![]() |
Arabic keyboard |
#1
|
||||
|
||||
![]()
قراءة في مثل أزخيني
في لهجة آزخ الكثير من الأمثال والأقوال المأثورة والحكم التي استطاع أهل آزخ خلال عهود طويلة أن يجمعوا منها كمّاً عظيماً وقد تنوّعت مجالات استعمال هذه الأمثال فيما يناسبها من القول والفعل أو الحال التي ضربت من أجله. وهذا يدلّ دلالة واضحة أن أهل آزخ كانوا وصلوا إلى مراحل لابأس بها من الوعي والتفهّم وإلا لما كان بمقدورهم استنباط هذا المجموع العظيم من الأمثلة. ويطيب لي بين الفينة والأخرى أن آتي على مثل من هذه الأمثال بالنقد والتحليل والدراسة والتوضيح ليتمكن الأخوة القراء من الوقوف على معاني هذه الأمثال وما هي الغاية التي ضرب من أجلها، وإن أمكن يتمّ مقارنتها مع أمثال مشابهة لها من الشعوب المختلفة إن وجدت أو من أمثال أزخينية تصبّ في ذات الخانة من حيث المقصود به والمعنى المراد منه. أحب هذا اليوم أن آخذ بالعرض والشرح المثل الأزخيني والذي يحمل من المعنى الشيء الكثيروهو: "كِترتنْ جَرَبْ، وقِلّتنْ زهبْ" والمراد من هذا المثل التحدث عن البنين والبنات وما يدلّ على أن عدم الخلفة وإنجاب الأولاد إنما أمر محزن ومقرف في حد ذاته، لما للأولاد من أهمية في حياة الوالدين فهم يكملون مسيرة اللأسرة في استمرار التكاثر والتوالد ولن تذهب الأسرة التي يتمّ فيها التكاثر إلى نهايتها كما هو عند الأسر التي لا تنجب فهي ستنقرض في يوم ما. ولذا يقول أهل آزخ وفي هذا المعنى أيضاً: "الخلّف ما مات" أي وإن مات فإن هناك من يقيم أسماء الموتى ومن يجعل الأسرة تستمرّ في مسيرة وجودها البشري. ومن الملاحظ لدى هلازخ أنه كانت لديهم رغبة شديدة في نظم الكثير من الأمثال على الوزن والقافية أو على ما يسمّى سجعاً وهناك المئات من هذه الأمثال مما يدلّ على روح الاحساس بالشاعرية لدى هلازخ. والمعنى الذي يريده قائل المثل: هو أن عدم وجود الأولاد أمر صعب التحمّل كما أن الإكثار منهم (أي من إنجابهم) يتعب ويحتاج إلى كثير من الجهد والعمل فكأن قلّتهم تعادل الذهب في قيمتها وكثرتهم هي مثل عدمهم أيضاً ليست تريح! ويقول هلازخ ممّا يقولونه في هذا الصدد: "من قلّة البنين سمّوا الكلب ياسين" أي أن لا أولاد لهم حاولوا تبني الكلاب لتكون في موضع أولادهم رغبة منهم في التعويض عمّا حرموا منه. ومتى كثر الأولاد في الأسرة فإنه يقال:" خرا فوق خرا" وهو أيضاً يعطي معنى غير مقبول أو يدلّ على عدم ارتياح. ويقولون أيضاً: "فلان ما عندو لا ولد ولا تلد" أي ليس له أولاد يلدون أولاداً يتابعون مشوار استمرار الحياة في العائلة. كما ليس لهم امرأة وهي التي تلد، لتعطي هي الأخرى زخم استمرار الحياة. ويقول هلازخ في هذا المعنى أيضاً: "فلان بيتو راح الميرات" أي انقضى أمره ولم يعد لديه في الأسرة من ينوب عنه ليرث ما تركه فيرثه في هذه الحال الغرباء ويعني لم تعد له ذريّة. في لهجة آزخ الكثير من جماليات الفكر والتفكير الانساني الدالّ على النضج والفهم والمقدرة على التعامل مع ظروف الحياة والمستجدات الطارئة. |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|