Forum of Fouad Zadieke   Arabic keyboard

العودة   Forum of Fouad Zadieke > المنتدى الأزخيني > طور عبدين

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-11-2007, 09:39 PM
الصورة الرمزية ابو سومر
ابو سومر ابو سومر غير متواجد حالياً
Titanium Member
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
المشاركات: 910
افتراضي دينة كشكر: أول مدينة مسيحية في بلاد الرافدين

فؤاد يوسف قزانجي

كشكر أو كسكر أقدم مدينة مسيحية في العراق، لعل معناها في الآرامية عامل الزرع. بنيت على شاطئ دجلة في مجراه القديم جنوب العراق قرب الكوت، وتبعد عن بغداد زهاء 170كم. وكانت تقع شرق مدينة واسط التي بناها والي العراق الحجاج بن يوسف الثقفي في مفتتح القرن الثامن الميلادي "702م".


من المرجح ان كشكر كانت مدينة آرامية بنيت قبل الميلاد على أنقاض بلدة "خسرو سابور" وكانت تسمى "بيت كشكراتي" (1)، وتقع وسط كورة أرمايي في زمن الفرثيين التي تشمل حوض دجلة الأدنى من أطراف النهروان الى البحر "الخليج العربي". اشتهرت المدينة بمنتجاتها من الحبوب كالحنطة والشعير والأرز، كما ذاع صيتها بتربية الدجاج والبط وورد ثناء على دجاجها في كتاب الحيوان للجاحظ.
وكانت كشكر أول مدينة في بلاد الرافدين تجاوبت مع دعوة مار ماري تلميذ الرسول مار أدي، حيث اهتدى أهلها الى المسيحية قبل ان يهتدي أهل ساليق "سلوقية" والذي كان قد وجد في بادئ الأمر صعوبة في هدايتها بعكس كشكر. وكان أهلها ذوي علم وأدب وذكاء وحذاقة لم يبلغ اليها غيرهم، وكان مار ماري قد وجد في كشكر معبدا يسجد فيه للشيطان ما يشبه النسر وفيه تمثال يدعى "نيشار". وقد صنع مار ماري في كشكر أعمال بر وقد شفى بعض المرضى حتى ان كاهن المعبد نبذ الأصنام، واقتدى به كثيرون من أهل المدينة فاعتنقوا عبادة الله الحي. وبنى مار ماري لهم كنيسة قبل ان ينحدر الى ديرقوني وميشان ثم يعود الى ساليق.
ونظرا لأهمية كشكر التي أصبحت مركزا مشعا للمسيحية فقد اعتبر مطران كشكر نائبا للمطران أو لرئيس الأساقفة في بلاد الرافدين وذلك عند شغور كرسي ساليق- طيسفون مركز رئيس الأساقفة. وحدث انه في فترة خلافية بين الأساقفة شغل كرسي الجاثليق مطران كشكر لفترة ثلاث سنوات "567-570م" (2).
كان قد أقيمت في كشكر عدة أديرة منها الدير الذي أنشأه الراهب "راموي" وكذلك الدير الذي أقامه "ققرا" قرب نهر دجلة بجوار "جيلتا" و"غائن". كما أسس مار سركيس دودا ديرا "بجبل" كشكر. وفي أيام مار سركيس كان حنينا الحديابي قد ذهب الى نصيبين حين جهد في الدعوة والهداية بين الوثنيين، وألف كتبا عدة وتاريخا كنسيا ثم قدم كشكر وهناك قضى نحبه (3).
ومن الشخصيات في مدينة كشكر في القرن الثالث الميلادي "القديس" ارخيلاوس الكشكري الذي كان أسقفا لكشكر ولعله أول أسقف لها. صنف بالسريانية كتابا يحتوي على جدل جرى بينه وبين الهرطوقي "مانسس" الذي كان قد أنكر على المسيح صحة ناسوته، وأسم الكتاب "ضد مانسس" (4).
وكان مار يوحنا الذي أصله من مدينة كشكر ايضا ذهب وأنشأ ديرا في "جبل" اوروك (5).
كان الملك الساساني اردشير الأول "224-241" قد احتل كشكر ودمرها انتقاما لمسيحيتها وصمودها ضد هجومه الكاسح على العراق، لكن بعد حين عاد العديد من سكانها، وازدهرت من جديد. وكان "تومرصا من كشكر" قد عقدت له رياسة الأساقفة في طيسفون وكان يطوف المدن ويعمر البيع أي الكنائس، وكان يعرف غوامض الناس. وبقي في هذه الرئاسة مدة سبع سنين ودفن في طيسفون (6).
وكان مار سبريشوع قد امره الملك الفارسي بالذهاب والبقاء في مسقط رأسه على أثر خلاف بينه وبين المطارنة الآخرين. فلما ذهب الى كشكر عمد الى بناء دير في الموضع المعروف باسم "بزاد نهرواثا" وقام بهداية الكثيرين الى المسيحية هناك (7). وفي القرن السادس الميلادي برز الراهب ابراهيم الكبير الكشكري الذي تضلع في علوم الدين وقصد الحيرة ثم الاسكندرية وسيناء وتعلم هناك أنظمة الرهبان والزهاد ثم عاد. ومن مصنفاته "سفرة في قوانين الحياة النسكية" طبعه المستشرق شابو في روما سنة 1898 .
وفي زمن خسرو "كسرى" الأول انوشروان "531-579" وُسعت كورة كشكر وأضيف عليها كورة بهر سير وكورة هرمزدخره وكورة ميسان وجُعلت طسوجين هما خسروسابور والزندورد، فلما مصّر المسلمون الأمصار فرقوها. واشتهرت كشكر بزكاء الأرض وجودة الغلات، وكانت مدينة كبيرة وواسعة خراجها في زمن الاسلام اثنى عشر ألف مثقال كما يذكر ياقوت الحموي، وكان أهلها لا يريدون الخروج سيما وان معظمهم مسيحيون يدفعون الجزية، لكن الشاعر عمران بن حطان سخر من أهلها قائلا: (8)
فلو بعثنا بعض اليهود عليهم
يؤمهم أو بعض من تنصرا
لقالوا رضينا إن أقمت عطاءنا
وأجريت ما قُدسن من برّ كسكرا
سميت كشكر في زمن الاسلام بكسكر، وكانت المدينة آنذاك تتألف من أربعة مناطق هي الزندورد شمالا والثرثور والجوزار والأستان. وكان يجري فيها ثلاثة جداول من الفرات هي صلة وبرقة والريّان. دعا المسلمون أهلها بالنبط أي الآراميين أو السريان. وقد ورد ان الحجاج منع بقاء النبط في واسط. وقد نقل الحجاج الى قصره في واسط أبوابا من بعض عمارات أديرة كسكر مثل دير سباط ودير مار سرجسان "فضج أهل المدينة المسيحيين وقالوا قد أمنا على مدننا وأموالنا، فلم يلتفت اليهم" (9).
أهملت مدينة كشكر، ثم تداعت في القرن الحادي عشر للميلاد، ولم يبق منها الآن غير آثارها التي لم يجر التنقيب عنها.


المصادر:


(3) ايشو عدنا ح "ت860" الديورة في مملكتي الفرس والعرب أو العفة، نقله الى العربية الأب بولس شيخو. الموصل: مطبعة النجم، 1939 "ص52-58".
(4) قاشا، "الخوري" بيوس. حياة مريم العذراء. بغداد: مطبعة الديوان، 2004 "ص123".
(5) ايشو عدنا ح. الديورة في مملكتي الفرس والعرب. المصدر السابق "ص60".
(6) ماري بن سليمان. أخبار فطاركة كرسي المشرق من كتاب المجدل. طبع في روما، 1899 "ص28".
(7) التاريخ الصغير "القرن السابع للميلاد" لمؤلف مجهول، ترجمة وتعليق الأب بطرس حداد. بغداد: مجمع اللغة السريانية/ المجمع العلمي العراقي، 1976 "ص63-64".
(8) الحموي الرومي، شهاب الدين ياقوت. معجم البلدان "مادة كسكر" مج4 "ص138".
(9) العلي، صالح احمد. معالم العراق العمرانية. بغداد: دار الشؤون الثقافية، 1989 "ص216-218" نقلا عن فتوح البلدان للبلاذري "ص209".

* أستاذ في الجامعة المستنصرية.


__________________
ܐܠܠܗܐ ܚܘܒܐܗܘ
ܡܘܢ ܢܐܬܪ ܒܪܢܘܫܐ ܐܢ ܥܠܡܐ ܢܩܢܐ ܘܢܦܫܗ ܢܝܚܣܪ
- الله محبة -

((ماذا ينفع الانسان لو ربح العالم وخسر نفسه ))

// الرب يسوع حامي بلاد الرافدين //
// طور عابدين بلد الاجداد الميامين //

التعديل الأخير تم بواسطة ابو سومر ; 18-11-2007 الساعة 10:16 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:21 PM.


Powered by vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
Translation by Support-ar
Copyright by Fouad Zadieke