Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الثقافي > موضوعات ثقافية

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-07-2005, 08:25 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 48,245
افتراضي تأملات

تأملات





هلْ تتجزأ القيمُ الإنسانية؟ وهل يستغلّ فهمها ومحاولاتُ ممارستها مثل مفاهيم العدالة الاجتماعية والعدل والحق والإنصاف والمساواة وغيرها مما يصبّ في بحر هذه الخانات من مصطلحات ومفاهيم إنسانية عامة وشاملة لها ارتباط مباشر في سلوكية المرء وانعكاس كبير على نمط حياته ومصدره سلوكياته؟ وإذا أجبنا بنعم! فهل في محاولة تجزيء هذه المفاهيم مساسٌ بقيمة الإنسان الحضارية- وهي الهدف المرجو من كل هذه المعادلة- ككائن بشري ومخلوق ومن حقّوقه الشّرعية أن ينعم في حياة عادلة ومنصفة لا تغبنه هذا الحقّ، أما متى أجبنا بالنفي - وهو ما لا يقبله الإنسان على وجه الدنيا- فإنه ستتمّ ممارسته بشكل أو بآخر عبر وسائل وأساليب سلوكية تعرّض قيمته للابتزاز وحقّه للقهر والاغتصاب وكرامته للإهانة والحطّ من سموّ رفعتها الواجب الإبقاء على توازنها وثباتها ليعدل ميزان الكون.

كان لابدّ لنا من أن نعي وحدانية هذه القيم بغض النظر عن مساسها بمفاهيم لا تزال مقدسة لدينا كالدين والعادات والتقاليد المتوارثة بغض النظر عن مدى ملاءمتها مع معطيات الواقع الجديد والمتطوّر لكل مناحي الحياة وعلى مختلف الأصعدة فمعظم الفلاسفة والأنبياء والمفكرين والكتّاب وغيرهم ومن خلال ما أبدعوه من أفكار نيّرة وهدي تعليم يقود إلى ما يرتقي بطموح الإنسان ويحقّق له فرضية البروز كقوة مؤثّرة وفاعلة لتتحوّل إلى واقع معاش وملموس، إن جميع هذه النصائح والقيم والأفكار وما نتج عن قريحة هؤلاء المبدعين للسعي إلى إحقاق الحقّ وإنصاف المظلوم وإرساء قواعد العدل الاجتماعي والإنساني، إلا أننا نجد أن الكثير والكثير جداّ من هذه النتاجات المبدعة والأفكار السامية تتعرّض من آن لآخر ومن زمن لزمن ومن عهد لآخر – وفي معظم أرجاء العالم بلا استثناء- إلى هزّات عنيفة وانتهاكات مقذعة وابتزاز هابط بالروحانيات إلى درك السفالة الآدمية وسوء معاملة وقهر متغلغل في الإنسان من قمة رأسه إلى أخمص قدمه، أقول جميعها لم تفلح.

لطالما وجدتْ جميع هذه القيم للحفاظ على صحة الإنسان الفكرية والروحية والوجدانية والنفسية والأخلاقية، والارتفاع به إلى المرتبة التي كان عليها قبل أن يهوي إلى قعر هذه الرذيلة الفكرية والتي شاءتها له قوانين الخلق الإنساني في أن يكون أسمى الخلائق و أرقاها، ألا يحقّ له أنْ ينعم بعطاء هذه القيم والأفكار ويمارسها بحرية دون اعتداء فكري أو جسدي بشكل أو بآخر أو ممارسات تعرقل ممارسته لهذا الحق ويحرمه منه؟

لاشك أن معادلات النسبية تلعب دورها الكبير في إمكانية تطبيق هذه القيم الإنسانية لكن الشيء المطلق في هذه الممارسة هو الإنسان ولطالما سعى بقوة إلى النهوض من تحت أنقاض هذه القيم البالية وركام الرفض المستمرّ، والتي لا تجعله قادراً على الوقوف بثبات على قدمين راسختين لمواجهة مستحقّاته من الإبداع والممارسة الفعلية لمجموع الخير المتمثل في هذه الأفكار، فإن هذا السعي لابدّ أن تكون له نتائجه المرجوة لكي يخرج من دوّامة ضياعه ويقلب موازين كل القوى الغاشمة والقاهرة لإرادته في ممارسة حقّه في الوصول إلى الرفعة البشرية التي لا تأتي على أنقاض غيره من أبناء إنسانيته العامة كيلا تنحدر به –كما انحدرتْ بغيره- إلى أدراك منحطّة وهو الأولى بحياة الرفعة والسموّ والعلو الأخلاقي.

لا أعتقد أنّ عملية تجزئة هذه القيم وزعزعة وحدتها المتماسكة وممارستها وفق معايير مزدوجة – من تكن الجهة التي تسعى إلى الترويج لها- ستستوي وتكون قادرة على خلق الظروف المواتية لكي يتمتّع هذا المخلوق البشري بصفاته الإبداعية والجمالية، وما محاولة تجزيء هذه القيم إلا مسخ لهذه الصورة الجمالية ومحاولة يائسة للتعتيم على روحانيتها بضبابية الغوغائية والأيديولوجيّات المتعفّنة المريضة والقاتمة من أجل زعزعة وتشويش هذه اللوحة الإبداعية مع ما فيها من حبّ الانتماء الإنساني الشامل غير المجزوء أوالمشروخ.

إن الارتفاع بمستوى المسؤولية الواعية والمنفتحة والبعيدة عن ضيق الأفق الخانق ومنظار التوجّه الواحد الوحيد الذي لا يقبل بسواه، وإقرار مبدأ حسن التعامل مع مختلف مكوّنات المجتمع الإنساني انطلاقاً من تطبيق روح هذا على الفرد أولا ومن بعد ذلك ستسهل بالتأكيد العملية وسيتمّ الإحساس بهذه القيم وممارستها على صعيد الواقع والذي هو مسرح أحداثها الرئيس.



إن إلغاء الوصاية المجزوءة الداعية إلى الانغلاق والانقفال على ما بداخل الإنسان من أهواء وهموم وإرهاصات، تسيء ولا ترقى به إلى مستوى طموحه الإبداعيّ في النهوض بفكره وروحه وعقله بما يكفل له وحدانية هذه القيم مجتمعة والتي هي بحدّ ذاتها تمسّ الفرد وتخدمه كاستقلالية ذاتية تنهض بسبل كفيلة لإنعاش إنسانيّته وإسقاط أنانيّته، هذه الأنانية والتي على الأغلب هي المصدر الذي ينبعث منه شقاء الإنسان ويتبلور في محيط علاقات تكوين شخصيته التي ستسيء هي الأخرى وتصبح منتمية إلى قيم التجزئة وفكر الرفض بدل القبول، وبهذا فإنها تساهم في عملية فقد توازن هذه المعايير القيمية والمناهج الأخلاقيّة.



الطريق الصحيح للوصول إلى ما يرجوه المرء من رغد العيش وإنصاف الحياة هو أن تتولّد لديه الرغبة في الانفتاح الواعي والمدرك والمتفاعل، انفتاح هادئ من خلال الحوارالدمقراطي الذي نفتقد ممارسته وليبدأ كلّ من ذاته من خلال دمقرطة أسلوب حياته مع نفسه وأسرته ومن ثم مع بيئته ومجتمعه والعالم ومتى تحقّق له النجاح في هذا المسعى أوصل فكرته وأسهم في رفعة شأن بيته الصغير وبيته الكبير ومن ثم البيت الأكبر.

وإلى أن يظلّ الإنسان غير قادر على الإعلان عن نفسه بحرية وديمقراطية وعن فكره بممارسة هذه القيم بموجب قيود من المجتمع والبيت والحياة ستبقى موازين هذه القيم الحضاريّة مهتزّة الأركان بليدة المستوى الفكري صريعة أوهام ستظلّ تفتك بكل شيء حسن وكلّ وجه خيّر وستبقى الأركان غير ثابتة الأحكام !!!

التعديل الأخير تم بواسطة fouadzadieke ; 03-07-2005 الساعة 09:24 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:10 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke