جاء مُسَخَّرًا .. رجع مُحرَّرًا

[الاخ زكا]

كتاب طعام وتعزية:الأربعاء 26 / 4 / 2017
جاء مُسَخَّرًا .. رجع مُحرَّرًا

«فسَخَّروا رَجُلاً مُجتازًا كان آتيًا من الحقل، وهو سمعان القيرواني أبو الكسندرُس ورُوفُس، ليحمل صليبه» ( مرقس 15: 21 )

كان سمعان القيرواني رجلاً يهوديًا وُلِدَ وعاش في بلاد القيروان، التي هي ليبيا ( أع 2: 10 ). ولم يكن تواجد سمعان في أورشليم صُدفةً وقت صلب المسيح بل «لكي يَثبُت قصد الله حسب الاختيار، ليس من الأعمال بل من الذي يدعـو» ( رو 9: 12 ). ربما أتى إلى أورشليم ليُعيِّد عيد الفصح، والتوقيت الإلهي ضبط رجوع سمعان من الحقل مع وقت خروج المسيح لتنفيذ حكم الصلب، وجرَت العادة أن الشخص المحكوم عليه صلبًا، يحمل الصليب إلى مكان تنفيذ الحكم، وطبقًا للقانون الروماني يمكن تسخير أي شخص لمسافة ميل واحد ( مت 5: 41 ). وتم تسخير سمعان القيرواني للقيام بهذه المأمورية؛ أن يحمل صليب المسيح مسافة حوالي ميلاً، وذلك نظرًا لِما عاناه المسيح من ضرب وجَلْد. ولكن لكي يثبت قصد الله حسب الاختيار، ساقت أعمال العناية الإلهية كل الظروف، ليحمل سمعان صليب المسيح، وحمل سمعان الصليب على مَضَض، وكأنهُ هو الذي يُنفَذْ فيه حكم الموت. وبالطبع تبادل سمعان النظرات مع المسيح في هذا المشوار الصعب، وربما تبادلا الكلمات أيضًا. ولا نعلم ماذا حدث بينهما في الطريق؟ ولكن الذي نعلمهُ أن السهم قد نفد إلى قلب سمعان، فتم تحريره من قيوده، ومن سُخرة الرومان واليهود.

لقد صعد سمعان هضبة الجلجثة مُسخَّـرًا، ونزل منها مُحرَّرًا. والسبب في ذلك أن المسيح سُمِّـرَ فوق الصليب، ومحَا بالصليب الصك الذي كان على سمعان، وقد رفعه من الوسط مُسمرًا إيَّاه بالصليب، إذ جرَّد الرياسات والسلاطين أشهَرهم جهارًا ظافـرًا بهم ( كو 2: 14 ، 15). وصار سمعان حرًا طليقًا، بل نكاد نسمعهُ يقول: ”ذهبتُ مُسخَّـرًا ورجعتُ مُحرَّرًا“. وتم المكتوب «فإن حرَّركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا» ( يو 8: 36 ). لقد انكسر فخ الصيادين؛ رومان ويهود، وانفلتت نفس سمعان، وطاف كالعصفور حرًا طليقًا ينشد نشيد الحرية، طائرًا إلى منزله حاملاً أخبار التحرير، وسمعت هذه الأخبار زوجته وابناه ألكسندرس ورُوفُس، وعرفوا الحق والحق حرَّرهم ( يو 8: 32 ؛ قارن رو16: 13).

منسى ملاك