الخدمة الحقيقية

[الاخ زكا]

الخدمة الحقيقية
اَلدِّيَانَةُ الطَّاهِرَةُ ..عِنْدَ اللَّهِ الآبِ هِيَ هَذِهِ: افْتِقَادُ الْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ فِي ضِيقَتِهِمْ، وَحِفْظُ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ ( يعقوب 1: 27 )

يُحكى عن زوجين كانا يصارعان لتعليم أولادِهما معنى الخدمة الحقيقية. فقد كان الأولاد يمتلكون كلَ شيء ويحصلون على كل مايشاؤون، وذلك لسنوات طويلة. أصبحوا معتادين أن تـُسدَّد احتياجاتـهم من قِبَل الآخرين، لدرجة أن فكرة الخدمة والمساعدة أصبحت موضة قديمة، من العصور الوسطى، أو خيالية من المريخ.
اكتشف الأب أنه قد تأخر في تدريب أولاده على الخدمة الحقيقية ولكنه عزم أن يبدأَ حالاً لئلا يخسرَهم. وقبل أسبوعٍ من العطلة المدرسية قال لعائلته: سنقوم بعمل شيء مُميز في الإجازة القادمة. أصغى الأولاد بكل انتباه، وكانوا متوقعين مفاجأة غير عادية من أبيهم، كالذهاب في رحلة بحرية إلى إحدى الجزر الاستوائية. ولكنْ خاب ظنـــُهم عندما أخبرهم والدهم بأنهم سيذهبون في مهمة خاصة. قال لهم: سنذهب إلى الملاجئ ودور الأيتام وسنقدِّم الطعام لهم لمساعدتهم. ”ماذا؟“ قال الأولاد: ”لا بد وأنك تمزح، أ ليس كذلك؟“ ولكنه لم يكن يمزح. ووافقوا بسبب إصرار والدِهم دون أن يــُبدوا حماسًا للفكرة. اعتقدوا أن أباهم أصبح غريب الأطوار، ليأخذَهم في مهمة خاصة. وتمنـــَّوا ألا يعرف أصدقاؤهم بما كانوا سيفعلون، خجلاً منهم.
لا أحد كان يمكن أن يتنبأ بما سيحصل في ذلك اليوم، ولم يذكر أحدٌ من أفراد العائلة أنه أمضى وقتًا أكثرَ متعةً من هذا الوقت معـًا. كانوا يتراكضون مِن وإلى المطبخ، يطهون اللحم ويصنعون الكعك ويُعدّون القهوة والشاي. كانوا يذهبون إلى الأولاد ويلعبون معهم، ويستمعون لأحاديث الكبار وقصصٍ من سالف العصر والأوان. كم كانت فرحة الأب كبيرة وهو يرى أولادَه يتجاوبون مع المهمة! وكم كانت دهشتــُه لسماع طلبهم بعد عدة أسابيع، كانوا يريدون أن يخصصوا إجازة ”الكريسماس“ لخدمة الآخرين! وهذا ما قاموا به فعلاً، وذهبوا وقابلوا من جديد الأشخاص الذين خدموهم في الإجازة الماضية. كانوا يشمِّرون عن سواعدهم ويخدمون الناس بكل قلوبهم. لقد آثروا المساعدة على التمتع بالإجازة لأنفسهم ... يا له من تغيير هائل حدث لهذا البيت! أصبح الأولاد أكثرَ جِدية، مُقدِّرين مسؤولياتــِهم تجاه الآخرين. لربما كانت بداية متأخرة، لكنها بداية موفقة.
يا إلهي هبني قلبًا مثل قلبِكَ الرقيقْ
في وداعةٍ ولطفٍ للجميعِ كالصديـــــقْ
يُسنِدُ كلَ ضعيفٍ ويواسي مَنْ في ضيقْ
قاصدًا إسعاد غيري هكذا طولَ الطريقْ

من برنامج كل الكتاب