كيف تقرأ الكتاب المقدس ... ؟
هل تقرأ الكتاب المقدس ....... ؟
سؤال الجواب عليه بسيط جدا ً و هو إما بالإيجاب أو النفي .....
لكن إذا كنت ممن يقرأون في الكتاب المقدس فاسمح لي أن اسألك السؤال الأهم من سابقه و هو : كيف تقرأ الكتاب المقدس ...... ؟
ليس المهم أن تقرأ الكتاب المقدس بقدر ما هو مهم جدا ً كيف تقرأه و تفهم أسفاره بكل ما تحتويه من قصص و حوادث تاريخية و نبؤات و غيرها الكثير الكثير ...
الكتاب المقدس هو باختصار رسالة الله للبشر و هذه الرسالة أوحى بها الروح القدس للأنبياء و الرسل في العهدين القديم و الجديد فدونوها على شكل أخبار مختلفة ، و لما كان عقلنا البشري المحدود عاجزا ً و قاصرا ً عن إدراك مقاصد الله الغير محدودة اقتضت حكمته أن يخاطبنا برموز معينة تتقبلها مداركنا في إطار الزمان و المكان الذي يقيد وجودنا البشري .
عندما نقرأ قصة الخلق مثلا ً في سفر التكوين تصادفنا رموز مختلفة الغرض منها تقريب الفكرة لعقولنا و من السذاجة أن نأخذ هذه الرموز بحرفيتها فنتصور مثلا ً أن الله خلق الكون في سبعة أيام حيث اليوم مكون من اربع و عشرين ساعة و فق مفهومنا البشري وهذه قمة السطحية .
اليوم في قصة الخلق حالة يرمز لها بفترة زمنية معينة قد تكون يوما ً أو قد تكون حقبة تمتد لآلاف السنين وفق مداركنا ....
ثمرة التفاح التي أكلها أدم و حواء بعد أن قطفاها من شجرة معرفة الخير و الشر بإيعاز من الحية و إلى ما هنالك حتى نهاية القصة ماهي إلا رموز مبسطة تدركها عقولنا عن أسباب انفصال الجنس البشري عن الله و سقوطه لتبدأ خطة الفداء المليئة هي الأخرى بالرموز من خلال الذبائح و خروف الفصح و غيرها الكثير الكثير من تجسيد القصد الإلهي في أمور محدودة يدركها العقل البشري .
السيد المسيح نفسه و هو الإله المتجسد صار بشرا ً مثلنا لنستوعب رسالته و نقبل على الخلاص من خلاله و لقد سبق مجيئه و رافقه ثم تلاه العديد من الرموز التي دونت في الكتاب المقدس عنه و اصبحت من صميم العقيدة المسيحية التي تقرب لاذهاننا سر التجسد الإلهي من خلال مفهوم ابن الله و كلمته و سر الفداء بالموت على الصليب .... كما أنه خاطب الناس الذين عاصروا حياته على الارض و من خلالهم يخاطبنا في الانجيل مرات كثيرة عن طريق الأمثال و القصص ليقرب لأذهاننا مفهوم ملكوت الله القاصرة عقول البشر عن استيعابه و إدراكه .
و هكذا شبه السيد المسيح في الانجيل ملكوت الله بأمور كثيرة و ربطه بالسماء و الفردوس و أورشليم السماوية التي قدمها لنا كرمز عن المكان الذي سيعيش فيه المؤمنون في حضرة الله و ينالوا نعمة البنوة و الاشتراك في المجد الإلهي ثم ربط الابتعاد عن الله و نتيجة الانفصال عنه بالدينونة و العذاب و رمز لها مكانيا ً بالجحيم و النار والظلمة الخارجية و غيرها من الأمور .
قال السيد المسيح وهو مصلوب للص عن يمينه : اليوم تكون معي في الفردوس .... ولم يقل له اليوم تكون في الفردوس لأن الفردوس كرمز هو في أن نكون مع الله و الحالة المعاكسة هي في أن لا نكون معه .
السماء و ملكوت الله و الفردوس والنار و غيرها حالات و ليست أماكن كما يصورها لنا العقل البشري لأن هذا العقل المحدود يحتاج لكي يستوعب الامور أن يلازمها زمان و مكان محددين يتناسبان مع محدوديته .
يقول الرسول بولس في رسالته الأولى الى كورنثوس :
لمَّا كنتُ طفلاً كطفل كنتُ أَتكلَّم ، وكطفل كنتُ أَفطَنُ ، وكطفل كنتُ أَفتكرُ . ولكن لَمَّا صرتُ رجلاً أَبطلتُ ما للطفل .
فَإِننا ننظرُ الآن في مرآةٍ ، فِي لغز ، لكن حينئذٍ وجهًا لوجه . الآن أَعرفُ بعض المعرفةِ ، لكن حينئذٍ سأَعرفُ كما عُرِفتُ .
كورنثوس الأولى 13 (11-13)
__________________
المهندس فادي حنا توما
|