عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-07-2014, 12:41 PM
الصورة الرمزية fouadzadieke
fouadzadieke fouadzadieke متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 46,069
افتراضي تاريخ العرب في مجال الجنس والجواري 2


تاريخ العرب في مجال الجنس والجواري
2

وإلى جانب الحرب والقتال كان هناك مصدر للرقيق وهو القضاء، فكل زعيم قبيلة هو قاضٍ بحكم مركزه، وباستطاعته أن يحكم على المجرمين والمرتكبين لأقل سيئة بالرق والبيع لتجار الرقيق، وكان هذا بطبيعة الحال أجدى من الحكم عليه مدة طويلة أو وجيزة بالسجن، وقد ذكر المؤلف لهذه المناسبة حادثة غريبة، وهي انه طلب نخاس يوما من أحد الملوك في أفريقيا أن يبيعه رقيقا، ولكن جلالته كان قد باع كل ما عنده من أسرى حرب أو مذنبين، فلجأ إلى حيلة يحصل بها على رقيق جديد، وكان قد سمع منذ زمن طويل شكاوي ضد عدة أناس في مملكته، فلم يعبأ بها لعدم أهميتها، غير أنه تذكرها واهتم بها في اللحظة التي طلب منه التاجر رقيقا يبتاعه، فجمع أولئك البائسين وحاكمهم وأدانهم ‏وحكم عليهم بالرق والتسليم إلى الرجل الأبيض، وتم كل شيء في نحو ساعة من الزمن.

الكشف على الأرقاء: وكان الأرقاء يكشف عليهم بمنتهى الدقة عند أماكن التصدير، فإن الرقيق المريض أو الهزيل ما كان يتحمل مشاق الرحلة إلى أمريكا، وإن تحملها ووصل سالما فإنه ما كان ليأتي بثمن يدعو إلى الرضا. وفي الكشف على الرقيق تفحص أسنانه وعضلاته وأعضاؤه وكل جزء من جسمه، وكان التاجر يحس جسم الرقيق بإصبعه ضاغطا بشدة في أماكن مختلفة منه ليثق من قوته، وربما كان نقص سن واحدة من الرقيق سببا برفض شرائه وتصديره، ولكن كثيرا ما كانت تتخذ حيلة عجيبة في هذا المجال، ومنها أن بعض العملاء كان يعطي الرقيق دواء فيتهيج تهيجا وقتيا، حتى يظهر وقت الكشف عليه وكأنه في خير وعافية، وقد رأى المؤلف في أولى رحلاته تاجر رقيق وهو يرفض شراء رقيق تبدو عليه الصحة فلما سأله عن ذلك قال له: إنه قد جرع دواء مهيجا ليستر مرضه ولكنه فطن إلى ذلك من أن نبضه أسرع من المعتاد وهذه شبيهه بالطريقة التي تتبع أحيانا في سباق الخيل إذ يحقن الجواد بمادة تهيجه وتجعله يسبق غيره.



وكان لهؤلاء الجواري أثر سيئ في الخلاعة المجون وانتشر عنهن شيء من الظرافة قلدهن فيها الناس كحب الأزهار وتعشقها، فقد كانت ميتما جارية علي بن هشام يعجبها البنفسج جداً. قال أحمد أمين في ضحى الإسلام: ونجح هؤلاء الجواري في أشعار الناس بالظرف والتزام حدوده، وكان للجواري فضل آخر وهو أنهن من أمم مختلفة، فهنديات وتركيات وروميات، وقد كان كل صنف يجلب وقد تكونت عاداته ثم أتين المملكة الإسلامية فنشرن عاداتهن ووقعت أبصارهن على عادات غيرهن فخضع ذلك كله لقانون الانتخاب، ويظهر أن الجواري كن أنشط من الحرائر في ناحية الإنشاء الأدبي وفي ناحية الإيحاء إلى الشعراء، ويرجع السبب في ذلك إلى النظام الاجتماعي. فقد كان الناس يغارون على الحرائر أكثر مما يغارون على الجواري ويحجبون الحرة، وكان أدب الجارية يقوم في سوق الرقيق بأكثر مما يقوم بدنها، والمال في كل عصر هو قوام الحركات الاجتماعية. لقد كانت الحروب في صدر الإسلام تكاد أن تكون دائمة، وكان النصر حليفا للمسلمين أينما توجهوا والبلاد المفتوحة والأمم المغلوبة للإسلام لا تعد، ولهذا كان الرقيق لا يحصى كثرة ومن أهم الغنائم التي تعود على الغانمين بالثروة الطائلة فإن مَنْ اُسِرَ من الكافرين المحاربين جاز للإمام أن يسترقه كما يجوز له أن يسترق أهل البلد الذي فتح بالحرب رجالا ونساءً، وهذا الرقيق يعدّ مالاً شأنه في ذلك شأن المتاع، فمن استرق في الحرب عد جزءاً من الغنيمة كالآلات الحربية والنقود والخيل، ومثله مثل كل شيء مقوّم، والإمام يأخذ خمسه للصالح العام والباقي يقسم على المقاتلين على تفاوت بين الفارس والراجل كما سنوضح ذلك في موضعه من هذا الكتاب. وقد كان الرقيق متنوعا مختلفا بتنوع الأمم التي اشتبك معها المسلمون في القتال ومنتشراً بين المسلمين، فقد كانت كيفية توزيعه على الغانمين من أعظم أسباب كثرته بين المسلمين وقد دخل في بيت كل منهم، ولما كان الرقيق ما لا تجري عليه العقود المالية من بيع وشراء وإجارة ورهن كان في متناول الناس جميعا، وقد أقيمت أسواق خاصة لبيعه وبذلك أصبحت البيوت الإسلامية وخصوصا بيوت الخلفاء الذين يندبون سماسرة لهم لشراء الجوار، كما يقول بعض كتاب عصبة الأمم تنتج من النسل ما يحمل خصائص الأمم المختلفة، فقد كان في بيت أبي جعفر المنصور أروى بنت منصور الحميري أولدها المهدي وجعفر الأكبر، وأمة كردية اشتراها وتسراها فولدت له جعفر الأصغر، وأمة رومية يقال لها قالي أولدها بنتا تسمى العالية، وكان للرشيد زهاء ألفي جارية، وللمتوكل أربعة آلاف سرية وكانت الجواري توزع على الفاتحين وتباع في أسواق النخاسين وتهدى كما تهدى الطرف اللطيفة. وذهب إعرابي إلى سوار القاضي فقال: إن أبي مات وتركني واخا لي، وخط خطين ناحية، ثم قال وهجينا لنا ثم خط خطا آخر ناحية ثم قال: كيف ينقسم المال بيننا؟ فقال: المال بينكم أثلاثاً إن لم يكن وارث غيركم. فقال له: لا أحسبك فهمت إنه تركني وأخي وترك هجيناً لنا؟ فقال سوار: المال بينكم سواء. فقال الأعرابي: أيأخذ الهجين كما آخذ ويأخذ أخي؟ فقال: أجل، فغضب الأعرابي، وقال تعلم والله إنك قليل الخالات بالدهناء.



وحكي الجاحظ قال: قلت لعبيد الكلابي وكان فصيحاً فقيراً؛ أيسرك أن تكون هجينا ولك ألف جريب؟ قال لا أحب اللؤم بشيء. قلت: فإن أمير المؤمنين أبن أمة؟ قال أخزى الله من أطاعه. ويقول الرياشي:

إن أولاد السراري كثروا يا رب فينا ربِّ أدخلني بلادا لا أرى فيها هجينا...

كان يتسرب سنويا عدد من الرقيق إلى بلاد العرب بطريق البحر الأحمر، وهؤلاء في بعض الأحيان يحملون جواز سفر من الحكومة الحبشية، فيسافرون كحجاج ليباعون في أسواق مكة المكرمة فاشتراهن الملك عبد العزيز وتسراهن وهو يستمتع بهن، وبينهن واحدة ولدت له أولاد وهي تقيم في القصر في القصر الملكي السعودي عدى النساء الشرعيات طائفة من الجواري السود اللواتي يدخلن في آية [وما ملكت أيمانكم] يفترشهن الملك وكذلك فهناك طائفة غير قليلة من السراري ويسموهن الكرجيات في مكة المشرفة فقد كان سوق النخاسة فيها دكة تسمى دكة العبيد وهي معروفة، يوقف عليها العبيد لعرضهم للبيع لقد غمر العالم الإسلامي بالسبايا، لكثرة الفتوحات والذين هم عنصر الغنيمة



ولما كانت أحكام الإسلام تجيز معاشرة الجواري (السراري) إلى جانب الزوجة أو الزوجات الشرعيات دون قيد ولا شرط، فقد كانت الجواري عنصرا هاما في حريم الخلفاء والأمراء والكبراء.
كان يتسرب سنويا عدد من الرقيق إلى بلاد العرب بطريق البحر الأحمر، وهؤلاء في بعض الأحيان يحملون جواز سفر من الحكومة الحبشية، فيسافرون كحجاج ليباعون في أسواق مكة المكرمة. وفي اليمن قبيلة تسمى بالزرانيق لها قلاع على سن البحر الأحمر، بارعة في القرصنة تهابها جميع قبائل اليمن تغزو المراكب الكبرى بسنابكها وتفتك بها، وهم النقطة الوحيدة التي يتهافت عليها النخاسون من الأقطار لشراء الرقيق.

[10] كان في بغداد شارع يسمى شارع دار الرقيق، انتهب في الفتنة بين الأمين والمأمون ونعاه الشاعر في قصيدة آخرها:

ومهما أنسى من شيء تولى فإنـي ذاكــــر دار الرقيق

[11] لقد غمر العالم الإسلامي بالسبايا، لكثرة الفتوحات والذين هم عنصر الغنيمة فيها فغصت قصور الخلفاء بالجواري والفتيات الحسناوات، حتى أصبحن في قصور الخلفاء في أواخر الدولة الأموية ذا مكانة عظيمة وتركن أثرا ظاهرا في الحياة الاجتماعية داخل البلاط وخارجه.

[12] قال ياقوت في معجم البلدان في ذكر (الجعفري) القصر الذي بناه المتوكل على الله من المعتصم بالله سنة 245هـ أن الدينار في أيام المتوكل خمسة وعشرين درهما فيكون كل مائة درهم بأربعة دنانير.

[13] وقد رأيت بخط الوالد رحمة الله، لقد غمر المجتمع الإسلامي بالسبايا بعد الفتوحات التي أهم عناصر الغنيمة فيها السبايا، فغصت قصور الخلفاء ورجال الدولة بالجواري والأقنان الحسان من أبناء البلاد المفتوحة، ومنهم أحيانا أبناء الملوك والأمراء. في أواخر الدولة الأموية كانت الجواري يثبتون في قصر الخلفاء مكانة هامة ويتركن أثرا ظاهرا في الحياة الاجتماعية داخل البلاط وخارجه، ولما كانت أحكام الإسلام تجيز معاشرة الجواري (السراري) إلى جانب الزوجة أو الزوجات الشرعيات دون قيد ولا شرط، فقد كانت الجواري عنصرا هاما في حريم الخلفاء والأمراء والكبراء، وكان الخليفة إلى جانب زوجته الشرعية، يحتفظ دائما في قصره بعدد كبير من الجواري الحسان اللاتي يخترن من بين السبايا أو يشترين بالمال، ويقمن في أجنحة خاصة بهن، وتجري عليهن النفقة الواسعة ويعشن في بذخ وترف، وقد تستأثر إحداهن أحيانا بعطف الخليفة وحبه فتغدو حظيته المختارة ويفضلها على سائر أزواجه وجواريه، وأحيانا يرزق الخليفة من حظيته ولدا، أو أكثر فتغدو أم ولد فهذه الدولة الأموية نرى أن بعض خلفائها يتخذون من نسل الجواري مثل يزيد بن الوليد بن عبد الملك، فقد كانت أمه فارسية من السبايا.



ونجد في الدولة العباسية ثبتا حافلا من خلفاء عظام ولدوا من الجواري، أولهم المنصور ثاني خلفاء بني العباس، فقد كانت أمه جارية تدعى سلامة. وكان للخليفة المهدي عدة جوارٍ شهيرات مثل رحيم التي رزق منها العباسة، والخيزران أم ولديه موسى الهادي وهرون الرشيد أعظم خلفاء الدولة العباسية. وكانت أم المأمون جارية تدعى مراجل، وكان المعتصم بالله والواثق والمستعين والراضي والمستكفي وغيرهم من خلفاء بني العباس جميعا من أبناء الجواري. ونجد بين خلفاء الأندلس عدداً من نسل الجواري، مثل عبد الرحمن الناصر أعظم خلفاء الأندلس فقد كانت أمه جارية أسبانية نصرانية تدعى ماريا، وكذلك هشام المؤيد بالله، فقد كانت أمه (صبح) الشهيرة (أورود) وهي جارية نصرانية بشكنسية (نافارية) لبثت زهاء عشرين عاماً تسيطر بنفوذها على حكومة قرطبة، وكانت اعتماد جارية المعتمد بن عباد وأم أولاده المعروفة بالبرمكية من أشهر نساء الأندلس وأسطعهن خلالاً. وفي مصر الإسلامية وصلت إحدى الجواري إلى ذروة الملك تلك هي شجرة الدر الشهيرة وهي الملكة الوحيدة التي تولت الملك بمفردها في تاريخ الإسلام كله. ونستطيع مما تقدم أن نقدر مدى ما انتهى إليه مركز الجواري في قصور الخلفاء من الأهمية والنفوذ، ولم يكن ذلك النفوذ سياسيا فقط بل كان اجتماعيا أيضا، وقد تعدى القصر إلى المجتمع الخارجي. فقد تحشد الجواري من مختلف الأمم ولا سيما الأمم النصرانية المجاورة مثل الدولة البيزنطية وأرمينية وبلاد البلقان وروسيا (أو بلاد الصقالبة ) وثغور الأدرياتيكك وجزر البحر الأبيض وأسبانيا ثم الأمم الإفرنجية القاصية ويؤتى بهن أيضا من الهند وتركستان والحبشة، وكان فيهن الأجناس الممتازة التي كانت تتمتع بحضارة رفيعة كالروميات والإيطاليات والهنديات، ولهن أثر عظيم في بعض نواحي الحياة الاجتماعية الإسلامية فقد كان منهن أعظم الموسيقيات والمغنيات والراقصات، ولهن أثر عظيم في سلالة المجتمع الإسلامي الرفيع (الأرستقراطية)، وقد كان الكثير من الأمراء من أبناء الجواري الحسان ذوات الشمائل الجميلة والشقرة الباهرة والعيون الزرقاء. وتملأ أخبار الجواري النابهات فراغاً كبيرا في الأدب العربي، وتستطيع أن تقرأ في كتب الأدب العربي فصولا فياضة وفيها الكثير مما يلقي الضياء على مبلغ ما انتهت إليه الجواري من رئاسة في الفنون الجميلة، ويورد ابن بطوطة نبذاً شائعة عن جواري قصور الهند.




__________________
fouad.hanna@online.de

رد مع اقتباس