Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الأزخيني > ازخ العراق

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-01-2012, 09:24 PM
وحيد كوريال ياقو وحيد كوريال ياقو غير متواجد حالياً
Member
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 64
افتراضي حكايات قديمة من قرية ازخ

حكايات قديمة من قرية ازخ
وحيد كوريال ياقو
كانون الثاني - 2012
لا يخفي على احد ان لكل شعب عادات وتقاليد خاصة به ، وان لكل قوم ممارسات واعراف معينة يمتاز بها ، وكذلك فأن لكل مدينة او قرية مهما كانت صغيرة خصوصية معينة من هذه العادات والتقاليد والممارسات تمتاز بها او تميزها عن غيرها من المناطق ، ويكون لها قصص وحكايات خاصة بها او منسبة اليها تنسجم او تتوافق الى حد ما مع طبيعتها او مع طبائع الناس الذين يعيشون فيها ، وقد يكون العكس صحيحا ايضا اي ان طبائع الناس تتبع طبيعة المنطقة التي يعيشون فيها ...
وقد تكون اكثر هذه الحكايات غير واقعية ولا اساس لها من الصحة ولا تمت للحقيقة بصلة اي انها تكون من نسج الخيال ، وقد تكون بعضها حقيقية ولبعضها الاخر القليل من الواقعية ، ولكن مهما يكن فتلك الحكايات والقصص تعتبر ارثا حضاريا وثقافيا وتاريخيا تمتاز به تلك المنطقة ويفتخر بها ابنائها ويعتزون بها بدليل انهم يتناقلونها عبر الاجيال ويحكونها للاطفال بأسلوب ممتع ومشوق ليستمتعوا بها ويتأثروا بمضمونها ، وبذلك يضمنون ديمومتها واستمراريتها ...
من هذه الحكايات الطريفة اخترنا بعض الحكايات القديمة التي تناقلتها الاجيال عبر قرون عديدة في قرية ازخ التي هي احدى قرى ابناء شعبنا في شمال العراق ، وهي قرية صغيرة سواء من حيث عدد السكان او من حيث مساحة اراضيها الزراعية ، ولكن لها قصص وحكايات كثيرة حالها حال بقية قرى ابناء شعبنا الاخرى ، ومنها نختار :-
+ الحكاية الاولى :-
حكاية تقسيم الاراضي الزراعية بين قريتي ازخ وهرماشي
هذه الحكاية ليس بالضرورة ان يكون لها اي اساس من الصحة او الواقعية ، ولكن الاجيال تناقلتها عبر قرون عديدة لغرابتها وطرافتها ، وهي تشير ببساطة الى الطريقة الغريبة التي تم تقسيم الاراضي الزراعية بين قرية ازخ وشقيقتها قرية هرماشي المجاورة لها والتي تقع على مسافة قريبة منها الى الشرق ، ويرتبط اهلها بعلاقات قوية جدا مع اهالي ازخ وتربطهم اواصر قرابة مع بعضهم البعض الى الحد الذي يعتقد الكثير ان القريتين هما قرية واحدة ويدمجون اسميهما معا فيقولون ( ازخ هرماش ) ...
وقبل ان نقص الحكاية لا بد ان نعطي صورة او وصف مختصر جدا لموقع القريتين ، فهما قريتان متجاورتان تقعان في فسحة من الاراضي الزراعية المنخفضة تحيط بهما جبال عالية من كل الجهات واراضي القريتين منبسطة امامهما وعلى جانبيها ولا تتجاوز قمم الجبال المحيطة بها اي السفوح المواجهة لها ..
وتأتي ازخ اولا ولهذا يذكر اسمها اولا وتقع امام وادي كبير ( كلي ) يسمى بأسمها يشق الجبل الذي خلفها الى نصفين ، واما امامها فيمتد جبل شديد الانحدار كثير الاشجار يسمى محليا ( نزارا ) يمتد شرقا الى منتصف المسافة بينها وبين شقيقتها قرية هرماشي لينتهي بأنحدار شديد الى وادي عميق ومنخفض يسمى ( كلي ديرا خطري ) نسبة الى قرية ( ديرا خطرا ) التي تقع الى الجنوب من القريتين ، ومن ثم يبدأ بأرتفاع اشد ليكون جبل اخر يمتد شرقا امام قرية هرماشي يسمى محليا ( كيري ) يكون في بعض اجزائه قائما تقريبا ..
وكلي ديرا خطري الذي يقع في منتصف المسافة بين كل من ازخ وهرماشي هو الحد الفاصل لأراضي القريتين ، وان امتداد هذا الكلي شمالا هو وادي يقترب كثيرا من ازخ وحيث ان الاراضي التي تقع الى الشرق منه هي لقرية هرماشي واما التي تقع الى الغرب منه فهي لقرية ازخ ، وبذلك يكون ما يقارب ثلثي هذه الاراضي لهرماشي والثلث الباقي لأزخ ، ولا احد يعرف ما هو السبب في ذلك حيث من المعروف ان الحد الفاصل يكون عادة منتصف المسافة او الجبال التي تفصل القرى عن بعضها البعض ، او بعبارة اخرى ان القرية كانت عادة تقع او تبنى في وسط الاراضي الزراعية التابعة لها لكي يسهل الوصول اليها بيسر وسهولة في تلك الازمان التي لم يكن هناك وسائل مواصلات سريعة ، وان شذوذ هذه القاعدة هنا بين ازخ وهرماشي لها حكاية طريفة يعرفها معظم اهالي القريتين ...
تقول الحكاية :-
في قديم الزمان عندما اراد اهالي ازخ وهرماشي تقسيم الاراضي الزراعية الواقعة بين القريتين التجأوا الى طريقة غريبة غير متبعة سابقا في اية منطقة اخرى ( وهذا هو طبعا سر او سبب بقاء هذه الحكاية ) وتتلخص الحكاية في اختيار اكبر عجوز سنا في كل من القريتين ازخ وهرماشي لتنهض من تلقاء نفسها صباحا وتسير بأتجاه القرية الثانية والنقطة التي يلتقيا فيها تكون حدود اراضي القريتين !!!
ولا احد يعرف او يذكر سبب اختيار هذه الطريقة الغريبة التي لم نسمع انها اتبعت في اية منطقة اخرى ، ولكن على ما يبدو ان الطرفين قد وافقا عليها وكل لأسبابه الخاصة ، ولربما ان اهالي ازخ قد وافقوا عليها لكون عجوزتهم اصغر سنا من عجوز هرماشي واقوى منها واكثر نشاطا وحركة وتستطيع السير اسرع منها وبذلك ستقطع مسافة اكبر وسيحصلون على اراضي اكثر وبذلك سينتصرون على اهالي هرماشي ...
واما اهالي قرية هرماشي فقد يكونوا قد وافقوا على الشرط لكونهم يعرفون ان عجوزتهم بالرغم من كونها اكبر سنا من عجوز ازخ ، الا انها محبة للارض كثيرا ومجدة في العمل وانها لا تبالي التعب ابدا ولا تطول في النوم فحتما ستنهض مبكرا وستبذل كل ما بوسعها واكثر من طاقتها وستقطع مسافة اكبر من نظيرتها عجوز ازخ ، وبذلك سيحصلون على اراضي اكثر وسينتصرون على اهالي ازخ ...
ومهما يكن فقد اتفق الطرفان وحددوا يوم المسابقة وكان يوم احد حيث هو يوم عطلتهم فجميع الناس لا يذهبون الى العمل وسيشاهدون المسابقة ..
ويقال ان في ذلك اليوم الموعود نهضت عجوز هرماشي مبكرا جدا قبل ساعات الصباح الباكر وحتى قبل صياح الديك واخذت عكازتها وخرجت الى الطريق المؤدي الى ازخ لتسير في الظلام الدامس متكية على عكازتها تتعثر احيانا وتسقط احيانا اخرى من دون ان تبالي ، وكلما تتعب كانت تتكيء على عكازتها وتنظر الى امامها وتقول لنفسها ، لأصعد هذا المرتفع لكي يكون لنا وهناك ارتاح ، وبعد ان تجتاز المرتفع تتكيء مرة اخرى على عكازتها وتنظر الى المنخفض الذي امامها وتقول لأنزل هذا المنحدر ولأعبر هذا الوادي المنخفض حيث ان النزول اسهل من الصعود ليصبح كل من المنحدر والوادي لنا ايضا وهناك سأرتاح قليلا ، وهكذا واصلت سيرها تصعد مرتفعات الطريق وتنزل منخفضاتها من دون توقف متكية على عكازتها ومرتمية بكل ثقلها عليها وهي تترنح من تعبها من دون ان ترتاح لا في الصعود ولا في النزول ، وبذلك قطعت مسافة كبيرة واقتربت كثيرا من ازخ ...
وفي المقابل يقال ان عجوز ازخ التي كانت اصغر منها سنا قد نهضت من نومها في ذلك الصباح مبكرا ايضا ، ولكنها لثقتها بنفسها من انها ستفوز لا محال في هذه المسابقة على منافستها عجوز هرماشي الاكبر منها سنا ، ولكي تظهر بالمظهر المناسب عند فوزها وانتصارها عليها ، فقد انشغلت بغسل وجهها وتمشيط شعرها وتزيين نفسها واختيار ملابسها قبل ان تخرج الى الطريق المؤدي الى هرماشي لتسير بجد ونشاط وثقة بالنفس متباهية بمظهرها وملبسها ، ولكنها بعد ان قطعت مسافة قصيرة تفاجأت بنظيرتها عجوز هرماشي وهي متكية على عكازتها وقادمة بأتجاهها عند وادي قريب من قريتها ازخ ، وعندها عرفت انها اضاعت فرصة الفوز في هذه المسابقة على نفسها وعلى ابناء قريتها بسبب اهتمامها بمظهرها وملبسها ولكن الوقت كان متأخرا طبعا ...
وهكذا اصبح هذا الوادي نقطة التقاء العجوزين الحد الفاصل لأراضي قرية ازخ مع اراضي شقيقتها قرية هرماشي بحسب هذه الحكاية التي لا شك انها غير واقعية ولا اساس لها من الصحة ، ولكن الملاحظ ان اهالي هرماشي اكثر تعلقا وارتباطا بقريتهم من اهالي ازخ ، ودليلنا على ذلك ان هجراتهم كانت اقل من هجرات اهالي ازخ ، وكذلك ان عدد الذين تركوا قرية ازخ خلال القرن العشرين كان اكثر بكثير من الذين تركوا هرماشي .
+ الحكاية الثانية :-
حكاية ( سُرمي وحذاء السفو )
معظم اهالي ازخ يعرفون حكاية ( سُرمي وحذاء السفو ) او قد سمعوا بهذه القصة ، ولكن لا احد منهم يعرف من هي ( سُرمي ) هذه ، ولا في اي زمن كانت ولا من اية عائلة كانت ، وكذلك لا احد منهم يعرف ما نوع هذا الحذاء الذي يسمونه ( حذاء السفو ) ولا يعرفون شكله ولا لونه …
وانا شخصيا سألت الكثير من ابناء القرية وخاصة كبار السن عن هذه القصة ان كانت حقيقية ام لا ؟ وعن نوع هذا الحذاء ؟ ولكني لم اجد الجواب الشافي عند اي منهم لا عن نوع الحذاء ولا عن القصة وظروفها وتاريخها …
وعلى اي حال فأن قصة ( سُرمي وحذاء السفو ) هي ليست اكثر من حكاية بسيطة ومختصرة جدا والتفاصيل المتداولة والمنقولة عنها قليلة جدا ولا تكفي ابدا ان تكون قصة ، حيث ان مفادها ان امرأة اسمها ( سُرمي ) قد باعت نصف اراضي ازخ مقابل زوج حذاء اعجبها كثيرا يسمونه ( حذاء السفو ) ، وتنتهي الحكاية عند هذا الحد من دون اية تفاصيل اخرى …
بالطبع ان هذه القصة المختصرة جدا لا تصلح او لا تكفي ان تكون قصة او حكاية ، ولكنني ادرجتها هنا لأنها ان كانت حقيقية او ان كانت قد حصلت ، فأنها بطبيعة الحال سوف لن تكون فقط قصة او حكاية قديمة من ازخ ، لكننا نستطيع ان نقول انها كارثة من كوارث ازخ او واحدة من الكوارث الكثيرة التي حلت على ازخ …
وبعيدا عن القصص والحكايات والاساطير فان ما جعلني اشير الى هذه القصة ايضا هو ان واقع الحال لأراضي ازخ يشير الى ان شيئا من هذا القبيل قد حصل ، فأذا ما لاحظنا موقع ازخ التي تقع بيوتها على مرتفع وامامها وعلى جانبيها تنحدر اراضيها الزراعية والحقول والبساتين ، فأننا نلاحظ ان اكثر من نصف هذه الاراضي ليست حاليا ملكا لأهالي ازخ ، فمعظم الاراضي التي تقع الى الغرب منها يملكها اكراد يسكنون في ( اتروش ) التي تقع الى الغرب منها ، واما الاراضي التي امام القرية والى الشرق منها فصحيح انها من املاك اهل القرية ، ولكن الكثير منها ليست مسجلة بالطابو بأسمهم ، ويقال ان ملكيتها تعود بالاصل الى عائلة مالكة من الموصل …
نعود ونقول ان هذه الحكاية التي لا تصلح ان تكون قصة اذا ما كانت قد حصلت ، فهي كارثة من كوارث ازخ ، واما على صعيد القصص والحكايات فلا يسعنا الا ان نقول للسيدة ( سُرمي ) مبروك لك هذا الحذاء الفاخر الذي لا احد من اهالي ازخ يعرف ما نوعه وما شكله ، ولكنهم بالطبع يعرفون انه كان غاليا جدا حيث ان قيمته كانت نصف اراضي ازخ الزراعية …
والله يكون في عون اهالي ازخ ليستطيعوا ان يتحملوا بالاضافة الى المصائب الحقيقية التي حلت عليهم ، هذه المصائب المحكية حيث بعد ان خسروا الكثير من الاراضي في القصة الاولى بسبب اهمال عجوزهم ( الكشاخة ) وعدم جديتها واهتمامها بنفسها ومظهرها وملبسها ، ها هم يخسرون نصف اراضيهم المتبقية التي باعتها السيدة ( سُرمي ) مقابل زوج حذاء لا احد منهم يعرف ما نوعه وما شكله .
+ الحكاية الثالثة :-
حكاية النصب الطبيعي ( اخونا وخاثا ) الاخ والاخت
في منتصف المسافة بين قريتي هرماشي وبلان اللتان تقعان الى الشرق من ازخ او قبل ذلك بقليل وقبل ان يصل المرء الى المرتفعات التي تفصل اراضي هرماشي عن بلان فعندما ينظر المرء الى جهة الشمال سيشاهد صخرتان كبيرتان شاخصتان منتصبتان فوق اعلى قمة على الجبل وخلفهما صخرة ثالثة اصغر منهما ، ولكونها بعيدة عن الطريق فيبدوان وكأنهما شخصين واقفين فوق قمة الجبل وخلفهما شخص اخر ، واما اذا كان الوقت ليلا والظلام دامسا فيبدوان كشبحين شاخصين في السماء ...
لأهالي ازخ وهرماشي والمنطقة حكاية طريفة عن هاتين الصخرتين ، توارثوها عن ابائهم واجدادهم وهم بدورهم يحكونها ويقصونها لأطفالهم ، فيستمتعون بها ولهم فيها اغراض ...
تقول الحكاية او الاسطورة :-
كان قديما يعيش في تلك المنطقة رجلا طيبا لديه زوجة مطيعة وطفلان صغيران ( ولد وبنت ) ، وحدث ان توفيت الزوجة لسبب ما والطفلان ما زالا صغيران فأصبحا من غير ام ومن غير من يهتم بهما ويرعاهما حيث لا يوجد مثل الام من تهتم بأولادها ...
وما حصل ان الرجل تزوج من امرأة اخرى لكي تكون له زوجة كبقية الناس تقوم بخدمته وفي نفس الوقت ترعى اولاده ، وهكذا اصبح للطفلين المسكينين زوجة اب !!! .
وكعادة كل زوجة اب مع مرور الزمن بدأت تتعامل معهما بقساوة وشدة وتكلمهما بغضب وتشغلهما طوال الوقت ، فكانا يخرجان من الصباح او قبل الصباح الباكر ليرعيا الخراف طوال النهار ، وفي المساء عندما كانا يعودان الى البيت تشغلهما بأعمال المنزل التي كان من المفروض ان تقوم بها هي ..
وهكذا اصبح الطفلان المسكينان يعيشان ايامهما بتعاسة وشقاء بسبب قساوة زوجة ابيهما وسوء معاملتها لهما ...
وحدث في احد الايام عندما عاد الطفلان بخرافهما مساءا الى البيت ان كان احد الخراف قد ضاع منهما ، فثارت عليهما زوجة ابيهما وغضبت كثيرا وامرتهما ليعودا الى الجبل ليبحثا عن ذلك الخروف المفقود وان لا يعودا الى البيت الا والخروف معهما والا ستكون عقوبتهما قاسية وشديدة لا بل مميتة !!! .
وهكذا اضطر المسكينان الرجوع الى الجبل الى حيث ما كانا يرعيان خرافهما ليبحثا عن ذلك الخروف المفقود الذي ضاع منهما ، فبحثا عنه في كل مكان فوق قمم الجبال وفي عمق الوديان الى ان حل الظلام من دون ان يجدا خروفهما الضائع ومن دون ان يعثرا على اي اثر له ، فبدأت الاشباح تتراءى لهما خلف كل شجيرة وامام كل صخرة ، وبدأت اصوات الذئاب المفترسة تتعالى وهمهمات الدبب تتقارب اليهما في ذلك الظلام الدامس والبرد القارس وهما يبحثان عن خروفهما الضائع من غير جدوى ..
وبعد ان فقدا املهما في ايجاده وتيأسا من ذلك ، اصبحا في حيرة من امرهما ، فلا يستطيعان العودة الى البيت من دون الخروف الضائع لأن زوجة ابيهما ستعاقبهما اشد العقاب ، ولا يستطيعان الاستمرار في البحث عنه في ذلك الظلام الدامس والبرد القارس خوفا من الاشباح المخيفة والحيوانات المفترسة ، فأصبحا في حيرة من امرهما ، فوقفا هناك فوق قمة الجبل العالية يبكيان ويطلبان من الله ان يشفع عليهما ويساعدهما وينقذهما من محنتهما ، فطلبا من الله ان يحولهما الى صخرتين لكي يتخلصا من هذا العذاب ، عذاب زوجة الاب القاسية وعذاب الخوف من الظلام الدامس والبرد القارس ، وقد استجاب الله لطلبهما فحولهما الى تلك الصخرتين الشاخصتين الواقفتين فوق قمة ذلك الجبل العالي ...
وعندما لم يعودا الى البيت لم يكن هناك من يسأل عنهما بطبيعة الحال سوى ابن عمهما الذي كان في نفس عمرهما والذي كان يحبهما كثيرا ، فخرج يبحث عنهما في كل مكان ، وعندما وصل الى قمة الجبل العالية وجدهما قد تحولا الى تلك الصخرتين الواقفتين هناك ، ولحبه الكبير لهما ولتعلقه بهما ما كان منه الا ان يطلب هو الاخر من الله ان يحوله هو ايضا الى صخرة ليبقى معهما ، وهكذا استجاب الله لطلبه هو ايضا وحوله الى تلك الصخرة التي تقع خلفهما ...
يسمى او يعرف مكان هذا النصب الطبيعي بـ ( خونا وخاثا ) اي الاخ والاخت ، ولكن عندما تحكى القصة يسمونها قصة ( خونا وخاثا وبرد عما ) اي قصة الاخ والاخت وابن العم ...
هذه القصة الاسطورة كانت غالبا تحكيها او تقصها الامهات لأطفالهن لكي يطيعونهمن ولكي لا يخالفون اوامرهن فيسببون لهن متاعب وازعاجات يموتون بسببها وهكذا سيتزوج ابيهم ويجلب لهم زوجة اب ستعاملهم بقساوة وشدة وتعذبهم وتشغلهم كثيرا تماما كما فعلت زوجة الاب في هذه القصة !!! .
وهكذا كانوا يجعلون الاطفال يطيعون امهاتهم وينفذون كل طلباتهم ويتعلقون بهم ولا يخالفون لهم اي امر لكي لا يسببون لهم متاعب والام يموتون بسببها فيتزوج والدهم ويجلب لهم زوجة اب تعذبهم وتتعامل معهم بشدة وقساوة ..
ليحفظ الله كل الامهات لكي لا يكون هناك لأي طفل زوجة الاب ، حيث لا احد يعرف ما معنى ان يكون للطفل زوجة الاب سوى الذين لديهم زوجة الاب ، وليتقي الله كل طفل من اية قسوة سواءا كانت من زوجة الاب او من غير زوجة الاب .
+ الحكاية الرابعة :-
حكايات ( مروراها )
( مروراها ) كما يلفظها اهالي ازخ هو القديس ( مار اوراها الطبيب ) وهو الشفيع الثاني للقرية حيث الشفيع الاول هو القديس ( مار كيوركيس الشهيد ) الذي كنيسته تقع خلف القرية مباشرة ، بينما مزار ( مروراها ) يقع الى الشرق منها بمسافة قصيرة ، وهو مكان مقدس جدا لدى اهل القرية ، فبالاضافة الى كونه مزار شفيعهم الثاني ( مروراها ) فهو مقبرة القرية التي دفن فيها ابائهم واجدادهم الذين يكنون لهم كل الاحترام والتقدير ، وهم عادة يكنون للقبر قيمة كبيرة واحترام الى درجة التقديس ..
واما المزار نفسه فهو بسيط جدا ، ولا يتعدى عن مغارة صغيرة تقع في جوف وادي صغير ولها باب صغير من الحجر منخفض بحيث لا يستطيع المرء ان يدخله الا منحنيا اوجالسا ، واما في داخل هذه المغارة فلا يوجد شيئا سوى بركة ماء شحيحة تجف احيانا كثيرة في الصيف ، تحيط بهذه المغارة اشجار كثيرة ومتنوعة باسقة وكبيرة يحرم قطعها او عمل اي شيء منها حيث يعتبرونها مقدسة هي الاخرى ، وهناك ايضا على مسافة ليست ببعيدة وعلى جانب الطريق صخرة صغيرة تسمى ( حجر مروراها او حجر فرك الظهر ) ولهذا الحجر اهمية وقدسية خاصة لدى اهالي القرية والمنطقة كلها وله حكاية خاصة سنوردها فيما بعد .
يقال ان ( مروراها ) كان يسكن تلك المغارة او قد اتخذها مسكنا له في زمن ما لا احد يذكر متى كان ذلك ، وقد عمل اعاجيب كثيرة وشفى المرضى واتسم بشهرة واسعة في المنطقة ولهذا اتخذه اهالي القرية شفيعا ثانيا لهم ..
وقد كان الناس قديما وحديثا يقصدونه من مختلف المناطق القريبة والبعيدة من مسيحيين ومسلمين واديان اخرى للتبرك به وطلب الشفاء منه ، فيستعملون ماء مغارته للشفاء من امراض كثيرة ويتكون على حجر فرك الظهر للشفاء من الام الظهر ..
وقد ذكر هذا المزار في بعض المصادر التاريخية ، ولكن بحسب علمي لا احد يذكر متى قدم ( مروراها ) الى هذا المكان ، وهل هو نفس القديس ( مار اوراها ) صاحب الدير المعروف بجانب ( باطنايا ) والذي رافق القديس ( الربان هرمز ) الذي بنى ديره في جبل ( القوش ) ؟ .
ومهما يكن فلقدوم ( مروراها ) الى هذا المكان هناك اكثر من قصة محكية لدى اهالي القرية نذكر منها اثنتين بالاضافة الى بعض الحكايات الاخرى عنه :-
+ حكاية قدوم ( مروراها ) الاولى :-
هناك من يقول ان ( مروراها ) كان يسكن بالقرب من قرية هرماشي المجاورة لأزخ من الشرق ، ولسبب ما ضجر هناك فحمل صخرته على ظهره ومسك بها بيديه من جانبيها من الاسفل ونقلها الى هذا المكان بالقرب من ازخ ، فتقعرت الصخرة على ظهره وطبعت اثار اصابعه عليها بقدرة الله ليسهل حملها ونقلها ..
وتفاصيل القصة تكمن في ان ( مروراها ) كان يسكن في مغارة صغيرة تقع على سفح الجبل الذي خلف قرية هرماشي ( هذه المغارة ما زالت موجودة الى يومنا هذا ، ارضيتها رمل ابيض خشن يسمى محليا خيس وهو عادة ما يتكون من جريان الماء ) حيث يقال انه كان هناك في السابق عين ماء تنبع من هذه المغارة التي كان مروراها يتخذها مسكنا له ، وما حدث ان في احد الايام قدم رحل ( قرج ) الى المنطقة ، وبدأت النساء يغسلن ملابسهن الرثة وملابس اطفالهن الوسخة في ماء ساقية هذه العين التي كان الناس يعتبرونها مقدسة ، فضجر ( مروراها ) كثيرا وقرر مغادرة المكان وهكذا حمل صخرته المعروفة على ظهره ونقلها الى ازخ بعد ان طلب ان تجف عين الماء تلك .
+ حكاية قدوم ( مروراها ) الثانية :-
بينما هناك من يقول ان ( مروراها ) قد جاء الى هذا المكان قادما من مكان بعيد ، وبعد ان انهكه التعب جلس ليرتاح تحت ظلال هذه الاشجار ، فأتكى بظهره على تلك الصخرة فتقعرت على ظهره بقدرة الله واتخذت شكلا مقعرا من الامام لكي يرتاح اكثر ولا يتألم ظهره ، ولهذا احب تلك الصخرة كثيرا وقرر البقاء هناك فأختار تلك المغارة القريبة مسكنا له .
ومهما يكن فأن اهالي ازخ يعتبرون ( مروراها ) شفيعهم الثاني ويساوون بينه وبين شفيعهم الاول ( مار كيوركيس ) ، ولهم حكايات كثيرة عن عجائبه ، وهو يتراءى لهم كثيرا في منامهم ويظهر دائما في احلامهم وهو برفقة شفيعهم الاول ( مار كيوركيس ) وهما ممتطيا جواديهما الاحمر والابيض وخاصة فوق ساقية الماء المجاورة للقرية ( دراوا ) التي تقع في منتصف المسافة تقريبا بين مزار ( مروراها ) وكنيسة ( ماركيوركيس ) التي تقع خلف القرية مباشرة ...
من هذه الحكايات نذكر اثنتين فقط ، الاولى مدونة في بعض المصادر والثانية دليلها ما زال موجودا وله اعتباره الخاص لدى اهالي القرية والمنطقة .
+ حكاية الكبش الكبير :-
حكاية الكبش الكبير هي من الحكايات التي يتداولها اهالي ازخ كثيرا ، ويتباهون بها كثيرا حيث يظهرون فيها قوة شفيعهم ( مروراها ) وقدرته على عمل الاعاجيب ..
تقول الحكاية :-
في احدى السنين قدم الى المنطقة رعاة غنم رحل ( كوجر ) ، ولما وصلوا الى مزار ( مروراها ) رأوه مكانا مناسبا للتوقف فيه حيث هناك الخضار الكثير والاشجار الكبيرة ذات الظلال الكثيفة ، فأرادوا المبيت هناك ، فنصبوا في ساحة المزار من دون ان يبالوا بقدسية المكان ، فذهب اليهم بعض اهل القرية وابلغوهم بأن المكان مزار مقدس ولا يجوز المبيت فيه وايواء الحيوانات هناك ، وطلبوا منهم الرحيل والابتعاد عن المكان ، فلم يبالوا لكلام اهل القرية ولم يستجيبوا لطلبهم وقالوا لهم :- ان كان هذا المكان مقدسا كما تقولون ، فليأخذ صاحب هذا المكان هذا الكبش الكبير الذي هو اغلى ما نملك واهم ما لدينا له ليبين لنا انه مكان مقدس ، ولم تنفع معهم كل محاولات اهل القرية بالرحيل والابتعاد عن المزار فأصروا البقاء هناك والمبيت في المزار ، وهكذا باتوا ليلتهم هناك .
وفي الصباح عندما ارادوا الرحيل فأذا بالكبش الكبير لا يتحرك من مكانه ، وبعد محاولات ومحاولات كثيرة لم يستطيعوا من ايقاف الكبش على رجليه ، فذهب كبيرهم الى القرية وقال لهم :- تعالوا واذبحوا الكبش الكبير نذرا لقديسكم ( مروراها ) لأنه فعلا قديس وان هذا المكان فعلا مقدس ...
وهكذا غادر هؤلاء القوم الرحل المكان من غير الكبش الكبير الذي قبلوا ان يقدموه نذرا لـ ( مروراها ) ، ولكن لا نعرف لماذا لم يأمنوا بما كان يدعوا اليه هذا القديس ؟!!! .
+ حكاية حجر فرك الظهر :-
على جانب الطريق الذي يؤدي من ازخ الى هرماشي وبعد ان يجتاز المرء مزار ( مروراها ) بقليل ، يشاهد هناك حجرا كبيرا متميزا مركونا منذ زمن قديم على حافة الطريق مباشرة ، شكله مكور او كروي تقريبا ، يبلغ قطره حوالي المتر وهو غير منتظم حيث واجهته الامامية تتخذ شكلا مقعرا وفيه بعض الثقوب من الاسفل على الجانبين ...
يسمى هذا الحجر بـ ( حجر فرك الظهر ) وله اهمية كبيرة لدى اهالي القرية والقرى المجاورة والمنطقة كلها ، حيث يعتبرونه حجرا مقدسا ويعتقدون انه الصخرة التي اتكأ عليها شفيعهم ( مروراها ) ، او التي حملها على ظهره وجلبها معه الى هناك ، فطبع ظهره عليها بقدرة الله واتخذت شكلا مقعرا لكي لا تؤذي ظهره ، ولهذا يستخدمونها للشفاء من الام الظهر التي كانت منتشرة بكثرة لدى الناس انذاك بسبب طبيعة اعمالهم الشاقة والاحمال الكبيرة التي كانوا يحملونها على ظهورهم ، وذلك بالاتكاء عليها وفرك الظهر بسطحها الامامي المقعر عدة مرات والطلب من صاحبها القديس ( مروراها ) الشفاء او تقوية الظهر ، طبعا بعد تقديم العطاء اللازم له ..
وللشهرة الكبيرة التي اكتسبها هذا الحجر فقد كان لزاما على كل من يمر من هناك ان يقف امامه ويتكيء بظهره عليه او يفرك ظهره به عدة مرات ومن ثم يقبله احتراما وتقديرا لـ ( مروراها ) ولكي يشفي له الام ظهره او يقوي له ظهره او لكي لا يتعرض الى الام الظهر ..
ولأهالي القرية قصص كثيرة وحكايات عديدة عن شفاء المؤمنين المتبركين بهذه الصخرة التي لهذا السبب بقيت هناك كل هذا الزمن .
هذه هي بعض الحكايات التي بقيت في ذاكرتي من ايام الطفولة القليلة التي عشتها في قريتي ازخ ، وبالتأكيد هناك الكثير منها لذلك ارجو من كل من لديه المزيد منها او اية ملاحظة عليها او اضافة اليها ان يكتبها لكي تكتمل الصورة اكثر وشكرا
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-02-2012, 10:52 AM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 45,594
افتراضي

حكايات لها تاريخ و للتاريخ ذكريات و للوطن شوق و في الفؤاد حنين و حسرة. كل موقف و حدث و حديث له شئون و شجون يا استاذ وحيد و لا يمكن أن تموت هذه الأحاسيس الجميلة و الراقية أبدا. لقد قرأت و استمتعت و أنا من محبّي أسلوبك الجميل و المعبّر و من الصور التي تختارها و الأمثلة التي تضربها لكل حادث و حديث. لك خالص محبتي و احترامي و تقديري و لعائلتك الكريمة و كل أبناء آزخ المنتشرين في أصقاع المعمورة سلامي و حبي.
__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19-02-2012, 08:32 PM
الياس زاديكه الياس زاديكه غير متواجد حالياً
Super Moderator
 
تاريخ التسجيل: Jul 2005
المشاركات: 14,102
افتراضي

أي يقن وآمن أستاذ وحيد أنا بوش أحب أستمع وأقرء چيروكات أيام زمان وخصوصي إذا ألها علاقة بآزخ وشعبها تشكر لهذا السرد الجميل والمشوق والحكايات الرائعة . هات سمعنا أكتر ياطيب
تقديري ومحبتي
الياس زاديكه

__________________
www.kissastyle.de
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:21 AM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke