون أطفالاً بدون رحمة، كأنَّ قلوبهم مصنوعة من النَّار والبارود، ودماءهم مستحلبة من أنيابِ الثَّعابين! عجباً أرى، كيف ينامون بين أحضان أطفالهم، ألا يشاهدون حماقاتهم على شاشات التلفاز، ألا يتصوَّرن هؤلاء الأطفال ولو لثوانٍ معدودات أنهم براعم الله المنبعثة إلينا من السَّماء إلى الأرض؟! ماتت قلوبهم، وتحوَّلت دماؤهم إلى سمومٍ ولا سموم العقارب وأفاعي الأدغال، مندهشٌ من ساسةِ هذا الزَّمان، مندهشٌ من غباءِ الكثير من البشر، يراودني دائماً هذا السُّؤال، كيف تعيشُ البهائم مع بني جنسها في وئام، ولا يستطيع الإنسان أن يعيشَ مع بني جنسه في وئام، كم من القرونِ يحتاجُ الإنسان كي يصلَ إلى مرحلةِ البهائمِ ليعيشَ مع بني جنسهِ في وئام؟! كَمْ مِنَ القرونِ يحتاجُ ... كَمْ مِنَ القرونِ ... كَمْ مِنَ القرون!!! ستوكهولم: 31 . 7 . 2006 صبري يوسف كاتب وشاعر سوري مقيم في ستوكهولم sabriyousef1@hotmail.com www.sabriyousef.com |
علينا أن ننتظر طويلا يا صديقي لكي يتحوّل البهائم إلى بشر بقدرة قادر أو وفق نظرية النشوء و الارتقاء التي وضع أسسها عالم الأحياء الإنكليزي تشارلز دارون. إن الحقد ولد منذ اليوم الأول لنشوء البشرية قبل أن يوجد حزب الله أو حماس أو إسرائيل أو الدعوة المحمدية التي أبادت من أبادت من البشر. العنف عرفه البشر منذ أزمان قديمة بل كثيرة القدم يا عزيزي. ليست الكراهية وليدة هذا العصر و ما نجم عن ممارسات الشّر التي ارتآها بعض المهووسين بسفك دماء البشر. لن يكون هناك سلام في العالم إلى أن يتحول البشر إلى ملائكة فهل ترى في أفق تصورك أن هذا التحول يمكن أن يحصل بشكل دراماتيكي في يوم ما فأصير أنا و أنت و الآخرون ملائكة؟؟؟؟!!! استفهام و استغراب و استهجان لكوني لا أتوقع حصول ذلك و لو عاشت البشرية ملايين أخرى من القرون.
|
الساعة الآن 01:02 AM. |
Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by
Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke