Forum of Fouad Zadieke

Forum of Fouad Zadieke (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/index.php)
-   خواطر و مشاعر (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/forumdisplay.php?f=249)
-   -   اليوم الأخير قبل مغادرة آدم وحوا الجنة. بقلم: فؤاد زاديكه (http://www.fouadzadieke.de/vBulletin/showthread.php?t=5541)

fouadzadieke 05-07-2006 08:45 PM

اليوم الأخير قبل مغادرة آدم وحوا الجنة. بقلم: فؤاد زاديكه
 
حواء: آدم ... آدم.
آدم: ماذا وراءك يا حواء؟ هل من جديد يا حبيبتي؟
حواء: نعم .. نعم تعال وانظرْ!
آدم: أين؟
حواء: انظر إلى هنا ... إلى هنا! ألا ترى هذه المجموعة الشهيّة من الأشجار المثمرة؟
آدم: أجل .. أجل أراها وقد رأيتها من قبل. لماذا تسأليني عنها؟
حواء: ألا تشتهي أن نأكل منها؟
آدم: لأ .. لأ يا عزيزتي. إنها ليست ملكاً لنا, ولا يحقّ لنا التصرّف بها!
حواء: وهل هناك غيرنا في هذه الجنة؟
آدم: أجل توجد الملائكة.
حواء: أعرف. لكن هل يوجد بشر غيرنا هنا؟
آدم: لا أعتقد فإني لم أجد لغاية هذا التاريخ أحدا سوانا.
حواء: إذا لماذا لا نجرّب الأكل من هذه الشجرة المغرية؟ إنها تثير فضولي كثيرا من أجل معرفة أسرارها وتناولها لمعرفة نوعيّة طعمها.
آدم: يا حواء ... يا حواء ... يا حبيبتي. ليس من حقنا ذلك. فلماذا تحاولين جرّنا إلى عمل غير شرعيّ؟
حواء: وما العمل؟ إني أريد أن أحصل عليها بأي ثمن فقد قال لي جارنا الذي مرّ قبل قليل بي هنا أننا لو أكلنا من هذه الشجرة فإن أموراً كثيرة ستتوضّح لدينا, وستزيد معرفتنا ونعي ما نحن نجهله الآن.
آدم: لطالما كانت هذه رغبتك التي دفعك إليها جارنا إبليس فليكن ما تريدين. لكن سأذهب إلى حارس البستان وأسأله فيما إذا حق لنا ذلك. ومتى أجاب بأن لا مانع ولا حرج فسوف أفعل ذلك من أجلك لأني لا أقدر على زعلك وإغضابك!
حواء: أرجوك أسرع إليه لأني لم أعد أستطيع الصبر فمنظرها مغر جدا وفمي يسيل لعابه رغبة شديدة في أكلها هيّا!
آدم: اوكي ... اوكي حالا يا عزيزتي!
حواء: (بعد عودة آدم من عند حارس الجنة) ماذا جرى معك؟ هل وافق الحارس على السماح لنا بذلك؟ هيا انطق!
آدم: بكل أسف لا يا حبيبتي. إنه لم يوافق.
حواء: لماذا؟
آدم: إنه يقول بأننا متى أكلنا من هذه الثمرة فإننا سنمرض.
حواء: لا يهم فجارنا إبليس كما تعرف طبيب ويستطيع مساعدتنا في شفائنا من مرضنا متى وقع ذلك.
آدم: إنه قال أكثر من ذلك بأننا موتا نموت!
حواء: لطالما موتا سنموت فلماذا خلقنا إذاً؟
آدم: خلقنا لتكون لنا عبرة في الحياة يا عزيزتي وليس لكي نغضب حارس الجنة أو الذي خلقنا كما تقولين.
حواء: عبرة؟ أية عبرة يمكن أن تكون في شجرة كهذه؟
آدم: يا حبيبتي حواء. أنت تعرفين أن الحارس قد سمح لنا بالأكل من جميع هذه الأشجار ما عدا هذه الثمرة! فلماذا تصرّين على أن تأكلي من هذا الممنوع؟ هل لأنّ كل ممنوع مرغوب؟
حواء: إنّ هذه الشجرة دون غيرها أشهى وأبهى للعين منظراً وفاكهتها جميلة.
آدم: يا حبيبتي إنّ الخطيئة تبدأ بالأساس من الإغراء’ ثم يلي بعد ذلك ارتكاب الإثم!
حواء: لا .. لا أعتقد ذلك. إنه يقول هذا ليحرمنا من تناولها وتبقى له هو يأكل منها كفايته متى أراد!
آدم: إني بدأت أصدقك بعض الشيء لكني خائف فما العمل؟
حواء: ولماذا تخاف؟ لا أحد سيرانا كما لا يعرف أحد بوجودنا هنا. هيّا .. هيّا!
- اقترب آدم من الشجرة ونظر حوله مرتبكا ثم مدّ يده وقطف منها تفاحتين ناضجتين حمراوين وتقدم من حواء وأعطاها إحداهما.
آدم: تعالي يا حبيبتي. إني لا اقدر على زعلك مهما تكن النتائج. خذي هذه لك!
حواء: أشكرك يا حبيبي آدم. وقد أثبتّ لي عمليّا بأنك تحبني عن حقّ وحقيق, وأنك مستعد لعمل كلّ شيء من أجل إرضائي حفظك الرب لي وأبعد عنك جميع الشرور!
آدم: وهل عندي حواء أخري يا حياتي؟
حواء: أشكرك .. أشكرك ... أشكرك (ثم بدأت تعض على التفاحة باسنانها التي كانت تقطر شهوة وتستلذ أيّما استلذاذ بطريقة أكلها لها)
حواء: آه .. آه كم هي لذيذة يا حبيبي!
آدم: إنها فعلا لذيذة يا حبيبتي وندمت لماذا لم نفعل ذلك قبل الآن!
حواء: لقد قلت لك لكنّك لم ترد تصديقي!
آدم: كنت خائفا! أما اليوم فلا خوف وسوف نأكل كلّ يوم منها وكلّما اشتهينا الأكل منها.
حواء: هذا عين العقل.
(وفيما هما مخموران بنشوة الانتصار على كسر أقفال الشهوة, ومتذوقان عذوبة الطعم الذي لم يسبق لهما أن ذاقا مثلها, إذ بأصوات خطى تسير بالقرب منهما وتتجّه إلى مكان تواجدهما, فساد صمت مطبق وسيطر هلع شديد وارتبكت مفاصلهما وارتعدت فرائصهما, وكانت خشيتهما من أن يرى أحد التفاح في يديهما يأكلانه, عندئذ لا يفيد النكران أو اللجوء إلى الكذب للتملص من هذا الجرم المتلبس. وما كان من حواء إلا أن أخفت بيدها التفاحة وراء ظهرها فيما قام آدم برميها بعيداً عنه ليخفي آثار جريمته)
الصوت (بغضب): ما الذي فعلته يا آدم؟
آدم: ماذا فعلتُ؟ و مًنْ أنت؟ إني أرتعد خوفاً!
الصوت: ألم تعرفني بعد يا آدم؟
آدم: لا أرجوك قل لي! أكاد أموت من شدة الخوف!
الصوت: إنك قد متّ يا آدم و زوجتك منذ اللحظة التي أكلتما فيها من هذه الثمرة المحرّمة!
آدم: كيف أكون قد متّ وتراني وتسمعني أكلّمك وأحسّ بوجودك؟
لقد متّ بوقوعك في الخطيئة!
آدم: الخطيئة؟ ما هي هذه الخطيئة, إنها لفظة جديدة عليّ؟
الصوت: لقد سألتني فأمرتك بالامتناع عن أكلها.
آدم: أنا لم أسألك, بل سألت حارس الجنة!
الصوت: وهل وافق لك على الأكل منها؟ ألا تعلم أن كلّ شيء يسير بإرادتي ويدار بأمري وموافقتي؟
أدم: الآن عرفتُ!
الصوت: وكيف ستبرّر وقوعك في مستنقع الخطيئة هذا يا آدم وقد أصبحت إنسانا تحت نير الخطيئة من لحظة تناولك من الثمرة؟
آدم: ماذا تعني بكلمة إنسان يا سيّدي؟
الصوت: أعني أنك ستخرج مطرودا من وجهي, ولن تعود تراني وستعيش آلامك وأوجاعك, وتشعر بجوعك وعطشك, فتكثر مآسيك وويلاتك و تبحث عن رزقك وقوت يومك بجهدك وعرقك!
آدم: أرجوك ... أرجوك يا سيّدي لا تعاقبني على جرم ارتكبته مرغما ومدفوعا إليه. أنا لم أكن السبب!
الصوت: أتعني بذلك ضلعك حواء؟ أعرف يا آدم كلّ شيء. لكن لماذا ضعفت فقد كان ذلك لك اختبار العمر, وقد فشلت فيه! لماذا ضعفت أمام إغراءات المرأة وسلطان الشهوة فارتكبت الإثم؟ أين سلاحك الذي هو وضميرك وإرادتك؟
آدم: أرجوك سامحني هذه المرة. وسوف لن أكرّرها البتة!
الصوت: ليست لك مرة أخرى يا آدم بل لك سقوط مريع إلى أسفل. فقد بتما عارفين - منذ اليوم - الخير من الشرّ وانفتحت أعينكما وقد تغامران وتعيدان المعصية فتمدا يديكما إلى شجرة الخلود, لتأكلا منها, فتخلدا إلى الأبد! عليك أن تغادر على الفور وسيقودك من هو مكلّف بهذه المهمة.
( أسرعت حواء إلى صدر آدم, ودفعت بوجهها إليه وهي تبكي بكاء مرا, مبدية أسفها الشديد وشهوتها التي قادتهما معا إلى الهلاك, طالبة منه الصفح والمسامحة والغفران)
آدم: لم تعد أية فائدة من جميع هذه الأشياء يا عزيزتي, فقبول الاعتذار أو رفضه لن يعيدنا إلى ما كنا عليه قبل اليوم ولا الذي خسرناه في معركة فاشلة, وعلينا أن نبدأ رحلة الحزن والمتاعب وسط بحر من هموم الكون وسيكتب لنا الموت في حينه. في وقت لم يكن شيء من كل هذا!

SamiraZadieke 05-07-2006 09:03 PM

ابدعت يافؤاد بهذه المحاورة بين ادم وحواء وكتبتها بأسلوب مشوق يجذب القاريء لقراءتها. وإنك بحر من العطاء ولا تدعنا نمل مطلقا باركك الرب لتعطينا هده العطاءات الرائعة ...ولتدم لنا مبدعا في كل المجالات واسمح لي ان اختار النهاية الجميلة التي انهيت المحاورة بها فاكتملت المحاورة ولبست أحلى حلة,,,,
آدم: لم تعد أية فائدة من جميع هذه الأشياء يا عزيزتي, فقبول الاعتذار أو رفضه لن يعيدنا إلى ما كنا عليه قبل اليوم ولا الذي خسرناه في معركة فاشلة, وعلينا أن نبدأ رحلة الحزن والمتاعب وسط بحر من هموم الكون وسيكتب لنا الموت في حينه. في وقت لم يكن شيء من كل هذا!

fouadzadieke 05-07-2006 10:44 PM

إنك رائعة على الدوام يا أم نبيل سلم قلمك وأشكر لك هذا التعليق الجميل وهذه الثقة وهذا التشجيع الكبير منكم ودمت بكل خير يا حبيبتي.

georgette 05-07-2006 10:52 PM

آدم: أرجوك ... أرجوك يا سيّدي لا تعاقبني على جرم ارتكبته مرغما ومدفوعا إليه. أنا لم أكن السبب!
الصوت: أتعني بذلك ضلعك حواء؟ أعرف يا آدم كلّ شيء. لكن لماذا ضعفت فقد كان ذلك لك اختبار العمر, وقد فشلت فيه! لماذا ضعفت أمام إغراءات المرأة وسلطان الشهوة فارتكبت الإثم؟ أين سلاحك الذي هو وضميرك وإرادتك؟

فعلا محاورة رائعة وظريفة وعجبتني هالاسطر التي لا تحتاج لشرح

fouadzadieke 05-07-2006 11:08 PM

كل الشكر لك يا أختي جورجيت على مرورك الذي أسعدني ودامت كلماتك الجميلة. ومشاركاتك الرائعة.

دكتور سهيل 05-07-2006 11:39 PM

مشكور جدا الاخ العزيز فؤاد على هذه الخاطرة او المحاورة الجميلة جدا والتي تعبر عن البشرية كلها في شخصية ادم وحواء
محاورة تثبت ان مزيج البشرية كلها في هاتين الشخصيتين ما صنعتهما يد الرب

وفقك الله

طيف 07-07-2006 12:50 PM

الأخ الـعــزيــز فــؤاد
حــواريـــة جــمــيــلـــة ســلـمـت يـــداك وابـــداعــك الــرائــع
بــلــغــنــي مـن صــديـق نـقــلا عـن ادم أن حــواء أنـهــت الـحــوار بالـطــريـقــة الـتــالــيــة :
(حـســنـا يـا حـبــيــبـــي لـنــتــرك لــهــم الــجــنــة_ يـشــبــعــو فــيــهــا _ و لــنــنــزل إلــى الأرض , ومــا أدرانــا أنــهــا لـيــســت أحــلا مـن هــنــا ؟؟ )
يــعــنـي لـسـا كــان بــدا تــكــابــر ههه
مــحــبــتــي

athro 07-07-2006 04:54 PM

سلمت يداك
الأستاذ فؤاد
ربما لا زال هناك بعد كل ذلك .....من تقول
أن حواء........... ليست السبب في كل هذه النعَم التي نحن بها
حواء تغري .........وآدم يمتثل لرغباتها
نعم يا سيدي
اختصرت نزول آدم وحواء الى الأرض بحواريتك الممتعه.
ولقد أبدعت يا سيدي بسردك المشوق ؛واصبت لب الموضوع
وأظهرت ضعف آدم أمام حواء برغم معرفته بأن الخطيئه تأتي بالأغراء
لم أرى احدى الأخوات تعلق على ضلع آدم؛ بل اكتفينا بالاشاره .

ها ها ها
..........ومع ذلك رضخ لأغراء حواء وكان ما كان

لك كل تقديري
ودمت لنا مبدعاً
اثرو

الياس زاديكه 07-07-2006 05:28 PM

إنها خطة مدروسة ومنظمة من قبل الله سبحانه وتعالى ..... الذي وضع هذه الخطيئة كقانون إلزامي للرجل لرضوخه لإغراءات حواء التي لا يعجز على مقاومتها .
لقد سردت هذه الخطيئة بإسلوب مشوق وحنكة بارعة ،، سلمت وسلمت لنا يداك أيها الكاتب والشاعر والمؤرخ فؤاد زاديكه

fouadzadieke 07-07-2006 09:14 PM

الأخوة الأحبة والأفاضل
دكتور سهيل
الأخ الفاضل طيف
الأستاذ أثرو
أخونا الجميل الياس
أشكركم كل الشكر على مروركم الطيب وعلى ما جئتم به عارضين لتعليقاتكم التي أسعدتني وجعلتني ألمس بوضوح أن هناك ارتياحا كبيرا لما يكتب وأرجو أن تكون فيه الفائدة كذلك لنا جميعا فالتواصل بين الأفكار والآراء التي يحملها ويطرحها الآخرون شيء جميل. إني كبير بكم وبحضوركم الكريم وشكرا مرة أخرى


الساعة الآن 11:50 AM.

Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke